قاضي خاطف السياح الألمان يدافع عن قراره: الحـكم ليس سـياسيا ولم يكن لصالح ألمانيا

قال لـ«الشرق الأوسط»: المتهم الذي سجن 15 عاما له سوابق ويلم بالقانون الألماني ويسـتحق المؤبد

TT

أثار الحكم الذي أصدرته محكمة أمن الدولة العليا طوارئ بمصر الخميس الماضي بمعاقبة خاطف السياح الألمان الأربعة المرشد السياحي المصري ابراهيم السيد موسى بالأشغال الشاقة لمدة 15عاما، الرأي العام المصري الذي اعتبره حكما قاسيا جدا وغير متوقع خاصة ان المرشد السياحي كان يسعى من جريمته إلى رؤية ولديه اللذين اختطفا خارج البلاد ومنعته السلطات الألمانية من رؤيتهما، وهو الأمر الذي جعل رئيس هيئة الدفاع عن المتهم يصف الحكم بأنه اصطبغ بلون سياسي لارضاء السياحة الألمانية. وقال «ان الحكم احتوى على أخطاء قانونية كبيرة».

وفي المقابل لاقى الحكم ارتياحا شديدا لدى جهات التحقيق واعتبرته نيابة أمن الدولة العليا تكليلا لنجاح جهودها في القضية التي استغرقت خمسة اشهر.

ووسط هذه المشاعر المتضاربة دافع المستشار عادل عبد السلام جمعة رئيس المحكمة لـ«الشرق الأوسط» عن قراره معترفا بانه قاض شديد الحزم نافيا في الوقت نفسه ان يكون الحكم قاسيا.

وأبدى جمعة في حواره مع «الشرق الأوسط» دهشته من حكم الرأي العام قائلا ان الاعلام قام بتضليله من خلال تناوله القضية من وجهة نظر المتهم فقط واسرته، مشيرا الى أن المرشد السياحي (المتهم) أدار القضية اعلاميا لصالحه وأخفى كل الحقائق عدا حقيقة واحدة كانت واضحة وضوح الشمس وهي اختطاف طفليه فهو الجاني عليهما.

وهنا نص الحوار:

* الرأي العام المصري يصف حكمكم في القضية بالقسوة فماذا تقولون؟

ـ يقولون انني قاض «شديد الحزم» وهذا صحيح.. ولكن حكمي هذا لم يكن قاسيا ولو كان حكما جائرا كما يقولون لأعطيته المؤبد فعقوبة جريمته المؤبد لقيامه بخطف واحتجاز 4 أشخاص للتأثير على السلطات بغية منفعة له، ولكن المحكمة راعت ظروفه كأب وراعينا تقدير العقوبة وظروف وملابسات الدعوى، فأنا تغاضيت عن 10 سنوات أخرى ورحمته من قضائها داخل السجن فأين القسوة؟!

* الجميع تعاطف مع المتهم ابراهيم موسى، لكن المحكمة لم تتعاطف معه؟

ـ بالعكس أنا تعاطفت معه جدا وأنزلت له العقوبة من 25 سنة الى 15 سنة واستخدمت المادة 17 من قانون العقوبات وهي مادة الرأفة حيث أن المادة 188من القانون تنص على أن جريمته عقوبتها المؤبد ولكن المادة 89 من ذات القانون تنص على انه «اذا استخدمت المحكمة المادة 17 فتخفف العقوبة من المؤبد الى عقوبة لا تقل عن 10 سنوات» وأهديت له 10 سنوات حرية فبدل من انه كان يفرج عنه وعمره 65 سنة سيفرج عنه وعمره 55 عاما، أنا أعمل ايه أكثر من ذلك...

* ذكرتم داخل غرفة المداولة ان هناك حقائق أخفاها المتهم وأسرته عن الرأي العام فما هي؟

ـ الحقائق الغائبة في هذه القضية كثيرة ومنها على سبيل المثال ان المتهم تزوج ولثالث مرة من المانية؟ وهذا يعني انه عالم ببواطن قانون هذه البلد، فلماذا يصرخ الآن ويبدي اعذاره ويظهر كأنه شهيد؟.. وكما يقول المثل «اللي بيشيل قربة يتحمل».. لقد تزوج بالأولى ولم ينجب منها، ومن الثانية وأنجب منها ابنة عام 88، والأخيرة سيلكا وأنجب منها طفليه رامي وكريم، فهو صاحب تجربة اذن ويعلم جيدا ان القانون الألماني يحرص على حق الأم والزوجة الالمانية.

* المتهم أكد تخلي السلطات المصرية والالمانية عن مشكلته؟

ـ هذا الرجل له سوابق في الزواج من الالمانيات وعاش هناك 10 سنوات وتزوج أكثر من واحدة وأنجب وضرب احداهن بمقص وهرب من هناك ويعلم القانون جيدا ويعلم تأثير القانون الالماني عليه.. فماذا يريد.

* ذكرتم أيضا أن المتهم كان ينوي قتل الرهائن الأربعة بالأقصر.. فأين الدليل؟

ـ نعم كان سوف يقتلهم، وكان يتصل بأحد أصاحبه في المانيا، وقامت السلطات الالمانية بتسفير زوجته وطفليها على طائرة الى فيينا بصحبة صاحبه المصري الذي اتصل به داخل مقر الرهائن بمعرفة سلطات المطار بفيينا وسمع صوت زوجته وولديه وأكد له انهم قادمون للقاهرة وأخبره بموعد وصول الطائرة، والدليل على ذلك ان المطار في مصر استقبل اشارة وصولهم وانتظروهم ورجال الاعلام في الموعد، وقام المتهم بالافراج عن الرهائن، فلولا ذلك لقتلهم فهو لم يخل سبيلهم رأفة أو رحمة ولكن لولا حكمة رجال الأمن المصريين لانتهت القضية بمجزرة واذا كان لم ينو قتلهم فلماذا أغلق الأبواب والمنافذ وقام بشراء السلاح وكان يرعب المختطفين بين الحين والآخر ويمرر أمامهم السلاح ويحذرهم من القتل. وقال لأجهزة الأمن ذلك.

* ربما تكون جريمته وليدة اللحظة؟

ـ لا لم تكن جريمته وليدة اللحظة، فهو خطط لها من شهر ديسمبر (كانون الاول) الماضي، وكان ينوي خطف واحد فقط من الألمان الى أن شاهد الضحايا الاربعة، فهو خطط لها منذ زمن، فكان لابد لي أن اضع هذا في الاعتبار وانا أحكم ما بين المتهم والمجني عليهم وما أصابهم من رعب وهلع طوال فترة الاحتجاز.

* اذا كان الأمر هكذا وكان ينوي قتلهم. فلماذا لم يحاكم موسى بتهمة الشروع في القتل؟

ـ أنا كقاض مقيد بوصف التهمة من النيابة للمتهم، ولم يعمل الاجراء الذي به نصف انه شرع في قتلهم غير انه أعد كل شيء لذلك وهددهم فقط وربنا ستر من المجزرة.

* لماذا اتهمتم الاعلام بتضليل الرأي العام؟

ـ الناس أخذت فكرة خطأ عن القضية من التعاطف الاعلامي الذي نقل كلام المتهم فقط وأدار الاعلام بذكاء فكون رأىاً عاماً. وأنا أتساءل.. هل كل من لديه مريض يسرق ويقتل بسببه؟ لا اطلاقا فالقانون المصري لا يعرف الباعث أو الغرض من ارتكاب الجريمة، فما ذنب هؤلاء الالمان، هؤلاء جاءوا الى مصر ليصرفوا قرشين ينعشوا الاقتصاد المصري.. فما ذنبهم وهم ليسوا أقارب زوجته.

* بماذا تفسر كل هذا التعاطف الجارف تجاه المتهم؟

ـ والله لو أن أحداً من هؤلاء المتعاطفين وقع له حادث مماثل أو كان بين المجني عليهم لطالب باعدام موسى.

* المتهم قال إنه فشل في جميع السبل التي سلكها لرؤية اطفاله والجميع أخذ عليه ارتكابه حادث الاختطاف. فما هو الحل الصحيح الذي كان من المفروض ان يسلكه من وجهة نظركم؟

ـ اطلاقا المتهم لم يسلك كل الطرق أبدا.سوى الذهاب والاياب الى سفارة المانيا فقط بالقاهرة. كما ان المسؤولين في السفارة ردوا عليه وطلبوا منه ان يوكل محاميا المانيا يرفع له قضية هناك. ولكن المتهم لم يرتض هذا الحل. وظل يظهر في الصحف على انه شهيد فماذا تفعل له، هل الصحف توكل له محاميا أو ترفع هي بدلا منه قضية، هو يقول ما يحلو له.. فالقانون الالماني أباح للأم الاحتفاظ بأطفالها فهل يقوم هو باختطافهم؟ هل يعقل، والمتهم منع من دخول المانيا بسبب وضعه في «القائمة السوداء BlackList لقيامه بضرب زوجته الثانية هناك بمقص في رقبتها وخطف ابنته منها «ايناس» وحضر الى القاهرة وصدر ضده حكم بالحبس شهرا ولم ينفذه حتى الآن.

* هل وضعت المحكمة الرأي العام أمامها وقت تدوين الحكم؟

ـ دعينا من الرأي العام أنا لا يهمني رأيه ولكن يهمني ما تحتويه الأوراق وحكمت حسبما استقر في يقيني واستقر في وجداني واستخلصته من الأوراق وما تم فيها من تحقيقات. افرضي ان الاعلام اثار الرأي العام ضد متهم ولم يستحق عقوبة هل أضع الرأي العام في اعتباري؟ مطلقا فالقاضي لا يحكم الا بعلمه الشخصي وليس بتأثير الرأي العام.

* لو تعرضتم ـ فرضا ـ لحادث اختطاف أحد أولادكم على طريقة زوجة المتهم ابراهيم موسى لا قدر الله فماذا كنتم تفعلون؟

ـ لو تعرضت لمثل هذا الحادث اتحمل مغبة الاجراء الذي يقع علي فهو رجل متزوج من هذا البلد أكثر من مرة ولم تكن الأولى وهو رجل متعلم، ولكنني لا أتعرض لهذا الحادث ان شاء الله لأنني أحب ابنة بلدي ولم أتزوج بغيرها، وأقولها مرارا وتكرارا لماذا الاجنبية بصفة عامة ولماذا الالمانية أكثر من مرة بصفة خاصة ولكنه لم يتخذ أي اجراء وبعدين أنا كقاض بعيدا عن هذا كله، أمامي قضية 4 اختطفوا واحتجزوا بقوة وهذه جريمة لها عقاب.

* القضية ليست قاصرة على المحيط المصري بل تخص الجانب الالماني لأن الضحايا ألمان فهل كان الحكم سياسيا لارضاء الجانب الالماني؟

ـ الحكم ليس سياسيا بل حكم جنائي، فهل كان يتوقع الجميع ان اعطيه براءة علشان الناس عايزة كده وآخذ منهم وسام. القضية واخده أكبر من حجمها، وحق ربنا عقوبته عن الجريمة مؤبد، وهو يستأهل أكثر من 15سنة، فعندما حكمت نزل الحكم على الجميع مثل الصدمة لأن الاعلام لم يذكر حقائق أخفاها المتهم.

* هل أعطيت المتهم جميع حقوقه أثناء نظر قضيته؟

ـ نعم اعطيته الحق في الرأفة ولم أصادر على محاميه حقهم في الدفاع وترافعوا على مدار 3 أيام واعطيته حق تقديم المستندات وقال كل ما عنده وأحضر جميع شهوده.

* صرح المتهم أثناء نظر القضية بأن ولديه تم تغيير ديانتهما فهل هذا صحيح؟

ـ لا يوجد دليل في الأوراق على أن أولاده غيروا ديانتهم ولم يخبرنا أحد بذلك فهو يقول ما يحلو له ولكن الأوراق تقول ايه؟

* هل المتهم أضر بسمعة مصر؟

ـ طبعا أضر بالعلاقة الالمانية ـ المصرية آنذاك لأنهم هناك علموا بأن مصرياً اعتدى على 4 ألمان وخطفهم وأحتجزهم فماذا يكون رد الفعل الالماني تجاه ذلك.

* هل كان هناك تأثير على هيئة المحكمة لصدور هذا الحكم؟

ـ أنا لم أتعرض لأي تأثير ولا أرتضي هذا الفعل أبدا لأن القاضي له ضميره المستقل لا سلطان لأحد عليه سوى الله سبحانه وتعالى وان هذا ما استقر في عقيدة المحكمة وأنا مرتاح لصدور هذا الحكم. وعلى فكرة أنا نسيت القضية بعد الحكم. واستعد لقضايا أخرى.

* وأخيرا بما تنصح الشباب المتكالب على الزواج من أجنبيات؟

ـ يجب أن يتروى واذا أراد الزواج من أجنبية لغرض ما في نفسه يجب أن يعلم القانون الخاص لبلدها ويضع في اعتباره عواقب أثار القانون وحقوقها وواجباتها حتى لا يتعرض لمشاكل عند الانجاب منها.