رئيسة المجموعة البريطانية ـ الفلسطينية البرلمانية: لا حزب العمال موال لإسرائيل ولا وزارة الخارجية مع الفلسطينيين

فيليس ستاركي لـ«الشرق الأوسط»: توني بلير سعى لإقناع آرييل شارون بانتهاج سياسة متروية

TT

اعلن قبل ايام في لندن عن تعيين الدكتورة فيليس ستاركي، رئيسة «المجموعة البريطانية ـ الفلسطينية البرلمانية» سكرتيرة برلمانية خاصة لوزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية بن برادشو، المكلف ملف الشرق الاوسط.

واكد مصدر حكومي مطلع لـ«الشرق الأوسط» ان ستاركي لم تلتحق بالخارجية فهي ستتولى «تسيير امور الوزير البرلمانية التي تخص عددا من الملفات، احدها يتعلق بالشرق الاوسط، كما ستساعد وزير الدولة للشؤون الخارجية دينيس ماكشين ايضا في اعماله البرلمانية».

وذكر المصدر ان التعيين جاء بقرار من وزير الخارجية جاك سترو موضحا ان لا علاقة بين هذا الاجراء وبين منح اللورد مايكل ليفي، مبعوث رئيس الوزراء توني بلير الى الشرق الاوسط مكتبا في الوزارة. وشدد على ان ليفي «لم يتمتع بأي ترقية اخيرا».

«الشرق الأوسط» حاورت الدكتورة ستاركي التي دافعت عن سياسية الحكومة البريطانية تجاه الشرق الاوسط ونفت ان يكون حزب العمال الحاكم متعاطفا مع اسرائيل، معربة عن املها في ان تلعب بلادها دورا اكثر فاعلية في الزام اسرائيل باحترام القوانين الدولية. ولفتت الى وجود معارضين لحكومة تل ابيب الحالية بين اصدقاء اسرائيل.

* هل انضممت للفريق الوزاري الذي يتعاطى مع الشرق الاوسط في الخارجية؟

ـ سأكون السكرتيرة البرلمانية الخاصة لوزيري الدولة دينيس ماكشين وبن برادشو، وجزء من مهمات الاخير يتصل بالشرق الاوسط. والوزيران يتعاطيان في السياسة الخارجية البريطانية مع دول العالم كله باستثناء اوروبا.

* وبحكم موقعك الجديد هل ستعملين الى جانب اللورد ليفي وايفور كابلين، المسؤول برتبة وزير دولة عن السياسة الخارجية في الكتلة البرلمانية العمالية؟

ـ سأعمل مع آخرين يقومون بدور السكرتير البرلماني الخاص (لوزراء عديدين) ومع الوزيرين ماكشين وبرادشو. اللورد ليفي هو مبعوث رئيس الوزراء الى الشرق الاوسط، وليس عضوا في البرلمان او في الفريق الوزاري. اما كابلين، فهو المسؤول عن امور الخارجية ضمن الاغلبية العمالية ومن الطبيعي ان نعمل معا.

* ثمة من يرى ان هناك علاقة بين ترقيتك ومنح اللورد ليفي مكتبا في الخارجية، فما رأيك بتزامن القرارين؟

ـ ليست هناك اي صلة بين هذا وذاك على الاطلاق. وقد كلفني وزير الخارجية جاك سترو هذه المهمة التي افخر بها، استنادا الى خبرتي في السياسة الخارجية لا سيما انني كنت عضوا في لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية.

* هل ستحافظين على المهمتين اللتين قمت بهما حتى الآن كرئيسة لـ«المجموعة البريطانية ـ الفلسطينية البرلمانية» وعضو في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم، بعد هذه الترقية؟ ـ لا سأتنحى عن هذه الرئاسة، وانا في صدد البحث حاليا عن بديل لتولي المنصب نفسه. ولن ابقى عضواً في اللجنة البرلمانية لان ذلك يتعارض مع القوانين السائدة.

* لم يرد اسمك في قائمة النواب الذين صادقوا على مشروع مذكرة زميلك جون اوستن التي دعت الى محاكمة ارييل شارون بتهمة ارتكاب جرائم حرب لمسؤوليته عن مجزرة صبرا وشاتيلا! ـ لم اوقع عليها.

* وهل ستفعلين ذلك قريبا؟

ـ لست ادري. بيد ان ثمة مسألة ينبغي اخذها في الاعتبار. هناك اقتراح بتعديل مشروع تلك المذكرة قدمه ديفيد وينيك عضو «جمعية اصدقاء اسرائيل في حزب العمال» وهو ينتقد الحكومة الاسرائيلية الحالية. وقد اقترح التعديل بهدف تضمين المشروع اشارة الى ان 400 الف اسرائيلي تظاهروا في اعقاب صبرا وشاتيلا ضد شارون والى ان لجنة تحقيق اسرائيلية ادانته. اعتقد من المضر للغاية تقسيم النواب الى معسكرين، الاول يضم اصدقاء اسرائيل فيما يشتمل الثاني على المؤيدين للفلسطينيين. في الواقع، المسألة اشد تعقيدا من ذلك بكثير. هناك عدد كبير من اعضاء مجلس العموم المهتمين بالقضية ويميلون الى التعاطف مع احد الجانبين، لكن بينهم كثيرين ممن ينتقدون الحكومة الاسرائيلية الراهنة، كما انه يوجد بيننا نحن (المؤيدين للفلسطينيين) ممن يوجهون الانتقادات للسلطة الوطنية الفلسطينية.

* مبرر اثارة موضوع العدد اصلا هو الانطباع السائد لدى كثير من العرب بان حزب العمال كان تاريخيا اشد تعاطفا مع اسرائيل من حزب المحافظين. لذلك من الضروري ان نسلط الضوء على عدد النواب المستعدين للتعبير عن معارضتهم لسياسة حكومة عمالية تحظى بأغلبية ساحقة، وقد تكون اكثر حرصا من سابقاتها على ارضاء اسرائيل.

ـ لا اعتقد ان هذا الانطباع صحيح بالضرورة والمهم هو معاينة السياسة المعلنة للحكومة. وهذه السياسة التي تبناها علنا وزير الخارجية السابق واكدها مجددا خلفه تنص على ان الاستمرار في بناء المستوطنات الاسرائيلية ليس فقط عقبة في وجه السلام بل هو ايضا نشاط غير قانوني، وتدعو الى البحث عن صيغة لاقامة دولة ديمقراطية فلسطينية. لذلك لا اعتقد ان بوسع كثير من الفلسطينيين الاحتجاج. فهذا موقف واضح، المشكلة تتعلق في الحقيقة بوضع هذه الافكار موضع التطبيق. ارجو ان تكون الحكومة البريطانية عموما اشد فاعلية، لكن لا اظن ان بوسعك توجيه النقد لهذه الوزارة.

* وهل تنسجم هذه الرغبة في تطبيق مواقف عادلة حيال الفلسطينيين مع ما نسب الى رئيس الوزراء توني بلير من انه قال (اننا لا نستطيع ان نلقي محاضرات على اصدقائنا الاسرائيليين حول السلام) ، وذلك عند استقباله شارون قبل اسابيع رسميا على رغم الضجة التي اثارتها الزيارة؟

ـ ادرك ما تقوله، لكن يجب ان لا ننسى ان بلير هو رئيس حكومة طالبت بوضوح بوجوب انسحاب اسرائيل والتزمت على الدوام بالقرارات الدولية (المتعلقة بالوضع الفلسطيني) كما حثت اسرائيل على ان تلتزم بهذه القرارات. بطبيعة الحال لا نعرف ماذا قال بلير لنظيره الاسرائيلي، لكن الانطباع كان بأنه حاول اقناعه بانتهاج موقف مترو.

* كان هناك انطباع آخر ايضا بان رئيس الوزراء لم يكن راغبا في البداية بلقاء شارون لكنه وافق بفعل ضغوط مورست عليه كي يستقبله في مقره الرسمي بداوننج ستريت؟

ـ لست على علم بذلك. ومن الواضح ان عددا من الاشخاص لم يكونوا مرتاحين لزيارة شارون بمن فيهم بعض مؤيدي اسرائيل. ولا ننسى انها لم تكن زيارة بكل معنى الكلمة فقد توقف هنا توقفا قصيرا وهو في طريقه من بلد الى آخر.

* وهل تعتقدين ان بوسع وزير الخارجية الجديد جاك سترو أن يكون منصفا في سياسيته ازاء الفلسطينيين على رغم وجود اللورد ليفي الذي قيل انه فرض على وزير الخارجية السابق روبن كوك فرضا لموازنة ما يشاع عن تعاطف دبلوماسيي الوزارة مع الفلسطينيين؟

ـ لأ اعتقد انه يحق لنا ان نطلق التكهنات حول دور الوزير انه مسؤول عن السياسة الخارجية لهذه الحكومة. ولو سئلت عن آمالي بخصوص دور الحكومة البريطانية، لقلت انني اتمنى ان تستفيد من موقعها في الاتحاد الاوروبي بصورة اشد فاعلية بهدف وضع القيود المتعلقة باستيراد البضائع من المستوطنات الاسرائيلية حيز التطبيق. كما اود ان تكون الحكومة البريطانية اكثر الحاحا على ضرورة احترام اسرائيل للقانون الدولي، وحرصا على ضمان وفائها بالتزاماتها ببنود اتفاقية جنيف لحقوق الانسان. نحن والاتحاد الاوروبي نصدر التصريح الدبلوماسي تلو التصريح حول سلوك اسرائيل، لكن هذا يبقى بالنسبة للاسرائيليين مجرد كلام بكلام.

* لكن فيما يخص «التحيز» المزعوم في الخارجية البريطانية لصالح الفلسطينيين صرح الوزير ستيفن تويغ ورئيس «جمعية اصدقاء اسرائيل في حزب العمال» سابقا، ان بلير عمد مرارا الى ابطال قررات للخارجية كانت مخالفة لرغبات اسرائيل! ـ لستيفن الحق في قول ما يراه مناسبا. انا لا اظن ان الحديث عن تأييد اسرائيل او معارضتها مجد على الاطلاق. في رأيي ان ما تريده اسرائيل هو الامن. وبوسعها ان تنال ذلك فقط ضمن الحدود التي كانت عليها قبل حرب حزيران عام 1967، وعندما تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة. وانا لا اعتبر نفسي عدوة لاسرائيل بل مؤيدة لحل عادل ودائم في الشرق الاوسط يوفر لاسرائيل الامن وللفلسطينيين الدولة المستقلة التي آمل ان تكون ديمقراطية.