مسؤولون أميركيون يريدون رفع عقوبات السودان ومكافأته على تعاونه في مكافحة الارهاب

التحرك يواجه معارضة في ائتلاف المسيحيين والمحافظين وجماعات مكافحة الرق

TT

قال دبلوماسيون ان مسؤولي مكافحة الارهاب في الولايات المتحدة توصلوا الى ان السودان اوقف دعمه للجماعة الارهابية المتورطة في محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك عام 1995، بما يزيد احتمالات ان ترفع الامم المتحدة الحظر المفروض على سفر المسؤولين السودانيين الى الخارج.

الجدير بالذكر ان مجلس الامن التابع للامم المتحدة كان قد فرض حظر سفر المسؤولين السودانيين الى الخارج قبل خمس سنوات عقابا للحكومة السودانية على ايواء الجماعة الاسلامية وهي تنظيم ارهابي مصري يعتقد انه وراء محاولة الاغتيال التي تعرض لها مبارك.

ولم يقرر البيت الابيض بعد ما اذا ستلغى عقوبة حظر السفر عند فترة تجديدها الشهر المقبل في المجلس الذي تتمتع فيه الولايات المتحدة بحق الاعتراض. وطبقا لما ذكره مسؤولون في واشنطن والامم المتحدة، فإن بعض مسؤولي مكافحة الارهاب بوزارة الخارجية الاميركية يفضلون «مكافأة» السودان على تعاونه. وأكد مسؤولون اميركيون ان واشنطن لا تعتزم رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان بسبب ما يعتبرونه «سجل البلاد السيئ في حقوق الانسان والصلات المحتملة ببعض المجموعات الارهابية».

غير ان أي تحرك للتخفيف على السودان في الامم المتحدة ربما يجد اعتراضا من الائتلاف القائم بين المسيحيين والمحافظين في الدوائر التشريعية الى جانب المجموعات المناهضة للرق، اذ يعتزم هذا الائتلاف معاقبة الحكومة في الخرطوم التي يسيطر عليها الشماليون والتي تشن حربا ضد المتمردين الجنوبيين الذين يدينون بالمسيحية والاديان المحلية الاخرى.

ويقول جون برندرغاست، وهو مسؤول سابق بوزارة الخارجية ساعد في صياغة السياسة الاميركية تجاه السودان خلال ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون وإبان الفترة الاولى للادارة الحالية، ان سماح الادارة الاميركية باسقاط عقوبات الامم المتحدة المفروضة على السودان ستواجه ردود فعل صعبة على المستوى الداخلي، اذ يعتقد ان الذين لا يبدون اهتماما بمسألة الارهاب سيشعرون بأن هذه الخطوة تعتبر بمثابة مساومة في السياسة الاميركية على حساب اوضاع حقوق الانسان في السودان.

ويقول برندرغاست ان تأييد رفع عقوبات الامم المتحدة على السودان في ازدياد مستمر داخل الادارة الاميركية وسط احتمالات لعب الولايات المتحدة لدور الوسيط في انهاء الحرب الاهلية في السودان، اذ من المتوقع ان يعين وزير الخارجية الاميركي كولن باول مبعوثا خاصا للسودان الشهر المقبل. واضاف برندرغاست ان الادارة الاميركية الحالية ستركز على المشاركة في محاولة انهاء الحرب في السودان، ويعتقد ان ثمة اصواتا مهمة داخلها تنادي بضرورة «فعل شيء لكسب حسن النية».

تجدر الاشارة الى ان حظر السفر على المسؤولين السودانيين لم يطبق بتشدد وكان رمزيا الى حد كبير. وكانت هذه العقوبات قد فرضت على السودان عام 1996 بعد رفض السودان تسليم ثلاثة مصريين متهمين بالمشاركة في محاولة اغتيال الرئيس مبارك في 26 يونيو (حزيران) 1995 عند وصوله الى اثيوبيا للمشاركة في قمة لمنظمة الوحدة الافريقية. ويزعم ان شركة الخطوط الجوية السودانية قد استخدمت لترتيب فرار المتهمين من اديس ابابا الى الخرطوم.

ورغم ان المتهمين بتنفيذ محاولة الاغتيال لم يلق القبض عليهم، فإن الحكومة السودانية قالت انها التزمت بمطالب الامم المتحدة الخاصة بوقف دعمها للارهابيين. ومن المعروف ان الحكومة السودانية كانت قد ابعدت اسامة بن لادن عام .1996 وذكرت مصادر وزارة الخارجية الاميركية في آخر تقرير سنوي لها حول الارهاب ان «سلوك الخرطوم قد تحسن، الا ان السودان لا يزال يستخدم كملاذ آمن بواسطة اعداد من اعضاء العديد من المجموعات بمن في ذلك اعضاء في منظمة القاعدة التي يتزعمها اسامة بن لادن و«الجماعة الاسلامية» وتنظيم «الجهاد» المصري وتنظيم «الجهاد» الفلسطيني وحركة حماس».

وكان فريق من المتخصصين في مكافحة الارهاب، بمن في ذلك ممثلون لوزارة الخارجية الاميركية ووكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيق الفيدرالي، قد زاروا السودان عدة مرات منذ مارس (آذار) .2000 وقال مسؤولون لهم صلة بهذه الترتيبات، ان الجهات المسؤولة في السودان زودت الفريق بمعلومات حول عمليات الجماعات الارهابية واوجد علاقات استخباراتية رسمية. رفض دبلوماسيون اميركيون التعليق علنا حول الحوار مع السودان حول الارهاب، غير ان خبراء اكاديميين قالوا ان الولايات المتحدة كانت تسعى الى الحصول على ضمانات تؤكد على عدم استئناف السودان مساندته للارهاب.

ويعتقد سفير السودان لدى الامم المتحدة، الفاتح عروة، من جهته ان الحكومة السودانية نجحت في تلبية مطالب واشنطن، غير ان الولايات المتحدة لم تقدم وعدا بالسماح للامم المتحدة بانهاء العقوبات المفروضة على السودان. واضاف عروة انه يدرك ان على الولايات المتحدة اتخاذ قرار سياسي وان كل الدول الاخرى الاعضاء في المجلس توصلت الى قناعة بأن السودان اوفى بالتزاماته.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»