السجن 15 عاما لمختطف السياح الألمان بمصر ومعاقبة 4 تجار سلاح ساعدوه

رئيس المحكمة: المتهم أدار القضية إعلاميا وكان يعرف القانون الألماني قبل أن يتزوج

TT

اصدرت محكمة أمن الدولة العليا طوارئ في مصر أمس حكمها بحبس المصري مختطف السياح الألمان الأربعة ابراهيم السيد موسى لمدة 15 سنة. كما قضت المحكمة بمعاقبة أربعة من تجار السلاح اتهموا بإمداد موسى بالسلاح والذخيرة المستخدمة في القضية، حيث أمرت بمعاقبة كل من المتهمين عبد الصبور عجيبة ومحمد قاسم ابراهيم بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريم كل منهما 500 جنيه، كما قضت بمعاقبة المتهم الثالث مهدي عليوة بالحبس سنة مع الشغل وغرامة 500 جنيه ومعاقبة سيد احمد احجاج بالحبس سنة وغرامة خمسين جنيها مع مصادرة الاسلحة والذخيرة المضبوطة في الحادث.

وصدر الحكم برئاسة المستشار عادل عبد السلام جمعة رئيس المحكمة. وفور صدور الحكم تعالت أصوات العويل والصراخ من أهالي المتهمين خاصة المتهم الأول وأعلن المتهم انه سيضرب عن الطعام لحين استعادة ولديه من المانيا، وظل يبكي وسقط مغشياً عليه بعد ان اصيب بصدمة عصبية مؤقتة، اصطحبه بعدها حرس المحكمة ونقلوه الى الحجز وتمت افاقته وترحيله الى السجن لتنفيذ العقوبة.

واصيبت ابنته بحالة هستيرية لانها لم تكن تتوقع هذا الحكم وكانت تأمل أن يحصل ابراهيم على حكم مخفف، كما قالت عمة المتهم السيدة كريمة السيد ان الحكم شديد القسوة.

واستطردت: «ماذا فعل ابراهيم لينال كل هذا العقاب، كل خطئه انه كان يريد اسماع صوته للمسؤولين في مصر والمانيا ليستعيد اولاده الذين جرى اختطافهم ومنع من رؤيتهم».

من جانبها قالت اخت المتهم نجلاء علي موسى: «بعد سجن اخي هل الذين قضوا بعقوبته قادرين على استرداد ابنائه أم انهم سيقبلون بضياعهم في المانيا بعد ضياع مستقبل أبيهم في السجن. وذكرت ان الشيء الوحيد الذي يمكن ان يخفف عن ابراهيم مآساته هو رؤية ابنائه».

وعقدت المحكمة جلستها صباح أمس وسط اجراءات أمنية مشددة لم تستغرق سوى 5 دقائق فقط حيث جرى احضار المتهم الى قفص الاتهام وبدا زائغ العينين، تكسو ملامحه القلق والحزن العميق وكأنه فاقد الأمل في كل شيء ويشعر بخسارة فادحة، شارد الذهن وكأنه يشعر بمصيره المحتوم والذي يقضي شبابه داخل ردهات السجن، وقال قبل النطق بالحكم انه مستعد للموت من أجل رؤية طفليه وان السلطات جميعها تنكرت من وعودها بحل المشكلة وظل يحملق في السماء وكأنه يستنجد بالرحمة الالهية.

ونفى موسى اختطافه للسائحين الالمان وذلك رداً على اسئلة الصحافيين والوكالات العالمية والمحلية الذين احتشدوا في قاعة المحكمة، وقال انه كان مستضيف السياح الاربعة بارادتهم ولم يختطفهم، وهم الذين طلبوا منه تناول عشاء مصري، ودلل موسى على ذلك انه كان يرد على الوكالات لمدة 18 ساعة وهم يقومون على خدمته طوال هذه الفترة، وقال «أنا لست نادماً على زواجي من سيلكا ومن حقها ان ترى أولادها ولم أرغب حرمانها منهما ولكن أريد رؤيتهما».

ثم تلا رئيس المحكمة الحكم وصرح المستشار عادل جمعة لـ«الشرق الأوسط» ان المحكمة راعت ظروف المتهم في تقدير العقوبة، وان العقوبة في الجريمة التي ارتكبها المتهم هي المؤبد ولكن المحكمة راعت ظروف وملابسات الدعوى، وحكمت على المتهمين بقسط من الرأفة طبقاً للظروف ويقين المحكمة وأنزلت بالعقوبة وخفضتها بالنسبة للمتهم الأول والثالث والخامس اعمالا بنص المادة 17 من قانون العقوبات.

وأكد رئيس المحكمة ان المتهم أدار القضية اعلامياً هو وأسرته ولكنني حكمت بما في الاوراق، وتساءل رئيس المحكمة من كان يدري انه لن يقتل الاولاد واذا لم يتوافر في نيته القتل لماذا أحضر السلاح ولماذا اغلق الشبابيك والابواب؟ واستنكر رئيس المحكمة ما فعله موسى فقال، لماذا لم يقرأ المتهم قانون ألمانيا، فالقانون الالماني يحمي الزوجة وكان يجب ان يفحصه جيداً فهو متزوج من قبل وعارف القانون ويذهب مرة أخرى ليتزوج ورغم انه عاش هناك 10 سنوات.

وقال رئيس المحكمة ان واقعة الدعوى، حسبما استقرت في يقين المحكمة واستقر في وجدانها، مستخلصة من سائر أوراقها، وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها في جلسة المحكمة تتحصل في انه عقب مغادرة زوجة المتهم الى بلادها (المانيا) مصطحبة معها ولديها منه ورفضها هي وهما العودة الى مصر أو التصريح للمتهم بالدخول الى المانيا تفتق ذهنه عن وسيلة يستطيع من خلالها التأثير على السلطات بتنفيذ مآربه وهداه شيطانه الى اختطاف أحد الاشخاص الالمان واحتجازه لديه كرهينة حتى تقوم الجهات الأمنية بالبلاد بالاتصال بالمسؤولين بوزارة الخارجية المصرية للاتصال بالمسؤولين بالحكومة الالمانية لاعادتهما كشرط للافراج عن الرهينة، مستعملا في ذلك سلاحا ناريا سبق شراؤه في ديسمبر 2000، بواسطة المتهم الثالث الذي تناول السلاح من المتهم الثاني، وبعد تفحصه اعطاه للمتهم الأول.

وقال رئيس المحكمة انه تلا ذلك قيامه بالشراء والتحصل على عدد 34 طلقة ذخيرة لذات السلاح من الرابع الذي قام باطلاق عيارين ناريين من ذات السلاح لتجربته وقد احضر إليه المتهم الخامس الطلقات النارية التي تسلمها من الرابع.

ويضيف رئيس المحكمة قائلا: «ان المتهم أعد بمنزله سلاسل حديدية وترابيس للباب وقد اوقع الحظ العثر المجني عليهم في يد المتهم الأول حينما قابلهم مندوباً عن الشركة السياحية التي يعمل فيها وهم على تنفيذ ما عقد العزم عليه من احتجازهم وحبسهم كرهائن مستغلا رغبتهم في تناول طعام مصري فدعاهم الى منزله يوم 11 مارس (آذار) الماضي وناولهم مشروباً فيه مخدر حتى غابوا عن وعيهم وقام بتقييدهم بسلاسل حديدية متصلة ببعضها بأقفال موصولة بأجسام حديدية ثقيلة وعقب افاقتهم شاهدوه شاهراً سلاحاً نارياً أخرجه من خزينته متعمداً رؤيتهم ما به من طلقات وأفهمهم بحيازته لقنابل يدوية وأخبرهم بأنهم محتجزون لديه كرهائن الى ان يجاب الى مطلبه في رؤية طفليه الموجودين بالمانيا برفقة زوجته وانه سيقتلهم في حالة عدم تحقيق غرضه. وظلوا تحت سيطرته حتى الساعة الاولى من صباح يوم 13 مارس حيث قام الاول بتسليم نفسه لرجال الشرطة بعد ان تخلص من السلاح الناري وجزء من الذخيرة بإلقائها من نافذة المسكن وجزء آخر من الذخيرة بإلقائها في المرحاض، كما ان الأوراق قد افصحت عن تبادل اتصالات هاتفية عديدة بين الأول ورجال الشرطة ممثلة في جهاز مباحث أمن الدولة تستشف منه المحكمة التعامل الانساني معه والحنكة في ادارة التفاوض لانهاء عملية احتجاز الرهائن الالمان بدون اراقة الدماء وانه لولا هذه الحنكة من ضباط أمن الدولة لوقع ما لم يحمد عقباه خاصة بعد ان أوضح المتهم عن نيته في الخلاص من المجني عليهم الواحد تلو الآخر اذا لم يجاب الى مطلبه.

وأكد سامح سيف رئيس نيابة أمن الدولة العليا ان النيابة وافقت على الحكم ولم يكن في نيتها تقديم أي التماس الى مكتب التصديق على الاحكام بينما اعلن محامي موسى انه سوف يتقدم بتظلم على الحكم امام مكتب شؤون أمن الدولة لوقفه واعادة محاكمة موكله واعتبر الدفاع وموسى وأهله ان الحكم صدمة بينما فرح بالحكم جميع المسؤولين عن السفارة الالمانية الذين حضروا جلسة النطق بالحكم.

وترجع وقائع القضية الى شهر مارس الماضي عندما استدرج موسى 4 من الطلاب الالمان الذين أتوا الى الاقصر في زيارة سياحية بزعم تناولهم عشاء ريفي واعطاهم مشروباً فيه مادة مخدرة افقدهم الوعي وكبلهم بالقيود والأغلال.

وكانت نيابة أمن الدولة قد ركزت اتهامها لابراهيم علي موسى في احتجاز رهائن بالقوة مما اضر بسمعة مصر، علاوة على التأثير على السلطات لتحقيق منفعة خاصة وحيازة اسلحة وذخيرة من دون الحصول على تصريح، وكيفت القضية كقضية ارهاب.