5 خيارات للخروج من المأزق الفلسطيني ـ الإسرائيلي عشية عودة مجلس الأمن إلى بحث النزاع

TT

لاول مرة منذ حوالي عام تقريبا لم تظهر انباء الصراع بين اسرائيل والفلسطينيين على الصفحات الاولى للصحف الاميركية الرئيسية منذ يومين. وبالرغم من ذلك، يبدو ان الجهود الدبلوماسية الرامية الى انهاء النزاع قد بدأت تتبلور.

فمن المقرر ان يعقد مجلس الامن الدولي غدا جلسة خاصة لبحث النزاع. ويريد الفلسطينيون ان يشكل المجلس آلية لمراقبة اتفاقيات وقف اطلاق النار التي تفاوض عليها جورج تينيت رئيس وكالة المخابرات المركزية الاميركية (سي آي ايه). وتعارض اسرائيل هذا التطور، وإن كان وزير الخارجية الاسرائيلي شيمعون بيريس قد ادلى بتصريحات تشير الى موقف مرن.

في الوقت ذاته اصبحت الادارة الاميركية اكثر نشاطا، بعدما كانت تحاول في البداية الابتعاد عن موقف لا يحقق اية مكاسب.

ومن بين الاسباب انها تعلم ان اسرائيل في ظل حكومة آرييل شارون، لم تعد لديها افكار جديدة عن كيفية مواجهة الموقف المتدهور. وطبقا لمصادر في واشنطن، فإن ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش اعترضت على آخر افكار شارون «الكبيرة»، وهي اعادة احتلال الضفة الغربية، خلال مكالمة هاتفية منذ ايام.

اذن ما هي الافكار التي تتردد الآن في مراكز الابحاث والدوائر الدبلوماسية؟

بعيدا عن هؤلاء الذين يعتقدون انه من الافضل ترك دورة العنف الحالية تأخذ مجراها، فإن المحللين يركزون على خمسة بدائل محتملة تؤدي كلها الى نوع من «الانفصال» بين اسرائيل والفلسطينيين.

البديل الاول هو «تجربة تيمور الشرقية»، في اشارة الى قرار اندونيسيا قبل عامين بانسحاب قواتها من تيمور الشرقية، وبالتالي التخلص تماما من الصراع الذي استمر أكثر من ربع قرن.

وتحظى هذه الفكرة بتأييد في اسرائيل والولايات المتحدة. ومن بين كبار مؤيدي هذه الفكرة رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود باراك.

ووجهة نظرهم تتلخص في انه بغض النظر عن عدد الاتفاقيات التي يتم التوصل اليها مع القيادة الفلسطينية تظل هناك مجموعات من الفلسطينيين الذين يرغبون في شن حرب ضد اسرائيل بسبب وجودها. ولذا على اسرائيل ان تقصر خطوطها اللوجيستية، وتخفض مساحات تعرضها للعنف وتحرك قواتها لحماية حدود يمكن الدفاع عنها.

بينما يوضح المعارضون لهذه الفكرة انها ستدفع الاراضي المحتلة نحو مزيد من الفوضى، فيمكن ان تندلع نيران الحرب بين الجماعات الفلسطينية المسلحة من اجل السيطرة والحصول على مواقع، وهو الامر الذي يمكن ان يؤدي الى تدفق اللاجئين الهاربين ليس فقط على الاردن ولكن على اسرائيل نفسها.

والبديل الثاني هو تسليم اسرائيل الضفة الغربية وغزة الى الاردن ومصر. فقد كانت المنطقتان تحت السيطرة المصرية والاردنية عندما احتلتهما اسرائيل عام 1967.

ويؤكد المؤيدون لهذه الفكرة ان الاردن ومصر اقدر على تحقيق السلام والامن في الاراضي «المتروكة» خلال فترة انتقالية والى ان يتم انشاء دولة فلسطينية. وبما ان لدى مصر والاردن معاهدات سلام مع اسرائيل، سيضمنان عدم استخدام الاراضي «المتروكة» للهجوم على الدولة اليهودية.

الا ان المعارضين لهذه الفكرة يعربون عن شكهم في امكانية ان تلعب عمان والقاهرة هذا الدور، حتى بضغط قوي من واشنطن. فليس لديهما مصلحة في العمل كقوة احتلال في منطقة خطرة ولا ان تصبحا شرطة لتل ابيب في المنطقة.

والبديل الثالث هو ان تطلب اسرائيل عقد جلسة خاصة لمجلس الامن لاعلامه بانسحابها من 97% من الاراضي المحتلة، وبالتالي تترك الامر للامم المتحدة. ومن بين مؤيدي هذه الفكرة يوسي بيلين وزير العدل الاسرائيلي السابق. ويدعي انصار الفكرة انها ستمكن من عملية انتقال سلسة من الاحتلال الاسرائيلي الى الدولة الفلسطينية في ظل تفويض للامم المتحدة قصير المدى.

بينما يشير المعارضون الى انه من غير المرجح ان يقبل بالفكرة الفلسطينيون الذين يمكنهم ان يعلنوا في الحال الدولة الفلسطينية، ويضمنون اعتراف اغلبية اعضاء الامم المتحدة بها. وفي اطار الارتباك يمكن لاسرائيل الدخول في حرب مع الدولة الفلسطينية الجديدة.

اما البديل الرابع فهو اعلان الفلسطينيين دولتهم، والحصول على اعتراف من اسرائيل والامم المتحدة، وتمكين اسرائيل من الانسحاب من جميع الاراضي المحتلة تقريبا. وما سيتبقى بعد ذلك هو المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية، التي لا تمثل اكثر من 2% من مساحة الاراضي. وهذه القضية بالاضافة الى قضايا اخرى مثل الحدود الدقيقة للدولتين، وتبادل الاراضي لتمكين الدولة الفلسطينية من ان تصبح جزءا واحدا، يمكن ان تصبح مادة لمفاوضات مستقبلية تؤدي الى معاهدة سلام رسمية بين الجارتين. ويشير انصار هذا البديل الى ان ظهور دولة فلسطينية يمكن ان يخلق شعورا بالارتياح يمكن ان يسهل اتفاقيات مستقبلية حول قضايا معقدة مثل الحدود والمشاركة في القدس. والبديل الاخير هو ان يطلب الرئيس الاميركي من الطرفين اسرائيل والسلطة الفلسطينية اعلان فترة هدوء يقدمان خلالها له مواقفهما التفاوضية على نحو بيان رسمي مكتوب. ثم يعلن الجانبان فترة محددة للتفاوض أو على الاقل موعدا محددا لبدء المفاوضات.

ويشير انصار هذه الفكرة الى ان تطبيقها سينقل الصراع الى الساحة السياسية، وبالتالي يفرض نوعا من القيود على الجانبين. كما ان فكرة تحديد برنامج زمني مسبق لكل من اتمام المحادثات وبداية الانسحاب الاسرائيلي سيؤدي الى تهدئة مشاعر الغضب الفلسطيني بدون منح الصقور الاسرائيليين حجة لتخريب اتفاقية سلام.

بينما يشير المعارضون الى ان التدخل المباشر للولايات المتحدة، كما حدث في الماضي، سيؤدي الى تبعات غير متوقعة في الجانبين يمكن ان تؤثر في التوصل الى اتفاق.

ويتفق المعارضون على ثلاث نقاط; الاولى هي ان خطة شارون التي بمقتضاها توافق اسرائيل على تسليم 42% من مساحة الاراضي المحتلة الى السلطة الفلسطينية خطة غير واردة. والنقطة الثانية هي ان عرفات لن يتمكن من اللعب على عدة رقع شطرنج في الوقت ذاته ويجب ان يوضح من دون لبس مطالبه القصوى. أما النقطة الثالثة، فهي ان افضل بديل من اجل السلام في المنطقة هو التسوية التفاوضية وليس انسحابا اسرائيليا من جانب واحد او اعادة احتلال الاراضي الواقعة الآن تحت سيطرة السلطة الفلسطينية.

ان الانسحاب الاسرائيلي من جانب واحد يمكن ان يؤدي الى وضع يشبه ما حدث بعد انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان. فاكثر العناصر الفلسطينية راديكالية ستشعر بانها هزمت اسرائيل واجبرتها على الخروج. وسيؤدي هذا الى قوة دفع لتشديد الصراع ضد اسرائيل الى ان تطرد من «كامل التراب الفلسطيني».