لبنان: الانتشار الأمني في شرق بيروت أحبط إضراب «العونيين» و«القوات»

مواقف وزارية ونيابية تستعجل إطلاق الموقوفين وتحذر من التعرض للحريات

TT

فشل الاضراب العام الشامل والاعتصام الذي كان دعا اليه قائد الجيش اللبناني السابق ميشال عون، وحذا حذوه فيه تنظيم «القوات اللبنانية» المحظور تحت وطأة الانتشار الامني والعسكري الكثيف في مناطق شرق بيروت وقسم من مناطق جبل لبنان. اذ سجل انتشار اكثر من الفي جندي من الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي، تخلله تسيير دوريات مؤللة وراجلة.

وعاشت هذه المناطق امس يوماً عادياً، ففتحت المحلات التجارية ابوابها بينما تحدث «التيار العوني» عن «ضغوط امنية» بدأت ليل امس الاول لثني اصحاب هذه المحلات عن الاقفال، ولكن النتيجة كانت حركة طبيعية في الشوارع.

اما الاعتصام الذي كان مقرراً امام مبنى المحكمة العسكرية لاهالي الموقوفين فلم يحصل لان رئيس المحكمة العسكرية العميد عصام حبيقة سمح لاهالي الموقوفين بالدخول الى القاعة وحضور الجلسات الامر الذي عطّل اي تصادم مع القوى الامنية المنشورة بكثافة في محيط مبنى المحكمة.

هذا، وبدا امس الوضع الامني مستقراً كما لوحظ ان الوضع السياسي اكثر انفراجاً بعد قرار مجلس الوزراء الذي اكد فيه سلطته كمشرف على كل اعمال الاجهزة الامنية.

إلاّ ان ما جرى خلال الايام الماضية ابقى الابواب مشرعة امام ردود الفعل على لسان وزراء وقيادات دينية وحزبية. وكان ابرز هذه الردود لوزير الصحة العامة سليمان فرنجية الذي اوضح اثر زيارته البطريرك الماروني نصر الله صفير في مقره الصيفي في الديمان (شمال لبنان) انه «صعق للطريقة التي حصلت فيها التوقيفات في بادئ الامر ...ولكن بعدما سمعنا كلام وزير الداخلية في مجلس الوزراء والمعلومات التي اعطتها الاجهزة الامنية، نقول ان التوقيف هو بحجم الحدث، ولكن الكارثة اذا كان هذا الكلام غير دقيق». واعتبر فرنجية «ان الامن لا يحتاج الى اطلاع مجلس الوزراء.. ولكن من الخطأ عدم اطلاع هذا المجلس على حدث بهذا الحجم». ورأى ان الموقف الذي صدر عن مجلس الوزراء هو «الموقف الحكيم ...ولو كان موقفاً مغايراً لموقف الجيش لكانت الدولة انقسمت على بعضها».

من جهة ثانية قال وزير الدولة بيار حلو اثر زيارته البطريرك صفير في الديمان انه غير مقتنع بوجود محاولة انقلابية جرى قمعها. واكد «عدم اقتناعه بالتوقيفات وعدم اعلام وزير العدل ورئيس الوزراء وسائر اعضاء مجلس الوزراء بها». ودان حلو «المعاملة السيئة في السجون اللبنانية حيث يتم الضرب قبل التوقيف» مؤكداً ان «لا وجود للبنان من دون حرية».

كذلك حذّر النائب الياس سكاف، بعد زيارته للبطريرك من «تفاقم موجة التعرض للحريات العامة التي هي في الاساس علّة وجود لبنان وتمايزه في محيطه» معتبراً «ان كبتها سيؤدي في نهاية المطاف الى ما يشبه الكارثة الاجتماعية التي ترتد سلباً على الجميع». واستعجل النائب الدكتور جبران طوق، لدى خروجه من الديمان «المعالجة لما حصل، لان هذه الامور تزعزع الثقة وتؤدي الى انعكاسات سلبية على الوضع الاقتصادي». نسيب لحود التقى الحريري اما النائب نسيب لحود فصرح اثر زيارته رئيس الحكومة رفيق الحريري قائلاً «لقد ابدينا لدولة الرئيس اعتراضنا الشديد على الاعتقالات التي حصلت، والشكل الذي حصلت به، كما اعترضنا على المعاملة التي يلقاها بعض المعتصمين في قصر العدل والممارسات الهمجية التي مورست على بعض الشباب والشابات اللبنانيين، وابدينا بالطبع رفضنا التام لان ينزلق النظام اللبناني تدريجياً الى نظام امني. ومع الاسف قد يكون هذا ما يحصل عندما تحصل اساءة في تطبيق بعض القوانين او تفسيرها، ما يجعل النظام الديمقراطي المدني يتعرض الى ضغوط، وهذا امر سنقاومه بكل قوانا». واضاف لحود «طلبنا من الرئيس الحريري ان تمارس الحكومة كل ما لديها من صلاحيات للافراج عن المعتقلين فوراً ووقف الملاحقات. واتفقنا على متابعة الامور في الايام المقبلة».

وعن رأيه في ما ورد في بيان مجلس الامن المركزي حول «التيار العوني» و«القوات اللبنانية» وحظر نشاطاتهما وتجمعاتهما قال نسيب لحود: «بصرف النظر عن الموقف من «التيار العوني» و«القوات اللبنانية» نحن نعتبر ان هناك بعض الكلام الذي ورد في بيان مجلس الامن المركزي يتناقض مع الدستور ومع القوانين، وخصوصاً الكلام الذي يتعلق بالترخيص للجمعيات وحق التعبير والاجتماع والاعتراض، فهذه المواضيع كلها نعتبرها من مقدسات لبنان ونعتبر انه من مسؤوليات الحكومة ان تحافظ عليها».

واعتبر النائب الكتائبي نادر سكر «ان الاجراءات الامنية المنفذة اخيراً والتوقيفات الحاصلة قانونية»، لكنه طالب «بالاسراع في التحقيقات مع الموقوفين وبت اوضاعهم وتحديد المسؤولية ومحاسبة المسؤولين على اخطائهم اذا تبين وجود اخطاء في حقهم». وايد سكر «وضع حد عملي لاي مظهر من مظاهر الاخلال بالامن».

قبلان يهاجم «الدعوات المشبوهة» وفي عشاء تكريمي على شرف حجة الاسلام الشيخ جواد الشهرستاني، اعتبر نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان «ان لبنان خير مثال على الوحدة الايمانية بين المسلمين والمسيحيين» وقال: «ان ما يهدد هذه الوحدة يتمثل في بعض الدعوات المشبوهة التي تستهدف الثوابت الميثاقية التي اجمع عليها اللبنانيون في «اتفاق الطائف»، وفي طليعتها التأكيد على هوية لبنان العربية وتعميق العلاقات مع الدول العربية وفي طليعتها سورية».

الى ذلك، واصل امس اهالي الموقوفين من عناصر «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» المحظورة تحركهم في اتجاه القيادات الرسمية والشعبية والدينية للمطالبة بمعرفة مصير الموقوفين واطلاقهم. فزار وفد منهم، تتقدمهم كلود ابو ناضر، زوجة المستشار السياسي لقائد «القوات اللبنانية» الدكتور توفيق الهندي، النائب وليد جنبلاط في المختارة.