صفير يبدأ جولة في الشوف اللبناني وجزين نافياً تنكره للعروبة ومؤكداً «المودة» مع سورية

دعا للالتفاف حول رئيس الجمهورية سعياً لاستقلال لبنان وسيادته

TT

بدأ البطريرك الماروني نصر الله صفير امس جولة على القرى والبلدات المسيحية في منطقتي الشوف (جبل لبنان) وجزين (الجنوب)، في اول زيارة له للمنطقتين اللتين شهدت اولاهما تهجير القرى المسيحية خلال الحرب الاهلية والثانية احتلالاً اسرائيلياً زال عنها صيف العام 1999.

واستهل البطريرك جولته، التي تستمر ثلاثة ايام، بالتأكيد «اننا لم نتنكر يومآً للعروبة» مشيراً الى ان علاقتنا مع سورية هي علاقة مودة... لكن لنا حق في الاستقلال والسيادة والقرار الحر». وامل في «ان يضع اللبنانيون ايديهم سوية تحت رعاية رئيس الجمهورية اميل لحود للوصول الى استقلال لبنان وسيادته».

وكان البطريرك صفير انطلق في جولته من مقر البطريركية الصيفي في الديمان (شمال لبنان). وقال امام زواره قبيل مغادرته: «يجب الا ننتظر من احد من الخارج كي يأتي وينقذ وطننا مما هو فيه. وعلينا نحن ان نتكاتف ونتضامن ونتعاون لكي نعمل معاً في سبيل انقاذ وطننا. وهذا ليس بالشيء المستحيل اذا عرفنا ان نتخذ الاتجاه الواحد بحيث نعمل يداً واحدة وقلباً واحداً في سبيل خيرنا المشترك».

وكانت اولى محطات صفير في خلدة حيث اعد له وزير الدولة طلال ارسلان استقبالاً حاشداً شارك فيه مشايخ دروز من مختلف مناطق الجبل وحاصبيا. والقى الوزير ارسلان كلمة رحب فيها بالبطريرك. وقال: «ان جولتكم الراعوية الكريمة قدرها ان تنعش الثقة وان تنعش الاعتدال وان تنعش الانفتاح بين ابناء المجتمع الواحد والارض الواحدة والتاريخ الواحد والمستقبل الواحد».

واضاف: «ان هذا البيت بيتكم ايها البطريرك وكل القرى قراكم والمدن مدنكم لان لبنان لكل اللبنانيين بلا تفرقة ولا تمييز فاما ان تكون بلاد الارز هكذا او لا تكون. ومنذ بدء الاعلان عن الجولة حددتم انها راعوية فأصبتم التحديد لتحافظوا على نزاهتها وتصونوا ابوتها واخوتها لكل اهل الجبل، الجبل اللبناني الذي عانى الكثير من الآلام وما زال يعاني الى ان تكتمل عودة اهلنا المهجرين، عودة حقيقية ووطنية ونهائية من دون منة من احد تطوى معها صفحة مأساتنا جميعاً، مقيمين وعائدين، الى الابد».

ودعا ارسلان الى «طي صفحة التعايش بين متنابذين لبناء هيكل الوحدة المعنوية». وقال: «نحن نتمسك بلبنانيتنا تمسكنا بالحياة، ونتمسك بعروبتنا تمسكنا بكرامتنا. وندرك حجم المخاطر التي تهددنا من اسرائىل وعدوانها المستمر وتمييزها العنصري لاننا احرار نشأنا واحرار سنمضي. وندرك ان لبنان قدره ان يحيا وان يدوم بالعلاقة المميزة المثلى مع الشقيقة التوأم سورية، اذ ان هذه العلاقة تحصن سيادة لبنان واستقلاله وقراره الحر».

ورد صفير على كلمة ارسلان مؤكداً: «ان زيارتنا اليكم والى منطقة الشوف وجزين هي زيارة راعوية. ولن تكون سوى زيارة راعوية». وقال: «لقد تشوقنا منذ زمن بعيد لكي نقوم بهذه الزيارة، لكن الظروف المعاكسة لم تكن لتسمح لنا بالقيام بها. ورأينا اليوم ان معظم الذين كانوا مهجرين قد عادوا وبنوا بيوتهم فعمر الزمن بهم. رأينا ان نلتقيهم في الجبل الاشم العامر الذي هو قلب لبنان النابض».

واضاف: «ان لبنان لجميع ابنائه. وما كنا لنفرق بين طائفة وطائفة وجماعه وجماعة. وما دمنا كلنا لبنانيين فاننا جميعاً نذود عن تراب لبنان ليبقى وطن الحرية والاستقلال والصمود والاباء والسلام».

واكد صفير: «نحن ما تنكرنا يوماً للعرب والعروبة. ونحن في ما بينهم. ولبنان معروف موقعه. واننا نريد ان نحافظ على هويتنا اللبنانية اولاً ثم لبنان العرب على ما حدده الدستور اللبناني. وان علاقتنا مع سورية هي علاقة مودة لأن لنا مصلحة مشتركة بأن نوثق أوثق العلاقات بين لبنان وسورية، وهما جاران وشقيقان. ولكن لنا حق في الاستقلال والسيادة والقرار الحر. واننا لنأمل ان يضع اللبنانيون جميعاً أيديهم بأيدي بعضهم البعض تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية العماد اميل لحود لكي نصل الى ما نريد، وهو استقلال لبنان وسيادته». وتوجه البطريك الماروني الى الحضور بالقول: «ثقوا ان لبنان لا يمكنه ان يدرك غاياته واهدافه النبيلة الا بتضامن جميع ابنائه على اختلاف المذاهب والمشارب. وهذا ما نريده وهذا ما تريدون».

وأمل في «ان يبقى هذا الجبل مثال عيش مشترك ليس بين موارنة ومسيحيين على وجه الاطلاق ودروز ومسلمين، وان يبقى مثالاً لهذا العيش المشترك الذي قال فيه البابا يوحنا بولس الثاني ان لبنان هو أكبر من بلد انه امثولة ومثال في التعايش ومثال في الحرية».

ثم انتقل صفير الى منطقة حارة الناعمة حيث القى بمستقبليه كلمة مقتضبة اكد فيها اهتمامه باوضاعهم ومشاكلهم. ولوحظ حضور كبير لانصار «القوات اللبنانية» الذين رفعوا راياتها وهتفوا ببراءة رئيسها الدكتور سمير جعجع الذي يمضي عقوبة بالسجن المؤبد بعد ادانته بجرائم اغتيال سياسية عدة.

وبعدها انتقل صفير الى بلدة الدامور الساحلية حيث اقام قداساً احتفالياً حضره ممثلون لرؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة والرئيس السابق للجمهورية امين الجميل ونواب.

والقى صفير عظة اشار فيها الى انه كان يأمل في ان يقوم بهذه الزيارة الراعوية منذ زمن طويل «لكن ظروفاً طارئة حالت دونها». وتحدث عن «انتقال اهالي البلدة بحراً الى جونية خلال الحرب» شاكراً الله على «بقاء البلدة» ومشدداً على «مستقبلها الزاهر». وحذر من «استمرار هجرة اللبنانيين وخصوصاً الشباب». واشار الى ان «النظام الديمقراطي الذي نعيش في ظله يسمح بتعدد وجهات النظر في كل شيء ما عدا الثوابت الوطنية» مبدىاً ثقته في «توافق وتضامن اهالي البلدة وقدرتهم على اجتذاب من لم يحضر للاقامة في البلدة بعد».

ويستكمل صفير اليوم جولته بزيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، ثم يزور منطقة جزين حيث يقيم قداساً احتفالياً ويستقبل المهنئين قبل عودته الى مقر اقامته في بيت الدين.