وزير الإعلام اللبناني يتحدث عن سياسة «كيد ونكايات» ويدعو إلى سجن المسؤول عن الإعتقالات

TT

شن وزير الاعلام اللبناني غازي العريضي حملة عنيفة على الحكم والاجهزة الامنية والسلطات القضائية من دون ان يسميها مباشرة. ولم يوفر في هجومه وزير الداخلية الياس المر الذي ذكره بالاسم.

ووصف العريضي عملية اخلاء سبيل الموقوفين الخمسة والسبعين من انصار «القوات اللبنانية» المحظورة و«التيار العوني» والتي تمت ليل اول من امس بـ «مسرحية بطولات». وقال انه «جرى فتح ابواب السجون بقرارات استثنائية». معتبراً «ان الشجاعة ليست بفتح ابواب السجون لاخراج الموقوفين فيها بل في ادخال المسؤول عما جرى الى السجون».

وانتقد العريضي في مؤتمر صحافي عقده امس على عجل بعد عودته من عمان وحضره مندوبو وسائل الاعلام اللبنانية والعربية والاجنبية ما جاء في بعض وسائل الاعلام من ان رئيس الجمهورية اميل لحود يحمل الى البطريرك نصر الله صفير (الذي التقاه امس) «هدية» اخلاء سبيل الموقوفين باستثناء المتعاملين مع اسرائيل، متسائلاً: «هل اصبحت كرامات الناس هدايا توزع هنا وهناك من قبل هذا او ذاك». وتحدث وزير الاعلام عن وجود «سياسة الكيد والنكايات» وقال: «ليس بهذه الطريقة تدار البلاد».

واكد: «لست مع توجهات العماد (ميشال) عون قطعاً بالكامل ولا مع توجهات «القوات اللبنانية» قبل ان يدان هذا أو ذاك أو قبل ان يعتقل هذا او ذاك. هذه مسألة محسومة. وان الذين يتحدثون عن هذه المسائل اليوم مواقعهم معروفة، ولكن نطرح اسئلة نريد اجوبة واضحة عليها. كيف تتخذ مثل هذه المواقف وتثير الكثير من النقاش في البلاد وتسيء الى سمعة البلاد، ثم فجأة يأتون بمسرحية بطولات اطلاق سراح الموقوفين ليلاً، وتفتح ابواب السجون بقرارات استثنائية، وتمنع التسريبات واعتماد اي موقف الا بقرار من النيابة العامة التمييزية وما يصدر عنها؟ ممتاز. لماذا لم يطلبوا الى كل الذين سربوا في شكل واضح وبأسماء معروفة وبتوقيعات معروفة... لماذا لم يطلبوا اليهم عدم بث معلومات وتسريبات وشائعات؟».

واضاف وزير الاعلام: «في الايام الماضية، لماذا سكتوا عن هذا الامر؟ لماذا سكتوا عن تسريبات حول سياسيين ورؤساء احزاب وصحافيين ومسؤولين سيطاولهم التحقيق وسيكون ثمة استدعاء لهم؟ من يعوِّض الناس؟ اين كرامات الناس؟ وقد سبق ان حذرنا من هذا النهج خلال السنوات السابقة. من هو المسؤول عن الفوضى؟ من هو المسؤول عن المواقف المتناقضة؟» وتساءل :«ومع ذلك نود ان نذكرهم بانهم اعترفوا بأخطاء حصلت امام قصر العدل. اكتشفوا مؤامرة خلال ساعات وهم مشكورون، ألم يتعرفوا الى صور الذين كلفوهم القيام بضرب الناس امام قصر العدل وهي منشورة منذ ايام؟ فمن اعطى الامر ومن هو المسؤول؟ اذا كانوا يعتقدون ان هذا الغبار وهذا الضجيج الذي اثير حول ما تلا هذه المسألة سيطمس هذه المسؤولية، فسلفاً نقول لن نسكت عن هذا الامر. لقد سبق وقررنا في مجلس الوزراء ضرورة ملاحقة المسؤولين عن هذا الامر وعدم السكوت عليه. ونحن مصرون على تحديد هذه المسؤولية».

وتمنى العريضي «لو ان هذه الامور نوقشت على طاولة مجلس الوزراء، كما طالبنا في الجلسة الشهيرة، لا ان تخرج الى الاعلام بهذه الطريقة، وبالتالي يكون النقاش بيننا عبر وسائل الاعلام. لسنا مسؤولين عن هذا الامر، لكن لا نستطيع الا ان نتحمل المسؤولية والا ان نكون على مستوى الامانة التي نحمل. ويؤلمنا ان نضطر الى قول ما نقول خارج اطار مجلس الوزراء الموقع الطبيعي لمناقشة كل القضايا والمسائل. وهذا ما سبب الذي حصل في الفترة السابقة. ولا بد من لملمة، لا بد من معالجة، والمعالجة لا تكون الا في السياسة، اذ لا يمكن ترك الامور كما هي عليه الآن».

وتابع يقول: «ولكن ماذا تعني كلمة لملمة؟ اذا كانت تعني تبويس لحى فلا. واذا كانت تعني عفا الله عما مضى فلا. ثمة مسؤوليات يجب ان تحدد. واقفال هذا الملف يجب ان يكون في شكل واضح كي لا يتكرر ما جرى. واما اذا كان البعض يعتقد ان اللملمة ايضاً ستتم على طريقته كما الشرذمة تمت على طريقته، فتلك الشرذمة مرفوضة وهذه اللملمة مرفوضة. اذا كانوا يعتقدون انهم يستطيعون التصرف على اساس: لقد فعلنا ما فعلنا واخطأنا في بعض المحطات لكن هذه الاخطاء ليست كبيرة، وبالتالي محاولة التهرب من المسؤولية او تحميلها للضحية، فهذا امر غير وارد». وتابع العريضي بقول: «اليوم هم ابطال حرية في الصحف. ممنوع التسريب، وقرار استثنائي اخرج الموقوفين. وان الشائعات تضر بسمعة لبنان. وقد ذهب البعض الى حد الحديث عن ان اطلاق سراح بعض الموقوفين هو «هدية»، هدية لمن؟ هل كرامات الناس هدايا توزع هنا وهناك من قبل هذا او ذاك؟. القرار الاستثنائي الكبير الذي يحتاج الى جرأة وشجاعة كبيرتين والى اقصى درجات الحكمة المرادف الملازم للشجاعة هو ليس بفتح ابواب السجون لإخراج الموقوفين منها، بل لإدخال المسؤول عما جرى الى السجون وتحديد المسؤوليات. من اطلق الشائعات عن الوضع الاقتصادي؟ ما سمعناه بالامس وقرأناه خفة ومهزلة واستمرار في الاستباحة، استخفاف بعقول الناس واساءة مجدداً الى كراماتهم، اساءة للمؤسسات ودورها، قضائية كانت ام سياسية ام امنية ام اعلامية واساءة، الى الوضع الاقتصادي في البلاد. ومع ذلك نقول عسى ان تكون بداية صحوة، بداية وعي، بداية عودة الى التوازن والخروج من دائرة انعدام الوزن، دائرة الورم والوهم بأن لبنان يحكم بهذه الطريقة».

واشار العريضي الى «سيناريوات وقد سمعنا بعض مضامينها منذ مدة، الحلحلة تكون في السياسة ومن السياسة ندخل الى الاقتصاد والامن. ما هي المصلحة في اقحام سورية في المعادلة الداخلية اللبنانية وكتابة مقالات وتعليقات؟ انا لا انتقد الصحافة ولا الصحافي، فمن حق الانسان ان يكتب ما يريد، لكننا نعلم من يوزع المعلومات ايضاً. لماذا هذا التحريض والتشويش والتضليل؟ أليس بإمكانهم ان يضيقوا افق مخيلاتهم في مرحلة معينة تستدعي الوحدة والتضامن والرؤية الواضحة؟ يتحدثون وكأن رئيس الحكومة يريد احتكار المعالجة الاقتصادية وبالتالي يضعون معادلة: لا نشركك في الامن اذا لم تبادر الى اشراكنا في الاقتصاد. اذاً اين الشراكة في السياسة التي هي الاساس؟ ثم ما هي هذه المعادلة؟ بالتأكيد رئيس الحكومة يتمنى لو استنفر كل اللبنانيين كل امكاناتهم وطاقاتهم للخروج من الازمة الاقتصادية. ثانياً، لا شيء سرياً في المعالجة الاقتصادية، كل ما يطرح على هذا المستوى طرح على طاولة مجلس الوزراء. اما القرارات الامنية التي هزت البلاد فلم تطرح على طاولة مجلس الوزراء. هذا تفكير خطير. ثم يتحدثون عن شائعات حول الوضع الاقتصادي، فمن اطلق الشائعات ومن كتب التحليلات حول الانهيار وعدم قدرة الحكومة على تحمل المسؤولية وحول بعض الارقام المالية وبعض التقارير؟ رئيس الحكومة ونحن عندما جئنا الى الحكومة قلنا ان الوضع الاقتصادي ليس جيداً بل هو حالة خطيرة وحددنا سلسلة من الاجراءات يجب اتباعها. بدأنا في مجال معين وواجهتنا عقبات وتجاوزنا هذه العقبات في هذا المجال المعين وفي المجالات الثانية. وتقريباً الى حدود بعيدة توقف كل شيء لماذا؟ لأن الحكومة مقصرة هنا؟ الحكومة مجتمعة تكون مسؤولة واما في القرارات الكبرى فلا تكون الحكومة مجتمعة مسؤولة؟ من اوقف هذا الامر ومن عرقله؟ هذا التخبط وهذه الفوضى وسياسة الكيد والنكايات من هنا وهناك. ليس بمثل هذه الطريقة تدار البلاد».

واكد وزير الاعلام اللبناني على «ان اي شخص كان في اي موقع كان وفي اي مهنة وفي اي مؤسسة كان يتعامل مع اسرائيل ويثبتون عليه تهمة التعامل مع اسرائيل لسنا في موقع الدفاع عنه. ونفصل تماماً بين مسألة الحرية ومسألة الامن القومي في هذا المعنى. ونحن معهم في هذا المجال ولكن كيف يمكن ان لا تترك التصرفات آثاراً سلبية وتثير الكثير من التساؤلات عندما توزّع المعلومات المتناقضة من المراجع المختلفة. نحن أُعطينا معلومات متناقضة. انا وزير اعلام أُعطيت معلومات متناقضة. وكنت في سفر وبقيت على اتصال مع المسؤولين واخذت معلومات متناقضة، فلماذا؟ لماذا لا نكون جميعاً في موقف واحد وموقع واحد لمواجهة كل الذين يريدون التعامل مع اسرائيل او الرهان عليها؟».

وسئل العريضي: بعد الذي حصل، هناك أمر لم نفهمه حتى الآن، وهو من سيحاسب من؟ فأجاب: «كلفت الشرطة العسكرية بالتحقيق. ومن ظهر في الصور معروف أليس كذلك؟ هل سنخترع؟ اما هناك مؤسسات موجودة، والا (عليهم) الا يقولوا لنا ان هناك دولة مؤسسات وقانون. هل هناك مؤسسات ام لا؟ هم الذين قالوا انها المسؤولة عن هذا الامر. ونحن ننتظر ماذا سيعطوننا. ولكننا نتساءل: خلال 15 يوماً حصلت احداث كثيرة في البلد او اقل بقليل، كشفوا مؤامرة خلال نصف ساعة، أليسوا قادرين على التعرف على اسماء «الشبوبيات» الحلوة التي عملت ما عملته في البلد؟ اين هي؟ ماذا تريد؟ لماذا لا يقومون بهذا العمل؟ هل نحن من سنحدد المسؤول؟ هم الذين سيحددون ذلك، نحن سلطة سياسية، نحن مجلس الوزراء سلطة سياسية عليهم ان يأتوا الينا ويقولوا لنا ماذا حصل معهم».

وردا على سؤال آخر قال العريضي: «انا اقول ان وزير الداخلية (الياس المر) في بداية الامر لم يكن يملك الموقف، أليس كذلك؟ بعدها اتى واعلن، وكان طوال الفترة السابقة رافق المتظاهرين الذين رفعوا شعارات ضد سورية، وحمى مظاهرات، وكان في سياق التأكيد على ان هناك حماية للحريات في البلد، وعندما كبر هذا الموضوع اتى وزير الداخلية ليقول (انا لا انتقده، بل اقول ما قاله هو) ان هذا الموضوع ليس عنده بل عند المخابرات. طيّب (اي حسناً) انا كمسؤول اريد ان اسأل: ماذا فعلت المخابرات؟ صدر عن مصادر عسكرية ان الشرطة العسكرية كلفت بالتحقيق، وانا بدوري اسأل: أين هذا التحقيق؟ هل سأبقى في ضياع. هذا الوزير يشيلها عنه ويضعها على الثاني. لا، لن اتركها تموت، نريد اجوبة. هذا ما نقوله، الاجوبة عندهم وليست عندنا. طبعاً نحن لا نضع انفسنا في فريقين، ولكن في النهاية حصلت نكسة على مستوى مجلس الوزراء، وكل البلد قام، وكل البلد عرف ونحن حكينا ان مجلس الوزراء لم يكن في اجواء ما يجري. وهذا الامر لن يتكرر. وفي الجلسة الثانية حصل حديث نال الاجماع في مجلس الوزراء، حتى الآن ليس هناك اي جواب، لماذا؟ لا، نريد جواباً، نريد ان نعرف من قام بهذا الامر، وإلا نحن سنتخذ الموقف اللازم».

وسئل العريضي: «هل هناك ترابط بين اطلاق الشباب امس ولقاء الرئيس لحود مع البطريرك صفير اليوم؟ فرد قائلاً: «لست انا من اقول ذلك، الذين يأخذون المعلومات من هنا ومن هناك، يحللون ويكتبون ويوزعون لهم البيانات، هم الذين يقولون ان هذه هدية. انا اقول ان هذا الاسلوب غلط، هذه ليست هدايا، لا يوضع الناس في السجن، ويعاد اخراجهم ويقولون اخرجناهم هدية لفلان او علتان. كل الاحترام والتقدير والتركيز على اهمية اللقاء اليوم بين رئيس الجمهورية والبطريرك صفير، نحن في الاساس مع هذا الحوار ومع هذا الدور لرئيس الجمهورية. وانا شخصياً اقول بكل صراحة: انا ضد اقحام رئيس الجمهورية في اي امر، لان في هذا اساءة لشخص الرئيس وللرئاسة. واي محاولة للتلطي وراء قصة من هذا النوع فيها هذه الاساءة، فلا يجوز ان تطرح المسألة بهذا الشكل».

وحول ما تردد عن قيام سورية بادخال قوات جديدة الى لبنان وتحريك اخرى، قال العريضي: «لا اعتقد الآن ان سورية ستحرك قوات لان احدهم اوقف بتهمة رفع شعارات او وجه اساءة الى رئيس الجمهورية او قام بعمل ما. لا اعتقد ان الوضع خطير الى هذا الحد. سورية اليوم، اقول واؤكد مراراً، عندها مصالح استراتيجية كبيرة جداً وعندها هموم كبيرة جداً وهناك مواجهة مخاطر كبيرة جداً وجدية. نحن نرى السياسة السورية والحركة السورية التي يسير عليها الرئيس بشار الاسد الذي لا يهدأ... الاخوة في سورية والرئيس الاسد لا يتركون اي باب او اي ساحة الا ويحاولون ان يكون لسورية موطئ قدم فيها وان يكون لهم موقف، لانهم يشعرون تماماً بخطورة الموضوع. وبالتالي المطلوب وحدة موقف اكثر. القوات السورية لا تتحرك لحادثة بسيطة او لعمل بسيط في لبنان».

وحول ما قاله وزير الاشغال نجيب ميقاتي اول من امس عن وجود طابور خامس هدفه الاساءة الى لبنان والوضع الاقتصادي فيه تمنى العريضي» ان يسأل هذا السؤال الى الوزير ميقاتي كي يحدد الطابور الخامس ومن المستفيد؟ من وجهة نظري المستفيد مما جرى هم بعض الأشخاص ولكن لبنان خسر، والخسارة على الجميع... طابور خامس؟ ساعة مؤامرة، ساعة طابور خامس، في النهاية لن يكون في البلد لا وطنيون ولا ناس قادرون على المواجهة ولا شيء، سيبقى البلد مليء بالمتآمرين وطوابير خامسة وغيرها، لا يجوز هذا الكلام، انا اتمنى ان تبقى المسائل واضحة، انا اعرف حرص الوزير ميقاتي، واعرف قلق الوزير ميقاتي واعرف ماذا يفكر من الداخل، هناك حديث مطول بيننا، واعرف مدى الانزعاج من المناخ السائد في البلد، لكن في الوقت نفسه اقول ان رأيي واضح واجبت عليه منذ البداية».