وزير الاتصالات اللبناني يرد على وزير الإعلام: كلامه باسم الحزب التقدمي الاشتراكي ولا يلزم الحكومة

ميقاتي يؤكد أن الأمور مستقرة والسبع ينفي وجود مبادرة جنبلاطية

TT

شهدت الساحة السياسية في لبنان امس فصلاً جديداً من «حرب الرسائل بالواسطة» بين رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس الحكومة رفيق الحريري الموجود في سردينيا في اجازة بدأت الخميس الماضي وتستمر عشرة ايام، قطعتها مشاورات اجراها الحريري امس مع الوزراء مروان حمادة وغازي العريضي وفؤاد السعد (اعضاء كتلة اللقاء الديمقراطي التي يتزعمها النائب وليد جنبلاط) وفؤاد السنيورة الذين وصلوا الى سردينيا قادمين من بيروت على متن طائرة خاصة.

فبعد المؤتمر الصحافي الذي عقده اول من امس وزير الاعلام غازي العريضي، عضو كتلة النائب وليد جنبلاط النيابية والقريب من الرئيس الحريري، ووصفه عملية اطلاق سراح الموقوفين من «القوات اللبنانية» المحظورة و«التيار العوني» بـ «المسرحيات والبطولات» مطالباً بادخال المسؤول عما جرى السجن، رد وزير الاتصالات جان لوي قرداحي القريب من الرئيس لحود على ما قاله العريضي، معتبراً انه يتكلم باسم الحزب التقدمي الاشتراكي (الذي يرأسه جنبلاط) ولا يلزم الحكومة، مذكراً بأن العريضي كان الناطق باسم الحزب خلال احداث الجبل من خلال ادارته لـ «اذاعة الجبل».

وقال قرداحي، الذي كان يتحدث للصحافيين بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري امس: «ان الوقت هو لتهدئة الامور وليس لاشعالها. والافضل ان نترك هذه التعليقات جانباً ونتطلع بشكل ايجابي للامور في هذه الفترة.» وسئل اذا كان كلامه يعني عدم وجود تضامن وزاري، فأجاب: «نحن قلنا ان هذا الكلام لا يلزم الحكومة. وهو كلام خاص».

وعن شكوى الوزير العريضي من عدم اشراك الرئيس الحريري في السلطة السياسية وفي القرارات الامنية قال قرداحي: «ان الحكومة ليست في هذه الايام على اطلاع كما يجب على كافة الامور. فأنا كوزير اتصالات لست مطلعاً على الخطة الاقتصادية وتقويمات البنك الدولي لقطاع الاتصالات. واعتقد ان وزير المال فؤاد السنيورة ووزير الاقتصاد والتجارة باسل فليحان هما على اطلاع على الوضع الاقتصادي وليس مجلس الوزراء مجتمعاً».

ورداً على سؤال، قال: «لقد اجرى البنك الدولي تقويماً لقطاع الاتصالات. وانا كوزير اتصالات لم اطلع على هذا التقويم. ويمكن ان يكون وزير المال ووزير الاقتصاد مطلعين على هذا التقويم». وعما اذا كان كلامه هذا يعني انقساماً في الحكومة رد قرداحي قائلاً: «لا، انني اقول ان الوزارة مجتمعة، ان مجلس الوزراء مجتمعاً ليس على اطلاع على كل الامور».

وقيل لقرداحي: وزير الاعلام شكا بعد مجلس الوزراء (الخميس الماضي) ان الوزراء ليسوا على اطلاع على ما يحصل وها انت تشكو اليوم، فأجاب: «هناك اخطاء متراكمة، ويا للأسف».

السبع من جهته، قال النائب باسم السبع القريب من رئيس الحكومة رفيق الحريري: «هناك زلزال كبير حصل في لبنان. وهو زلزال امني وسياسي. وكادت ان تحصل نتائج اقتصادية لهذا الزلزال. انه تطور سياسي كبير يحتاج الى اجراءات سياسية كبيرة مثله».

واوضح عقب اجتماعه برئيس مجلس النواب نبيه بري امس ان «اجازة الرئيس الحريري في سردينيا هي نوع من الاستجمام السياسي».

وحول ما تردد عن مبادرة للنائب جنبلاط، قال السبع: «هناك مناخات يعمل على تكوينها. وضمن هذه المناخات تندرج الاتصالات التي سيجريها الوزير جنبلاط. يعني اننا لسنا امام مبادرة جنبلاطية. ولا اعتقد ان وليد جنبلاط هو «شيخ صلح» بين الرؤساء او بين الاطراف المتنازعة، بل هو خلاف ذلك يمثل وجهة نظر سياسية معروفة ومحددة، هو صاحب وجهة نظر من مختلف التطورات. في اي حال، اذا كانت المناخات التي يعمل عليها او لها هي مناخات تسعى الى لملمة الاوضاع، فإننا سنكون مع كل العاملين على هذا الخط ولا بد من تشجيع ذلك، انما الرهان يبقى على النتائج».

ورداً على سؤال قال: «ان الاوضاع العامة في البلاد، طبعاً الاوضاع الراهنة، غير مطمئنة. وان اخفاء هذا الواقع لا يفيد بشيء. انما ما استطيع قوله ان القيادات السياسية الاساسية في البلاد، وعلى رأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي استمعت اليه اليوم لبعض الوقت، يعملون على تطويق ذيول التطورات الاخيرة واخماد الحرائق التي يسعى البعض لاشعالها من هنا وهناك».

وعن التجاذب القائم داخل الحكومة تساءل السبع: «اي حكومة؟!».

وقيل له: سبق ان قلت في مجلس النواب اثناء جلسة التعديلات على قانون المحاكمات الجزائية ان الرئيس بري محشور فهل ما زال محشوراً؟ فأجاب: «الرئيس بري يعرف كيف يضبط اموره فلا تخافوا عليه».

وسئل: في حال لم يرمم الوضع، ما هو مصير الحكومة؟ فاجاب: «الحكومة هي تفصيل صغير. ان المناخات الجديدة الموجودة يجب ان يتم تشجيعها وانما ليس على طريق تبويس اللحى وعلى قاعدة التكاذب السياسي».

وعما تردد من ان اوساط الحريري هي التي شيعت عن تدهور الوضع الاقتصادي، قال السبع: «انا اعرف وانتم تعرفون طريقة فبركة الاخبار والغرف التي تطبخ الاخبار والاجهزة التي توزع المعلومات والاسماء التي توقع تحت هذه الاخبار. سبق وتحدثت عن مضخات امنية وهي لا تزال مستمرة ولا تزال ماشية».

ميقاتي اما وزير الاشغال نجيب ميقاتي الذي زار الرئيس بري امس فقد تمنى «ان تطرح آراء الوزراء داخل مجلس الوزراء لا عبر المؤتمرات والتصريحات الصحافية». وأكد ان الامور مستقرة، لافتاً الى ان اجازة الحريري كانت مقررة مسبقاً وانه سيعود الاحد المقبل «لاستئناف عمله بشكل طبيعي. وستعود الامور الى مجراها الطبيعي».

وعن رأيه في ما قاله الوزير العريضي ورد الوزير قرداحي عليه، قال ميقاتي: «طبعاً، في المبدأ يجب احترام الرأي الآخر. ونحن نحترم رأي كل انسان وخصوصاً رأي كل سياسي. ولكن كنا نتمنى ان يكون هذا الحوار وهذا السجال داخل مجلس الوزراء، خصوصاً اننا جميعاً وزراء يمكن ان نتحدث داخل مجلس الوزراء عما يدور في ذهننا من هواجس. وكنا نتمنى ان نحصر هذا السجال داخل مجلس الوزراء. وكما تعلمون ان الاوضاع هي في الواقع تفرض ان نكون جميعاً يداً واحدة وان نسعى الى هدف واحد هو سلامة الوضع».

وسئل ما اذا كانت الامور قد وصلت الى حد عدم امكانية طرح المواضيع داخل مجلس الوزراء، فأجاب: «كلا، بل على العكس، في المرات السابقة وفي الجلسات الوزارية الاخيرة كان النقاش صحياً جداً وكان الحديث دائماً ايجابياً. وكنا نتوصل الى نتائج ايجابية».

وسئل ميقاتي: في ظل التوتر السياسي الذي تشهده الساحة اللبنانية هل ترى مبرراً لاجازة رئيس الحكومة في سردينيا؟ فرد قائلاً: «حسب معلوماتي كانت الاجازة مقررة منذ زمن بحيث كان دولة الرئيس الحريري يردد امامنا انه خلال النصف الثاني من شهر اغسطس (آب) الجاري سيذهب في اجازة لعشرة ايام. وهي ليست مرتبطة بالاوضاع لا من قريب ولا من بعيد. ولكن تعلمون دائماً كيف تكبر كرة الثلج ويبدأ الحديث والحديث والحديث».

وعما عناه بتحرك الطابور الخامس، اوضح الوزير ميقاتي قائلاً: «الطابور الخامس دائماً موجود في لبنان، لكن السؤال الاساسي: ما هي قدرة تماسكنا لكي نمنع هذا الطابور الخامس من القيام. بمهامه؟».

وحول مبادرة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بعد لقائه الرئيس السوري بشار الاسد (اول من امس) قال ميقاتي: «نحن دائماً نسعى لان نكون جميعاً ملتفين حول المشروع الموحد للوطن. ونرحب بمبادرة الوزير وليد جنبلاط. وكلنا سنكون معه يداً واحدة في هذا الموضوع».

وفي هذا الاطار، طالب النائب عدنان عرقجي عضو كتلة الرئيس الحريري النيابية اهل الحكم بـ«التحرك بسرعة وحزم لاتخاذ التدابير اللازمة لاستعادة وحدتهم وتعزيز تماسك الجبهة الداخلية ». وقال عرقجي: «ما هذا الذي يجري الآن ولمصلحة من؟ المواطن العادي البسيط تنهشه الافكار القلقة. وهو يفكر في غده ومصيره ولقمة عيشه. هل التعديل الثاني لقانون اصول المحاكمات الذي رفض فيه مجلس النواب... يستحق ضرب الخطة الاقتصادية وهروب رؤوس الاموال والاحجام عن الاستثمار، والمواطن يبحث عن عمل فلا يجده والمصطاف العربي بلا ماء وكهرباء... اذا كان المقصود فعلا هو استعادة التوازن بين الرؤساء ليس الا، فالامر قابل للجدل على قاعدة تحديد خسائر عمليات الكر والفر ليس على الساحة السياسية وحسب، بل ايضاً على جبهة الازمة الاقتصادية التي هي احوج الى التعاون والتضامن بين اطراف السلطة رحمة بالمواطنين».

كادر غياب «حديث الاربعاء» بعد لقاء لحود ـ بري بيروت ـ «الشرق الأوسط»: التزم رئيس مجلس النواب نبيه بري الصمت بعد «لقاء الاربعاء» الاسبوعي مع رئيس الجمهورية اميل لحود، حيث كان يعمد الى اطلاع النواب الذين يلتقيهم في ذلك اليوم (امس) على اجواء اللقاء بحيث يتولون بدورهم نقلها الى وسائل الاعلام. الا انه اكتفي امس ببيان صادر عن المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية اوضح ان «رئيس الجمهورية العماد اميل لحود عرض مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الاوضاع العامة في البلاد في ضوء التطورات الاخيرة والمواقف المستجدة. وتم خلال اللقاء تقويم الموقف السياسي الراهن والاتصالات الجارية على غير مستوى لتعزيز المناخات الوفاقية في البلاد، لمواجهة المرحلة المقبلة بمزيد من الوحدة والتماسك».

وذكر البيان ان «البحث تناول الوضع الاقتصادي وضرورة استكمال ما تم التوافق عليه من اجراءات تندرج في اطار الاصلاح الاداري والمالي، لاسيما بعد نشر القانونين المتعلقين بتشجيع الاستثمارات واعتماد آلية جديدة في ملء الوظائف العامة من الفئتين الاولى والثانية».