البوسنة تسلم ثلاثة من جنرالاتها

TT

زغرب: نور الدين صالح اعتقلت قوات الشرطة البوسنية الخاصة 3 من كبار ضباط الجيش البوسني الذين شاركوا في حرب التحرير بطلب من محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي، والجنرالات الثلاثة هم انور حجي حسانوفيتش رئىس اركان الجيش البوسني السابق في عام 1993 ومحمد الاغتيش قائد الفرقة الثالثة التي كانت تعمل في وسط البوسنة خلال فترة الحرب مع الكروات، وامير كوبورا قائد «القوات الاسلامية» في الجيش البوسني.

ورغم ان مذكرة الاتهام التي أصدرتها المحكمة الدولية في لاهاي سرية، الا ان بعض نقاط الاتهام تسربت من وزارة الداخلية الفيدرالية، والتي تركزت على سبب السماح «للمجاهدين» الذين وصلوا من دول اسلامية المشاركة في الحرب البوسنية.

و«الشرق الأوسط» التي كانت قد تابعت الحرب البوسنية لحظة بلحظة، كانت قد التقت مع هؤلاء القادة عدة مرات خلال فترة الحرب البوسنية، وكانوا يؤكدون في جميع اللقاءات انهم يخوضون حربا دفاعية، لم يرغبوا فيها ولم يشعلوا شرارتها الأولى.

وكان قائد الفرقة الثالثة في البداية الجنرال انور حجي حسانوفيتش، قبل ان يتسلم منصب رئيس اركان الجيش البوسني، وكان يقع على عاتقها اصعب المهام في حماية الشعب البوسني من الفناء، بسبب تطويق المناطق التي حررتها هذه الفرقة من قبل القوات الصربية والكرواتية، بهدف إفناء الشعب البوسني عن آخره، وتقسيم البوسنة بين صربيا وكرواتيا حسب المخطط الذي اتفق عليه الرئيسان السابقان اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش والكرواتي فرانيو تودجمان.

ومع وصول الجنرال محمد الاغيتش كانت قد بدأت «القوات الاسلامية» تنظم نفسها للدفاع عن الوجود الاسلامي في البوسنة، وتأسس لواء «القوات الاسلامية السابع» وتسلم قيادته العميد امير كوبورا، واطلق على نفسه اسم «أمير القوات الاسلامية»، وانضم اللواء السابع الى وحدات الجيش النظامي في الفرقة الثالثة.

ومع وصول عدد من المقاتلين العرب الأفغان، ومن الدول الاسلامية الأخرى الى البوسنة لمشاركة البوسنيين في حربهم الدفاعية، انضموا الى لواء القوات الاسلامية السابع، واصبحوا كتيبة مقاتلة تحمل اسم «المجاهد».

وتعتبر القوات الاسلامية من اقوى وحدات الجيش البوسني، وهي التي نفذت اكبر واخطر العمليات خلال الحرب البوسنية. ويتهم الكروات والصرب «كتيبة المجاهد» بانها نفذت عمليات ضد قواتهم تخللتها جرائم حرب. لكن اعضاء القوات الاسلامية ينفون ذلك، ويؤكدون انهم احترموا قوانين القتال.

واعلن التلفزيون البوسني على لسان الوزير سفر خليلوفيتش ان الضباط الثلاثة تم ترحيلهم الى لاهاي، في حين فوجئ قائد الجيش الفيدرالي الجنرال عاطف دوداكوفيتش بعملية الاعتقال التي تمت دون علم القيادة العسكرية، واعرب عن غضبه لسماعه هذا النبأ. ومعلوم ان الجنرال دوداكوفيتش، الذي قاد عمليات الدفاع عن جيب بيهاتش يسعى الكروات لاتهامه بجرائم حرب.

وتم اعتقال الجنرالات الثلاثة بناء على مذكرة اتهام قدمتها محكمة جرائم الحرب في لاهاي لحكومة الفيدرالية في البوسنة والهرسك، عبر وزارة الخارجية والتي على راسها زلادكو لوجومجيا زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، اكبر الاحزاب المشاركة في الحكم بالبوسنة حاليا، والذي تقلد مؤخرا منصب رئيس المجلس الوزراي الأعلى بالبوسنة والهرسك. وقال الجنرال دوداكوفيتش انه فوجئ باعتقال الجنرالات الثلاثة، وخاصة الجنرال محمد الاغيتش اذ انه لم يرتكب اي اخطاء عسكرية، ولم يستهدف المدنيين اثناء فترة خدمته بالجيش البوسني.

وقال ثابت بهيتيتش رئيس فرع سانسكي موست التابع لحزب «من اجل البوسنة» الذي يقوده رئيس الوزراء السابق حارث سيلاجيتش «لا استطيع ان اصدق ان الجنرال الاغيتش تم اعتقاله، لقد كان قائدا عظيما ودافع لتبقى البوسنة». واعرب عن اعتقاده ان المحكمة ستبرئ ساحته. وقال عدد من جنود السابقين انهم رأوه «في سيارة مدنية بين اثنين من الرجال بلباس مدني، ولو كانوا يعلمون بانه معتقل لمنعوا نقله الى سراييفو». وكان الجنرال الاغيتش قد وصل الى سراييفو قادما في سيارة الشرطة من سانسكي موست غرب العاصمة الساعة العاشرة من صباح اول من امس، وكان مطلق اليدين حيث لم توضع السلاسل في يديه. وزار الجنرالات الثلاثة المعتقلين مساء امس وزير الشؤون المدنية زفونكو ميان، بصحبة جميل صبري حافيظوفيتش، ووعد الجنرالات الثلاثة بدعم الحكومة لهم. وقال زلادكو لوجومجيا رئيس المجلس الوزاري، اعلى سلطة في البوسنة بعد المجلس الرئاسي، ان اعتقال الجنرالات الثلاثة تأكيد على التزام الحكومة البوسنية بتعهداتها الدولية، والتزامها بالاتفاقات التي توقعها مع الجهات المختلفة.

وقال العقيد السابق في الجيش البوسني ناظم عابد خليلوفيتش الملقب بـ«المدرس» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» امس «كل ما يجري مجرد مسرحية هدفها ايهام الرأي العام الدولي ان هناك مجرمين من مختلف الطوائف، وان الجميع مخطئون، وبالتالي لم يكن هناك عدوان على المسلمين في البوسنة والهرسك». وأضاف «الهدف النهائي هو حزب العمل الديمقراطي، الذي يريدونه نسخة طبق الاصل من حزب الرفاه التركي، ويريدون ان يرهقوه بالمحاكمات، والاتهامات، والعزل والمحاصرة للقضاء عليه من خلال ضرب رموزه».