بريطانيا تتجه إلى فرض تعلم الإنجليزية شرطا للعيش فيها والحصول على جنسيتها

TT

لا يُستبعد أن تصبح معرفة اللغة الانجليزية بحد يكفي للتعامل بها، شرطاً لا بد منه لكل راغب في الهجرة الى بريطانيا ونيل جنسيتها. ونسبت صحف محلية الى اللورد روكر، وزير الدولة البريطاني لشؤون الهجرة، قوله ان الحكومة تفكر حالياً في اصدار قرار بهذا الخصوص اثر انتهائها من مراجعة جملة من المسائل المتعلقة بالهجرة. وانتقد اشتياق أحمد، المتحدث باسم «مجلس مساجد برادفورد» في اتصال مع «الشرق الأوسط»، اتخاذ اللغة الانجليزية شرطا للحصول على الجنسية البريطانية مؤكدا ان ذلك سيسيء الى الحياة العائلية في اوساط الجالية المسلمة. ويتوقع ان يثير القرار غير المسبوق جدلا واسعا، لا سيما ان جمعيات خيرية معنية بالدفاع عن المهاجرين قد اعربت عن استيائها لهذا الموقف الرسمي. وذكرت صحيفة «الغارديان» ان الاعلان عن هذا القرار، في حال اتخاذه، سيأتي في اطار المؤتمر السنوي لحزب العمال البريطاني الحاكم المنتظر عقده اواخر الشهر المقبل. ومعروف ان الحكومة لجأت في الماضي الى تجميد قرار سابق نص على توفر الحد الادنى من المعرفة بالانجليزية كشرط للتقدم بطلب التجنس. وقد عمدت الى ذلك في أعقاب احتجاجات قام بها ناشطون في مجال رعاية المهاجرين.

ونقلت الصحيفة عن الوزير تأكيده في مقابلة أجراها معه موقع «ابوليتكس» الانترنتي، على احترامه لحق الجميع «بالحفاظ على ثقافتهم ودينهم والعيش بسلام». بيد انه أضاف في تبرير للقرار المحتمل «ينبغي ان لا يُحرم أحد من فرصة المساهمة بصورة مناسبة، خصوصاً في سوق العمالة». وأشارت الصحيفة الى ان النائبة العمالية آن كراي التي تمثل منطقة كيغلي في شمال انجلترا، اعتبرت ان عدم الالمام بالانجليزية هو السبب الرئيسي في كثير من الفقر الذي تعاني منه منطقة برادفورد. والجدير بالذكر ان برادفورد التي شهدت اخيرا أحداث شغب متكررة ذات طابع عرقي، تضم مجموعة كبيرة من المسلمين من أصول آسيوية. الا ان اشتياق أحمد نفى صحة كلام النائبة كراي، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» انه يدل على «انها قد فقدت حسها السياسي». وأضاف «لقد تراجعت عن هذا الموقف بعدما بينا لها مواضع الخطأ فيه». وفي معرض تفنيد الحجة الاساسية للداعين الى فرض تعلم اللغة على المهاجرين، اشار الى ان «أوائل الوافدين الآسيويين كانوا اشخاصا عملوا في هذه البلاد بجد واجتهاد كبيرين رغم ان معظمهم لم يكن ملما بالانجليزية» الامر الذي يؤكد انها ليست شرطاً لا بد منه للمساهمة في حياة المجتمع البريطاني. وزاد «اما ابناء الجيل الثاني فهم يجيدون الانجليزية على اي حال. صحيح ان بيننا عددا قليلا ممن لا يتقنون الانجليزية لكن ذلك لا يعيقهم عن العثور على عمل ملائم».

ولدى سؤاله عن الأثر الذي سيحدثه القرار المتوقع على حياة الجاليات الاسلامية، شدد احمد ان «ذلك سيؤدي الى التشتت العائلي، خصوصاً ان البريطانيين المسلمين من أصول آسيوية لن يستطيعوا بسببه من عقد قرانهم على فتيات يأتين من بلدانهم الاصلية». وأكد ان الجمعيات الاسلامية قد عبرت عن احتجاجها على الأمر وطالبت الحكومة رسمياً بعدم اتخاذ خطوة كهذه. وفيما اعتذر عن التعليق عن مجريات الاجتماع الذي عقده ديفيد بلانكت وزير الداخلية مع قادة الجالية الاسلامية في برادفورد الاسبوع الماضي بوصفه غاب عنه لاسباب طارئة، استبعد عدم إثارة موضوع اللغة الانجليزية مع بلانكت في سياق الاجتماع.

ومن جهة اخرى، استنكر ناشطون بريطانيون القرار المتوقع معتبرين انه يمثل «استعمارا لغويا». وتكهنوا بان يُلحق فرض تعلم اللغة الانجليزية على المهاجرين الضرر بالعلاقات العرقية في البلاد. وقالوا ان هناك فرقا شاسعا بين تشجيع الوافدين على تعلم اللغة وبين فرضها عليهم فرضا. وكان بلانكت قد اعلن قبل أيام عن البدء في مراجعة شاملة لكافة وجوه سياسة الهجرة التي تطبقها الحكومة، بما فيها نظام توزيع طالبي اللجوء. وجاء ذلك نتيجة لتصاعد أحداث العنف ضد طالبي اللجوء، التي بلغت ذروتها في جريمة قتل اللاجئ الكردي فرزات يلديز على يد عنصريين اسكوتلنديين في منطقة سايت هيل بغلاسجو.