وزير الداخلية الجزائري يستبعد معاقبة المتسببين في أحداث القبائل

TT

استبعد وزير الداخلية الجزائري يزيد زرهوني، أمس، إصدار أية عقوبات على ضوء تقرير لجنة التحقيق التي أعلن عنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بخصوص أحداث منطقة القبائل، مشيرا إلى أن العدالة هي التي ستفصل في الأمر.

وأكد يزيد زرهوني، خلال ندوة صحافية عقدها على هامش تنصيب والي ولاية البويرة (100 كلم شرق العاصمة) الجديد، أن تقرير لجنة محند يسعد ليس إلا «تقريرا أوليا لا يمكن الاعتماد عليه دون الأخذ بعين الاعتبار القرارات التي ستصدرها العدالة» بشأن المتسببين أو المتورطين في أحداث منطقة القبائل. وأضاف الوزير أن العدالة باشرت التحقيق في بعض الملفات المتعلقة بالأحداث وهي المؤهلة للفصل فيها. وكان الرئيس بوتفليقة قد أكد في تصريحاته ثقته بمحند يسعد، مشددا على أنه لا أحد يستطيع التشكيك في نزاهة رئيس لجنة التحقيق، كما وعد باتخاذ العقوبات الصارمة ضد من يدينهم التقرير. وسبق لرئيس لجنة التحقيق أن صرح أن أعضاء اللجنة سيستأنفون تحقيقاتهم بداية الأسبوع القادم.

وكان تقرير لجنة يسعد، الذي نشرته الرئاسة، أثار ردود فعل كبيرة في الأوساط السياسية والإعلامية، خاصة بعد الاتهامات المباشرة والخطيرة التي وجهها إلى قوات الدرك الجزائري، على اعتبار أنها تتحمل مسؤولية ثقيلة في تطور الأحداث في منطقة القبائل التي أسفرت عن مقتل أزيد من 50 قتيلا وأكثير من ألفي جريح. وذهب التقرير إلى حد اتهام الدرك المحلي بتجاوز أوامر القيادة الوطنية، وهو ما جعل محرري الوثيقة، التي تسلمها الرئيس بوتفليقة، ينتهون إلى أن هناك قوى خارجية (عن جهاز الدرك) تمكنت من اختراق هذا الجهاز الأمني الذي لا يزال أعيان سكان منطقة القبائل يطالبون بترحيله من منطقتهم وتعويضه بجهاز أمني آخر.

وقبل تصريح وزير الداخلية كان وزير العدل قد أكد، قبل ثلاثة أيام، أن مصالحه سلمت لجنة التحقيق أظرفة وبقايا الرصاصات التي أصابت المتظاهرين في منطقة القبائل، وهو تصريح يعاكس ما ذهب إليه رئيس لجنة التحقيق وأستاذ القانون محند يسعد عندما أشار إلى أن أعضاء اللجنة طلبوا تسلم الرصاصات لمعرفة مصدرها وخصائصها، لكنهم لم يتحصلوا عليها.

وكان التقرير أيضا مخالفا لما ذهب إليه الكثير من السياسيين والبرلمانيين وكذا الرئيس بوتفليقة الذي كرر في عدة مناسبات أن أحداث منطقة القبائل مؤامرة تورطت فيها أطراف خارجية، ولمح إلى جهات فرنسية، قال في ما بعد إنها لا علاقة لها بالحكومة ولا بالشعب الفرنسي. وبنفس التحليل صرح وزير الشؤون الدينية بوعبد الله غلام الله أن تلك الأحداث يقف وراءها مزدوجو الجنسية، أي الجزائريون المهاجرون الحاصلون على جنسية فرنسية إضافة إلى جنسيتهم الأصلية، وقد دفع هذا التصريح لجنة التحقيق البرلمانية، التي لم تقدم تقريرها بعد، إلى استدعاء الوزير والاستماع إلى تحليله للأحداث وخلفياتها.

يذكر أن مراسم تنصيب والي ولاية البويرة الجديد جرت في ظل مقاطعة نواب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الحزب المنسحب من الحكومة خلال أحداث منطقة القبائل التي يستمد منها شعبيته)، كما أعلن رئيس المجلس الولائي للبويرة، خلال كلمة ألقاها بعد حفل التنصيب، إصراره على معارضة تغيير الوالي السابق الذي كان سكان الولاية يرتاحون إليه، وأضاف متوجها إلى وزير الداخلية أن موقفه هذا يأتي انعكاسا لرغبة مواطني الولاية.