ميلوشيفيتش يسعى لتحويل محاكمته في لاهاي إلى محاكمة للناتو

TT

بعيدا عن قصر الرئاسة في بلغراد حيث دبر اربعة حروب في منطقة البلقان، يقضي الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش ايامه في زنزانة سجن هولندي، يطلع على وثائق ويقابل محاميه لبحث كيفية تحدي المحكمة الدولية التي ستقرر مصيره والمستقبل الذي ينتظره. وطبقا لما ذكره بعض الذين التقوه في سجنه، ليس لدى ميلوشيفيتش نية في الاعتراف بمحكمة العدل الدولية التابعة للامم المتحدة، اذ يعتبرها تابعا لحلف شمال الاطلسي والقوى الغربية التي ساعدت في اطاحته. غير ان هؤلاء يقولون كذلك ان ميلوشيفيتش على علم بتفاصيل التهم الموجهة اليه والمتعلقة بارتكاب جرائم ضد الانسانية في حرب عام 1999 بكوسوفو.

ويعتزم ميلوشيفيتش، الذي يحمل درجة جامعية في القانون، تمثيل نفسه امام المحكمة بهدف استخدام محاكمته كمنبر لتوجيه المسؤوليه للناتو في ما حدث في كوسوفو، وهي محافظة صربية اصبحت منذ الحرب تحت حماية الحلف ومنظمة الامم المتحدة. ومن المقرر ان يظهر ميلوشيفيتش امام المحكمة في 30 اغسطس (آب) الجاري، غير تاريخ بدء المحاكمة نفسها لم يحدد بعد. وقال الصحافي الهولندي الذي يعمل كمنسق للجنة الدولية للدفاع عن ميلوشيفيتش، نيكو فاركيفيسر، ان الرجل سيجعل منها محاكمة سياسية لحلف الناتو.

الجدير بالذكر ان ميلوشيفيتش تلقى زيارات من زوجته ميرا ماركوفيتش. وفي لقاء اجري معها أخيرا قالت ماركوفيتش انها تتحدث مع زوجها هاتفيا كل يوم. وبعد فترة من العزلة بدأ الرئيس اليوغوسلافي السابق يختلط مع النزلاء الـ39 في نفس السجن وهم يشتملون على كروات ومسلمين وصرب.

ويقول الزوار ان ميلوشيفيتش لا يزال مصرا على انه لم يرتكب أي خطأ في كوسوفو. وطبقا لوجهة نظره، فإن الخطوات التي اتخذت ضد تمرد «جيش تحرير كوسوفو» كانت مشروعة، في اطار حرمان الانفصاليين المسلحين من اقتطاع جزء تاريخي من صربيا، اكثر جمهوريات يوغوسلافيا هيمنة.

كما يعتقد كذلك ان قصف طائرات حلف الناتو بغرض إخراج الجيش اليوغوسلافي وقوات الأمن هو الذي ادى الى فرار مئات الآلاف من الالبان من كوسوفو، نافيا وقوع أي عمليات قمع وتطهير عرقي للألبان. ويصر ميلوشيفيتش على انه حاول اخضاع قوات الامن اليوغوسلافية التي تورطت في ارتكاب بعض الفظائع بحق ألبان كوسوفو، وادعى كذلك انه حاول اتخاذ اجراءات تأديبية بحق بعض الوحدات الامنية وهو ادعاء يمكن ان يستخدمه في دفاعه امام المحاكمة.

وقال كريستوفر بلاك، وهو محام كندي يرأس لجنة قانونية فرعية للدفاع عن ميلوشيفيتش، ان الرئيس اليوغوسلافي الاسبق شكا اليه عندما زاره في يوليو (تموز) الماضي من ان الناس لا يعرفون تاريخ يوغوسلافيا والتاريخ الصربي. واضاف بلاك ان ميلوشيفيتش فعل ما بوسعه لوقف أي انتهاكات من جانب القوات الصربية في كوسوفو. بوسع ميلوشيفيتش طرح كل هذه النقاط اذا اراد ان يوكل عنه دفاعا رسميا، كما ان له الحق في استدعاء الشهود، اذ في امكانه استدعاء ريتشارد هولبروك، السفير السابق بالامم المتحدة ووزيرة الخارجية الاميركية السابقة مادلين اولبرايت وقائد قوات الناتو السابق الجنرال ويسلي كلارك. ويقول الصحافي الهولندي فاركيفيسر ان بوسع ميلوشيفيتش استدعاء الرئيس الاميركي السباق بيل كلينتون اذا رغب في ذلك.

ويقول خبير قانوني ان قضاة المحكمة الذين من المفترض ان يقرروا في طلبات ميلوشيفيتش سيكونون في اشد الحذر تجاه صلاحيات الاستدعاء للمحكمة، ويعتقد الخبراء كذلك ان الرجل اذا قرر الدفاع عن نفسه، فإن القضاة سيبذلون ما في وسعهم للتأكيد على انصافه. وبما ان غالبية هؤلاء المسؤولين تركوا مناصبهم السابقة، فلن يكون لديهم حصانة ضد الشهادة بما في ذلك الرئيس السابق بيل كلينتون وهولبروك واولبرايت. ويقول فاركيفيسر انه لا توجد نية الآن لاستدعاء أي شهود لأن خط دفاع ميلوشيفيتش يعتمد على ان اعتقاله في هولندا يعتبر انتهاكا للقانون الهولندي والقانون الدولي على السواء، مضيفا ان هذا الادعاء سينتهي بالقضية في المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان حيث يوجد عدد من القضاة المتعاطفين مع اوروبا الشرقية، حسبما يرى واحد من اعضاء لجنة الدفاع عن ميلوشيفتش.

وكان عدد من مسؤولي المحكمة قد حذر ميلوشيفيتش من ان رفضه لوجود هيئة للدفاع عنه امر قد يسفر عن مخاطر في قضية معقدة مثل هذه القضية. واعرب متحدث باسم المحكمة عن امل المسؤولين في عدوله عن رأية وقبول فريق للدفاع عنه.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»