سيناريوهان لحرب جديدة في الشرق الأوسط

ضربة إسرائيلية للبنان وسورية أو تهجير الفلسطينيين إلى الأردن.. والمستفيد الأكبر صدام

TT

رغم الصدامات العنيفة بين الحكومة الاسرائيلية والفلسطينيين في المناطق المحتلة بالضفة الغربية وقطاع غزة، فان المحللين المتزنين يراهنون على عدم نشوب حرب عربية ـ اسرائيلية أوسع. فالحكومات العربية اتسمت ردود فعلها بالتريث في وجه الغضب الشعبي، المتنامي.

ورغم ذلك، فان خطر اندلاع الحرب مهما كان ضئيلا فانه يتنامى يوما بعد يوم. وهناك طريقان وعران يقود كلاهما الى الحرب. وكلاهما يتعلقان بالرئيس العراقي صدام حسين الذي عبر مرارا عن تحديه للولايات المتحدة، وعن عزمه على «تحرير القدس» بواسطة قوات عراقية يتم تدريبها وتسليحها وتجهيزها حاليا. وهو يفعل ذلك في تجاهل تام للعقوبات المتداعية التي فرضتها الولايات المتحدة والامم المتحدة عليه.

ويطالب الرئيس العراقي بأن تسمح جارتاه، سورية والاردن، للفيالق العراقية باستخدام أراضيهما في الهجوم على اسرائيل. وقد تصالحت سورية مؤخرا مع العراق واصبحت منفذا لصادراته النفطية.

ثمة سيناريوهان اذا تحققا فان صدام ربما يقتنص الفرصة، ما لم يتم احتواؤه بسرعة وفعالية، وهو ما لم يحدث له عندما قام بغزو الكويت عام 1990.

احد السيناريوهين هو ان ينفذ حزب الله اللبناني الوعد الذي قطعه على نفسه باعداد قواته للمشاركة في الكفاح الفلسطيني «في الوقت المناسب». وقد اعلنت اسرائيل انها ستصفي حساباتها مع حزب الله، ومضيفيه اللبنانيين وداعميه السوريين، وانها سترد بعنف على اية عمليات يقوم بها مجددا. وهذا يعني ضرب القوات السورية في لبنان وربما في سورية نفسها. وفي الحالة الاخيرة فان الرئيس السوري بشار الاسد سيجد من الصعوبة بمكان رفض عرض من صدام بارسال قوات عسكرية عراقية للنجدة. وستكون نتيجة ذلك نشوب حرب، قد تكون قصيرة ولكنها ستكون دموية دون شك، ولن يوقفها الا تدخل اميركي اقوى كثيرا مما يبدو ان ادارة بوش راغبة في الاقدام عليه.

السيناريو الثاني لاندلاع الحرب، وهو اقل احتمالا، هو ما يطلق عليه الاسرائيليون «التهجير». وقد ظلت بعض المنظمات اليهودية المتطرفة تؤيد ما سجله ثيودور هيرتزل في مذكراته عام 1895، قائلا ان «الطريقة الوحيدة»، لبناء دولة يهودية نقية عرقيا، هي التهجير القسري لكل العرب الى شرق الاردن. وقد فسر ريهوفام زئيفي، احد كبار مستشاري رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، هذا القول بانه يعني تهجير بعض الفلسطينيين الى الاردن، بما في ذلك مجاميع سكانية من الضفة الغربية وربما من غزة ايضا، على ان يشمل ذلك بعض العرب الذين ظلوا يعيشون باسرائيل قبل عام 1967. سيعني هذا بالنسبة للاردن تحطيم ملكيتها البرلمانية وتحقيق الشعار الاسرائيلي القديم: «الاردن هو فلسطين».

ويعي العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني وعيا كاملا ان هذه الفكرة التي اقترحها ارييل شارون على ضباطه عندما كان عقيدا عام 1964، لم تختف تماما عن الشاشات الاسرائيلية. وذلك بالرغم من ان المؤرخ الاسرائيلي شبتاي تيفيت، يقول ان مؤسس اسرائيل، ديفيد بن غوريون، قد استخدم الفيتو ضد هذه الفكرة. كما ان ارييل شارون، عندما صار رئيسا للوزراء، لم يناد بها.

في مايو (ايار) الماضي، تحرك وزير الداخلية الاردني، ليمنع طوفانا من اللاجئين الفلسطينيين من دخول الاردن، وذلك بوضع قيود تمنع دخولهم. ومعروف ان نصف سكان الاردن (اكثر من 4 ملايين) هم اصلا من الفلسطينيين.

في محادثة خاصة مع الملك الاردني الراحل حسين، تمت عام 1991 مع كاتب هذه السطور، وكان ذلك قبل ثلاث سنوات من توقيعه معاهدة سلام مع اسرائيل، قال الملك الراحل انه اذا ظهر طوفان من اللاجئين نتيجة طردهم من اسرائيل فان الجيش الاردني سيقاوم ذلك بالقوة.

هذان السيناريوهان يجبران اسرائيل واميركا والعواصم العربية على السهر والاحتفاظ بمصابيحها مضاءة حتى منتصف الليل، كي تمنع حدوث اي منهما. ولكنهما، وبصورة اخص، يجب ان يجبرا المجتمعات العربية والاسرائيلية، المتحاربة على السعي الى انهاء سلمي لاطول احتلال تعرض له شعب في عصرنا.

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»