الجنرال نزار يقاضي الملازم سوايدية في فرنسا

TT

أعلن وزير الدفاع الجزائري الأسبق الجنرال خالد نزار، أمس في الجزائر أنه قرر خوض «معركة مهمة» ضد الجهات التي تشن حملات إعلامية متواصلة ضد الجزائر. وكشف أن البداية انطلقت برفع دعوى قضائية ضد الملازم الفار حبيب سوايدية اللاجئ حاليا في فرنسا. وأوضح الجنرال المتقاعد، خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر دار الصحافة بالجزائر، ان الدعوى التي رفعها، الاثنين الماضي، أمام العدالة الفرنسية، ضد صاحب كتاب «الحرب القذرة»، لا يستهدف بها الملازم سوايدية فقط، بل كل الذين يقفون وراءه، مشيرا إلى أن استمرار السكوت عن الهجمات المركزة ضد «أصحاب القرار» خلال العشرية الماضية، لم يعد أمرا مقبولا. وبما أن عضو المجلس الأعلى للدولة (سابقا) يقدّر أن ما هو مقدم عليه ليس بالأمر الهين، فإنه فضل توجيه دعوة «إلى كل الذين صفّقوا لقرار توقيف المسار الانتخابي وجميع من يتقاسمون فضائل التفتح والديمقراطية وحرية التعبير» للوقوف معه «كرجل واحد» من أجل مواجهة «الآلة الجهنمية التي تقف أمامنا». كما كشف الجنرال، في نفس السياق، عن وجود «إجراءات جديدة يتم التحضير لها» من دون أن يكشف عن طبيعتها.

وتساءل نزار أيضا عن سر «عجز الدولة الجزائرية» عن مواجهة الحملات التي تشنها قناة «الجزيرة» من خلال استضافة معارضين متطرفين للنظام. مشددا، في رده على صحافية ذكّرته أن قطر من الدول التي ساعدت الجزائر ماديا وحتى بالمعدات العسكرية، قائلا «انني لا اقبل أن تمدني اي دولة باليمنى بالمساعدات ثم تطعنني بيسراها»، ذلك أن «كرامة الجزائر تأتي قبل كل شيء آخر». وأضاف أن كثيرا من الضرر لحق بالجزائر ومسؤولي مؤسساتها عبر هذه الهجومات الإعلامية.

وإضافة إلى التفاصيل التي قدمها الجنرال نزار عن الدعوى التي رفعها ضد حبيب سوايدية، ذكرت مصادر مطلعة أن ذلك تم بموافقة السلطات الرسمية العليا. وتطرق منشط المؤتمر الصحافي إلى ماضي الملازم صاحب «الحرب القذرة»، حيث قال إن والده كان ضابطا في الجيش الفرنسي الاستعماري وإنه حاصل على الجنسية المزدوجة (الجزائرية والفرنسية).

وركز وزير الدفاع الأسبق على أن الملازم السابق لا يتحرك لوحده، بل ما هو إلا «مجرد بيدق» في يد التيار الأصولي المتشدد من «الجبهة الإسلامية للانقاذ» المحظورة ومن بعض أقطاب «الدولية الاشتراكية». وركز كثيرا، بالاسم، على زعيم «جبهة القوى الاشتراكية» حسين آيت أحمد، كما تساءل عن سر تزامن صدور كتاب «الحرب القذرة» مع صدور كتاب جنرال المخابرات الفرنسية السابق بول أوساريس عن تعذيب الجيش الفرنسي للجزائريين خلال حرب التحرير الجزائرية عامي (1954 ـ 1962)، ليفسر ذلك بالقول إن هناك جهات تريد أن تسقط ما جرى خلال حرب التحرير على الفترة التي تلت توقيف المسار الانتخابي، أي أن «الجيش الجزائري يقتل ويعذب مثل ما كان يفعله الجيش الفرنسي» خلال الحقبة الاستعمارية. وأشار في هذا الخصوص إلى أن موقع الإنترنت الذي يتحدث باسم «حركة الضباط الجزائريين الأحرار» ليس إلا موقعا «للدعاية للحزب المحظور، الغرض منه محاولة إعادة هذا الحزب إلى الساحة السياسية». ولاحظ أيضا أن موقع «الضباط الأحرار» يتضمن الكثير من الأخطاء، مضيفا «لو كان هؤلاء فعلا عسكريين لما أخطأوا في الأسماء ولما ذكروا تفاهات وترّهات كهذه».

وعاد الجنرال المتقاعد إلى الحديث عن توقيف المسار الانتخابي، على أساس أنه كان من أهم من كان وراء هذا القرار. وأكد في البداية أنه ليس نادما على ذلك، لأن «كل ما فعلناه هو أننا حاولنا إعادة الأمور إلى نصابها مع الجزائريين، والحمد لله أنهم كانوا كثيرين». وكرر نزار كثيرا أن المؤسسة العسكرية لم تكن وحدها وراء قرار توقيف المسار الانتخابي، بل هناك مدنيون كثيرون من مختلف الفئات.

وقد اضطر الجنرال نزار إلى قطع ندوته الصحافية لأكثر من عشرين دقيقة، عندما كان يسمع خارج القاعة صياح امرأة، كانت تصرخ مطالبة إياه بكشف الحقيقة عن ابنها المفقود منذ عدة سنوات. ولم يفلح أعوان الأمن ولا حرس نزار من إقناعها بالسكوت أو أخذها بعيدا، بل استمرت في توجيه انتقاد شديد إلى نزار الذي اعتبرته مسؤولا عن فقدان ابنها المدعو عماري عز الدين الذي حملت صورته أمام الكاميرات التي أحاطت بها من كل جانب، بل ترك كثير من الصحافيين القاعة لمشاهدة هذه المرأة. ولم يكن لنزار إلا أن رد عليها أن «المسؤولين الحقيقيين هما عباسي مدني وعلي بلحاج» رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ ونائبه على التوالي. وقبل ذلك، وعندما أخبره محاميه الذي حضر إلى جانبه أن المرأة التي تصرخ إنما تقصد التشويش عليه، رد نزار بالقول «عندما تهدأ الأمور في البلاد ويعود السلم نهائيا ستكتشفون أن قائمة الضحايا ستكون، للأسف، أطول بكثير مما تتصورون لأن هناك الاقتتال بين الجماعات المسلحة ايضا». وذهب في هذا الصدد، إلى حد تقديم عدد 200 ألف قتيل في الأحداث التي عرفتها الجزائر خلال العشرية التي تلت توقيف المسار الانتخابي. وعند مغادرة نزار القاعة التقى تلك المرأة وأخبرها أن مسؤولي «جبهة الإنقاذ» هم المتسببون في فقدان ابنها، لكنه وعدها بمساعدتها من أجل أن تعرف مصير ولدها.