جدل بين وزراء الخارجية العرب حول العلانية يحسم بالتصويت لصالح جلسة مغلقة

الشرع: معلوماتي أنه لا توجد خطة للتحرك فما الداعي لعدم العلانية * سورية ولبنان فقط أيدا إبقاء الجلسة علانية

TT

اضفى وزير الخارجية السوري فاروق الشرع سخونة غير مسبوقة على الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي انعقد امس بالقاهرة حينما طالب بابقاء الجلسة الاولى علنية بحضور وسائل الاعلام وذلك بعد ان طالب وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الذي ترأس الجلسة بعد كلمته الافتتاحية بتحويلها الى جلسة مغلقة بحضور رؤساء الوفود وعضوية اثنين من كل وفد على الاكثر، الا ان وزير الخارجية السوري طلب ان تكون الجلسة علنية بحضور الاعلاميين، وقوبل ذلك بتصفيق حاد من الحضور، ومن جانبه تدخل الشيخ حمد بن جاسم باجراء تصويت من اعضاء الوفود الا انه لم يؤيد هذا الاقتراح الا سورية ولبنان، وتدخل الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى فأيد أن يكون الاجتماع مغلقا حتى يتمكن المجتمعون من مناقشة التحرك العربي قائلا ان ما يتم بحثه هو موضوع هام ويجب ان تكون الجلسة مغلقة.

وقال وزير خارجية قطر: بالنسبة لي ليس لدي مانع في ذلك، لكن كان هناك طلب من بعض الاخوة ان تكون هناك جلسة مغلقة لشرح تفاصيل اكثر، واذا رأيتم ان تكون الجلسة علنية فليس لدي مانع في ذلك ارجو ان يكون فيه اتفاق وتوافق حول هذا الموضوع لانني اعلنت ان هناك تفاصيل ستبحث ويفضل ان تبحث بشكل معلن وبالنسبة لي سيان.

ورد الشرع مرة ثانية بقوله: اعتقد ان الجميع والغالبية تريد ان تستمع، وقال: ان اسرائيل ترتكب اشياء خطيرة جدا على مرأى العالم فلنتحدث على الاقل على مسمع من بعضنا البعض ومن الطبيعي ان تكون الجلسة علنية الا اذا كان التصور هو وضع خطط للتحرك ومعلوماتي انه ليس هناك خطط ولو كانت موجودة فلا مانع عندي.

وعقب وزير خارجية قطر قائلا انه ليس لديه مانع ان تكون الجلسة علنية فللجميع الحق ان يستمع ولكنني اعتقد انه يجب الحصول على موافقة رؤساء الوفود قبل الاتفاق على شيء طالبا التصويت على الاقتراح باستمرار الجلسة علنية أو عقد جلسة مغلقة. ثم طلب فاروق الشرع الكلمة قائلا يجب ان تقول «من يريد الجلسة مغلقة لان الشيء الطبيعي ان تكون معلنة».

وعندما حاول الشيخ حمد التعليق على كلام وزير الخارجية السوري قاطعه تصفيق حاد من قبل الحضور والاعلاميين فقال ان الاعلاميين لديهم فضول للاستماع وأنا لا أريد ان يكون التصويت للحضور أو عدم الحضور من جانب الاعلاميين فيوجد هنا رؤساء وفود يستطيعون ان يبدوا برأيهم ثم بادر بالقول «في البداية اريد ان اسأل، من يريد الجلسة ان تكون معلنة؟

وتدخل موسى فقال: اعتقد ان ما طلبه السيد فاروق الشرع ينصب على وجود الوفود الرسمية كلها، وليس ان تكون جلسة علنية يتم فيها التصفيق بعد كل بيان، والا يصبح الامر غير جدي بالدرجة الكافية لمواجهة هذا الامر الخطير جدا، فالموقف الذي نواجهه خطير جدا، ومن ثم اقترح ان تكون هذه الجلسة مغلقة بحضور الوفود الرسمية.

واضاف: اما ما نريد ان نعلنه فهناك الوسائل والاساليب المعروفة لاعلان مواقفنا ولكننا الان نحتاج الى جلسة مغلقة، فأرجو ان نفسر اقتراح فاروق الشرع بأن كل الوفود الرسمية تكون موجودة وأن نبدأ بالعمل فورا، لان الموضوع خطير وهناك اقتراحات كثيرة قد نتفق على بعضها وقد نختلف في الرأي على بعضها الاخر.

ومن جانبه طلب يوسف بن علوي وزير خارجية سلطنة عمان الكلمة فأيد اقتراح الرئاسة بأن تكون الجلسة مغلقة كما هو معهود في اعمال مجلس جامعة الدول العربية وقال: استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان مشيرا الى ان الوضع المتأزم وتصاعد الاعتداءات الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني يحتاج الى مناقشات جادة ووضع خطة عملية من قبل وزراء الخارجية العرب ثم يأتي في وقت آخر دور الاعلام، وقد تم التصويت للمرة الثانية عقب هذا الجدل ولم يوافق على تحويل الجلسة الى علنية سوى سورية ولبنان.

وكان الاجتماع قد بدأ بكلمة افتتاحية لوزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم قال فيها انه يجب علينا مواجهة ما تردده الدعاية الاسرائيلية بوصف المقاومة الفلسطينية بالعنف وهو أمر مناف للحقيقة لان المقاومة الفلسطينية هي رد فعل عملي لما تقوم به اسرائيل من جرائم ومذابح يومية على الارض مؤكدا ان ما تقوم به المقاومة الفلسطينية هو ما نصت عليه الشرائع السماوية بحق الشعوب في مقاومة الاحتلال، واضاف: يجب ان نوجه رسالة الى اسرائيل بأن الشعب الفلسطيني لن يكون وحيدا وان الاشقاء العرب يقفون معهم.

واكد مجددا الموقف العربي الثابت ولا تراجع عنه حيث انه لا تسوية للصراع العربي الاسرائيلي ولا سلم دائما في المنطقة الا اذا كان سلاما عادلا يستند الى قرارات الشرعية الدولية خاصة قراري مجلس الامن 242 و338 ومبدأ الارض مقابل السلام وتمكين الشعب من استعادة حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير والعودة واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

وقال وزير خارجية قطر في كلمته انه يقترح التنسيق والتحرك العادل على المستوى العربي والاسلامي تجاه الدول المؤثرة ومجلس الامن لايجاد الصيغ الضرورية في التعامل مع هذا الوضع المتدهور وللتعبير عن الموقف العربي ضد الممارسات الاسرائيلية. واكد انه لن يكون كافيا على الاطلاق ان نردد عبارات الشجب والاستنكار أو نصدر قرارات لا نجد لها استجابة على أرض الواقع.

واشار الى ان امير دولة قطر ورئيس القمة الاسلامية قام فور تلقيه رسالة من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بتكثيف الجهود والاتصالات في كل المحافل الاسلامية والدولية من اجل بناء موقف دولي رافض للممارسات الاسرائيلية ومساند للمطالب الفلسطينية.

وطلب الوزير القطري عقد اجتماع طارىء لمجلس الامن لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني على ضوء ما اسفرت عنه قمة جنوة للدول الصناعية الثماني التي طالبت بارسال مراقبين دوليين للاراضي الفلسطينية المحتلة تضمنت بندين الاول تحت مسمى مراجعة ما تم تنفيذه وما لم يتم تنفيذه من قرارات قمة عمان وكذلك مراجعة توصيات لجنة المتابعة والبند الثاني يتعلق بالتنسيق العربي الموحد في مؤتمر العنصرية في جنوب افريقيا.

ودعا الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الى مبادرة دولية مشتركة تصدر عن مجلس الامن الدولي من اجل السلام في الشرق الاوسط وآلية لتنفيذها على اساس مبدأ الارض مقابل السلام وتطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وهي 242 و338 و425 و1946 الخاص بقضية اللاجئين الفلسطينيين.

وناشد عرفات في كلمته امام الجلسة المغلقة لوزراء الخارجية العرب امس المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته وارسال مراقبين دوليين الى الاراضي الفلسطينية لوقف العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني ولتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وتقرير لجنة ميتشل والمبادرة المصرية الاردنية.

وطالب وزراء الخارجية العرب بوضع استراتيجية عربية موحدة في مختلف المجالات لوضع الامم المتحدة ومجلس الامن امام مسؤولياتهم تجاه الامن والاستقرار في المنطقة وقال: ان هناك حاجة ملحة لقيام هذه الهيئات بدورها حتى لا يستشري العدوان الاسرائيلي ويشمل المنطقة كلها والمصالح الحيوية فيها.

واكد عرفات انه حان الوقت لاتخاذ موقف عربي اكثر حزما في مواجهة اسرائيل بعد ان دمر العدوان الاسرائيلي الكثير مما بناه الشعب الفلسطيني في مختلف مجالات الحياة.

وقال ان عدد الجرحى بلغ اكثر من 34 الفا واكثر من 1200 شهيد وذلك في اطار الخطة العسكرية الاسرائيلية «اورانيم ـ خطة جهنم» والتي تستهدف تدمير كل شيء فلسطيني.

وعبر عن امله في ان تمارس الادارة الاميركية دورها كراع لعملية السلام انطلاقا من الشرعية الدولية التي تنص على انسحاب اسرائيل من ارضنا المحتلة بعد ان تجاوز التصعيد الاسرائيلي كل الحدود وتجاوز كل الخطوط الحمراء ووضع المنطقة برمتها على حافة الانفجار الشامل وقال عرفات: اننا ندرك العلاقة الخاصة الاميركية الاسرائيلية، وقد بذلنا جهودا خارقة حتى تكون هذه العلاقة عامل ضغط على حكومة اسرائيل لوقف عدوانها على الشعب والمقدسات مشيرا الى انه ليس خافيا على الادارة الاميركية ان الحكومة الاسرائيلية تقف وراء احباط الجهود والدعوات والخطط الاميركية مؤكدا ان الجانب الفلسطيني ابدى استعداده الجدي للتعامل بايجابية مع المبادرات الاوروبية،والروسية والمصرية والاردنية ومع جميع قرارات الامم المتحدة ذات الصلة وغيرها.

وكان الامين العام عمرو موسى قد التقى وزير الخارجية العراقي ناجي صبري الحديثي الذي اعرب عن امله ان يقدم اجتماع وزراء الخارجية العرب الدعم المساند للشعب الفلسطيني وللانتفاضة مشيرا الى ان هناك اجندة مطروحة امام الوزراء للبت فيها.

واضاف: نأمل ان يكون ذلك صالح الفلسطينيين.

وردا على سؤال حول امكانية عقد قمة عربية لدعم الفلسطينيين قال الحديثي ان الوزراء سوف يبحثون الاوراق المطروحة اليوم وان العرب مدعوون للتشاور على مستويات جديدة لان الخطر القائم لا يهدد فلسطين فقط وانما يهدد الامة العربية وهناك تهديدات واضحة واستفزازية لسورية ولبنان. وعما اذا كانت قرارات المجلس تلبي مطالب الشارع العربي قال: نحن نأمل ان يقترب رد الفعل الرسمي من رد الفعل الشعبي.

وقال ان العراق اقترح تخصيص مليار يورو اوروبي لدعم الفلسطينيين ولكن بريطانيا واميركا رفضتا هذا الطلب. ولكننا نصر عليه وارسلنا مذكرة منذ ايام الى الامين العام للامم المتحدة للتحرك ولاطلاق هذا المبلغ.

فيما انتقد وزير خارجية لبنان محمود حمود دعوة وزير خارجية اسرائيل الى هدنة فلسطينية ـ اسرائيلية لاستئناف المفاوضات وقال حمود عقب لقائه الامين العام لجامعة الدول العربية: نحن ننظر الى كل ما تقوم به اسرائيل بأنه ليس في مصلحة الشعب الفلسطيني ولا يصب في خدمة الحقوق العربية التي نتمسك بها ونحرص عليها ونحن نتعامل مع ما تقوله اسرائيل بحذر خاصة ان التجربة العربية واللبنانية مع اسرائيل لا يمكن ان تدعنا نثق فيما يقوله الجانب الاسرائيلي.

وقال ان اسرائيل تحاول ان تكسب الوقت ولا بد من مواجهة ما يحدث بكل مسؤولية وقدر عال من الاهتمام.

وردا على سؤال حول تأثير الفيتو الاميركي على اجتماعات وزراء الخارجية العرب الطارئ قال حمود: نحن نتعاطى مع الموضوع بجدية ونأخذ في الاعتبار جميع المعطيات المتوافرة على الساحة الدولية والاوروبية والاقليمية من منطلق حرصنا الثابت والدائم على الحقوق العربية وكيفية الدفاع عنها.