الجيش الإسرائيلي يتوقع استمرار الصدامات المسلحة مع الفلسطينيين 5 سنوات أخرى

يهود الولايات المتحدة يطلقون حملة للضغط على كولن باول حتى يتوقف عن انتقاد إسرائيل

TT

في الوقت الذي تتسع فيه الجهود الاميركية والعربية والاوروبية لوقف اطلاق النار بين القوات الاسرائيلية والفلسطينيين، تتراكم العقبات في الطريق الى ذلك من مختلف الجهات الاسرائيلية. فاعلن قسم التخطيط في الجيش ان تقديراته تشير الى ان الصدامات لن تتوقف في القريب، بل ستستمر حتى سنة 2006، وقد تؤدي الى حرب اقليمية شاملة. واعلن وزير الخارجية، شيمعون بيريس، ان اسرائيل لن تعترف بما طرحه رئيس وزرائها السابق، ايهود باراك، في كامب ديفيد في حالة استئناف المفاوضات السلمية.

وتوج هذه العقبات قادة يهود الولايات المتحدة الذين اطلقوا حملة ضغط اعلامية وسياسية ضد وزير الخارجية، كولن باول، حتى يكف عن توجيه الانتقادات لاسرائيل ولا يطور هذه الانتقادات الى درجة الضغط عليها.

وفي هذه الاثناء تواصلت الصدامات على جميع الصعد والاتجاهات، من جنين شمالا وحتى رفح جنوبا، بما في ذلك المنطقة الشرقية من القدس (مستوطنة معاليه ادوميم) وفي قلب القدس المحتلة (امام بيت الشرق). وكانت الحكومة الاسرائىلية قد بدأت حملة لاجهاض محاولات المجموعة العربية في الامم المتحدة عقد جلسة لمجلس الامن الدولي للبحث في الاعتداءات الاسرائيلية الدامية في المناطق الفلسطينية وارسال مراقبين دوليين، وتقوم بهذه الحملة بالتنسيق مع الادارة الاميركية، وتحاول الربط بين اجهاض اجتماع مجلس الامن واشتراط اجهاضه، في سبيل مواصلة الحوار حول وقف اطلاق النار واستئناف المفاوضات. وقال بيريس، امس ان اسرائىل لا يمكن ان تذهب الى مفاوضات لوقف النار، وهي تتعرض لهجوم عربي شامل في الامم المتحدة.

ونقل بيريس هذا الموقف الى كل من المبعوث الاميركي الى الشرق الأوسط، ديفيد ساترفيلد، الموجود في المنطقة، والى وزير الخارجية الالماني، يوشكا فيشر، المقرر حضوره الى المنطقة في غضون بضعة ايام، وكذلك الى خافير سولانا، منسق ملف الشؤون الخارجية والامنية في الاتحاد الاوروبي.

وانتهز بيريس، امس، فرصة اجراء لقاء صحافي مطول مع شبكة تلفزيون (ان.بي.سي) الاميركية، ليكشف جانبا من التخطيط الاسرائيلي لمفاوضات الحل الدائم، فيما لو توقف اطلاق النار فعلا وطبقت توصيات ميتشل. ويتضح منه ان هذه المفاوضات قد تجهض قبل وقوعها. اذ انه اعلن ان الافكار التي طرحها ايهود باراك في كامب ديفيد (التي كان الفلسطينيون قد رفضوها ولم يكتفوا بها)، ليست ملزمة لهذه الحكومة، وان امورا كثيرة ستتغير في تلك الافكار لان الشعب في اسرائىل رفض صياغات باراك خصوصا في ما يتعلق بمدينة القدس.

وكشفت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية، امس، عن ان شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي، اعدت تقريرا ضمن الابحاث الاستراتيجية السنوية، تقول فيه ان الصراع مع السلطة الوطنية الفلسطينية الدائر اليوم الذي يتخذ هذا الشكل من العنف ومن الصدامات، سيستمر حتى عام 2006. وان منظمة التحرير الفلسطينية ستظل مسيطرة على الاوضاع خلال الفترة المذكورة، لكن قوتها ستضعف، لصالح حركة «حماس» وغيرها من الحركات الاصولية. وهذا سيفتح المجال لاشتعال جبهة الشمال، بقيادة قوات «حزب الله» اللبناني. وهناك خطر حقيقي لان تنجح القوى الاصولية في جر اسرائيل وغيرها من دول المنطقة الى حرب اقليمية شاملة.

ولا يعرف اذا كانت هذه التقديرات مبنية على أسس واقعية وعلمية، او مجرد تقويمات متشائمة، كون جهاز الاستخبارات العسكرية بالذات، يكن عداء ظاهرا للسلطة الفلسطينية ورئيسها ياسر عرفات ويشكك باستمرار في صدقه وفي سلامة نواياه. الا ان الامر المؤكد هو ان هذه التقديرات تتلاءم تماما مع حرص قيادة الجيش الدائم على تحصيل ميزانيات اضافية للميزانيات التي تقرها له الحكومة. ففي هذه الايام بدأ الاعداد للميزانية والجيش يطلب حوالي مليار دولار، والحديث عن خطر الحرب المقبلة، واستمرار المواجهات الحالية حتى سنة 2006، يهدف الى فتح نقاش يقود بالتالي الى تكوين رأي عام مساند لفكرة «اعداد الجيش للحرب المقبلة» و«اعطاء الجيش ما يلزم من دعم وتمويل حتى يكون قادرا على مجابهة الارهاب الفلسطيني»، وبالتالي تحصيل الميزانيات بشكل فعلي من الحكومة.

يذكر ان هذه الخطة لا يمكن ان تفلح في ابتزاز الميزانيات، الا اذا اقترنت بالبراهين على الارض. من هنا يأتي دور القوات الميدانية في تصعيد الاعتدءات الاحتلالية الدامية ضد الفلسطينيين وافتعال الصدامات ونشرها طولا وعرضا في جميع المناطق والجهات، حتى يصدق الاسرائيليون ان جيشهم يحتاج الى كل هذه الاموال.

من جهة ثانية، وفي اطار الدعم النشط واللامحدود الذي تقدمه المنظمات اليهوديبة لاسرائيل وتجنيد الرأي العام الاميركي ضد الفلسطينيين، اطلق رئيسا لجنة رؤساء المنظمات اليهودية ـ الاميركية، مورث تسوكرمن وملكولم هونلاين، حملة ضغوط على باول، وكبار موظفيه بهدف منعهم من تطوير موقفهم الانتقادي تجاه اسرائيل الى ما هو اكبر من ذلك: خلاف علني وضغوط وتهديدات الخ..

واختار مسؤولو المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة سلوك طريق الهجوم الكاسح على باول حتى يرتدع ويثبت عكس ما يتهمونه به، فقالوا انه عندما يتحدث عن الحريق يتلعثم ويخلط ما بين مشعلي النار وبين رجال الاطفاء. وانتقدوا بيان باول حول قيام اسرائيل باحتلال بيت الشرق في القدس الشرقية المحتلة. وقالوا ان باول يهاجم الحكومة الاسرائيلية على اي شيء تفعله، «يهاجمها على عمليات الاغتيال للارهابيين وكذلك على الاجراءات السياسية وايضا على قصف مقرات اجهزة السلطة التي تعمل في الارهاب. فلماذا؟ وما الذي بقي امام اسرائيل لتفعله في معركة الدفاع عن النفس».

واتهم يهود الولايات المتحدة باول بانه يتعامل بمكيالين مع اسرائيل وفلسطين. للاولى لا يعطي مهلة في شيء، وللثانية يعطي كل الامكانيات للعمل، ويعرب عن تفهمه لدوافعها.

وحرص رؤساء المنظمات اليهودية، في البيانات التي نشرت في معظم الصحف الاميركية، على المقارنة بين باول ورئيسه جورج بوش، الذي قام في كل تصريحاته الاخيرة، بادانة الرئيس عرفات.