مصر: انقسامات داخل الحكومة و«الإخوان» قبل معركة انتخابات نقابة المهندسين

TT

لاحت بوادر معركة خفية حول انتخابات نقابة المهندسين المصريين بين الحكومة وجماعة الاخوان المسلمين المحظورة على غرار معركتين سابقتين خاضهما الطرفان خلال اجراء الانتخابات البرلمانية الأخيرة وانتخابات نقابة المحامين. الا ان معركة المهندسين تأتي هذه المرة على نحو مغاير تماماً، إذ ان تحركات الجماعة بدت تساند رمزاً حكومياً هو محمد محمود علي حسن زعيم الأغلبية بالبرلمان على الرغم من انه قد يكون مرشح الحكومة، حيث تؤكد المؤشرات ترشيح الاخيرة لوزير الموارد المائية محمود أبو زيد.

ورغم تكتل الاخوان القوي داخل نقابة المهندسين والذي كان يسيطر على المجلس السابق للنقابة قبل فرض الحراسة عليها عام 1995، فان الوضع اختلف كثيراً الان وبدا ان أزمة الاخوان مع مجموعة حزب «الوسط» التي انشقت عن الجماعة عام 1996 بسبب رفض الجماعة السماح لهم بتأسيس حزب، ستعود الى فاعليتها السابقة، وقد تضعف نسبياً موقف الجماعة لان مجموعة الوسط كانت تمثل أقوى عناصر الاخوان داخل نقابة المهندسين وعلى رأسهم المهندس أبو العلا ماضي وكيل مؤسسي حزب «الوسط»، وصلاح عبد الكريم.

ولا يقتصر موقف الاخوان عند احتمال الدخول في مواجهة مع مجموعة «الوسط»، وانما قد تعاني الجماعة خلال الانتخابات من افتقاد اقوى رموزها، وهو الأمين العام للنقابة محمد علي بشر الذي يقضي عقوبة السجن في قضية نقابيي الاخوان التي صدرت احكامها العام الماضي ضد 15 من أبرز رموز الجماعة بينهم أمين صندوق نقابة المحامين مختار نوح.

واللافت للنظر في معركة الاخوان مع الحكومة هذه المرة، ان ساحة المواجهة تختلف كثيراً عما كانت عليه في انتخابات نقابة المحامين التي جرت في فبراير (شباط) الماضي واكتسحها الاخوان بفوز قائمتهم بـ 22 مقعداً من بين 24 مقعداً. وستكون ساحة المنافسة أكبر بحكم ان عدد اعضاء الجمعية العمومية لنقابة المهندسين تربو الى أكثر من ضعفها في المحامين فضلا عن وجود تكتلات أخرى كبيرة بعيدة عن تأثير الحكومة والاخوان على حد سواء.

الأمر الآخر في صراع الاخوان والحكومة، يكمن في اكتساح قائمة الجماعة لانتخابات المحامين وفشل تحالف الطرفين (الاخوان والحكومة) في منح مقعد النقيب للمرشح الحكومي رجائي عطية في وقت فاز فيه المرشح الناصري سامح عاشور، وهو ما سيولد محاذير كثيرة ضد أية محاولات لابرام تحالف رمزي بين الاخوان والحكومة على أي مستوى خاصة ان تجربة التحالف على مقعد نقيب المحامين احرجت الطرفين امام الرأي العام.

وفيما تسعى الحكومة لتوحيد جهودها لمساندة نقيب قوي وعدد آخر من المرشحين تمحو بها صورتها الباهتة في انتخابات المحامين، فوجئت بأزمة داخلية، باصرار أحد رموزها محمد محمود على الترشيح رغم محاولات ترشيحها لوزير الموارد المائية محمود أبو زيد ورغم محاولات الحكومة اقناع الأول بعدم الترشح، إلا ان فرص تراجعه ربما لا تكون كبيرة خاصة بعدما عقد سلسلة من الاجتماعات مع عدد من رموز الاخوان في اتجاه عقد اتفاق ضمني يكفل للجانبين مساندة بعضهما البعض.

ورغم احتمالات حدوث أزمة حكومية بسبب هذا الموقف باعتبار ان عدداً من قيادات الحزب الوطني الحاكم يرى ان موقف محمود يعد خروجاً على الالتزام الحزبي في وقت يرى فيه محمود ان النقابات المهنية ليست موقعاً للعمل الحزبي والسياسي وانما هو قرار نقابي وشخصي خاص وليس للحزب علاقة به.

وفي الوقت نفسه الذي أكد فيه أحد قيادات حزب «الوسط» عدم مشاركته في الانتخابات لأسباب شخصية رغم ان مضمونها يشي بتجنب المواجهة مع الاخوان، فان قيادياً آخر أكد ان فرص مشاركته كبيرة وانه لا يستبعد التنسيق مع الاخوان اذا جرى ذلك وفقاً لمعايير محددة.