اليمين الروسي يسعى لتكرار «تجربة يلتسين» للفوز بخلافة بوتين

TT

كشفت اجتماعات ولقاءات ممثلي قوى اليمين التي انتهت بالأمس بمناسبة الذكرى العاشرة لفشل «انقلاب اغسطس» قبل عشر سنوات عن توجه واضح نحو سرعة الاعداد لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، من مواقع مناهضة للرئيس الحالي فلاديمير بوتين. وكان ممثلو اليمين قد بدأوا حملتهم المناوئة للرئيس الروسي بانتقادهم لعدم دعوته لهم للمشاركة في الاحتفالات المكرسة لذكرى انقلاب اغسطس (آب) 1991، واتهامهم له بالتواطؤ مع الشيوعيين.

واتخذوا من هذه المناسبة فرصة لبحث المسائل المتعلقة باعداد البيت من الداخل وتسوية اوضاع «تحالف القوى اليمينية» الذي يتزعمه كل من ايجور جايدار رئيس الحكومة الروسية في مطلع التسعينات ونائبه آنذاك اناتولي تشوبايس وبوريس نيمتسوف الذي سبق ان طرحه بوريس يلتسين كأحد المرشحين لخلافته في رئاسة الدولة الروسية.

وقد توقف ممثلو اليمين عند شخصية بوريس نيمتسوف الذي يتزعم اليوم كتلتهم النيابية في مجلس الدوما لترشيحها للفوز بالرئاسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2004، وهو الذي يحظى اليوم بمباركة عدد من رجال الأعمال. ويحاول هؤلاء وعلى غرار ما فعلوا مع الرئيس السابق بوريس يلتسين، في مطلع عام 1996، تشكيل لجنة تنظيمية لتولي مهام الاعداد وتمويل هذه الحملة تحت اشراف تشوبايس الذي سبق وتولى اعداد حملة الرئيس السابق بوريس يلتسين. وكان تشوبايس قد نجح في مطلع عام 1996 في حشد قوى رجال الاعمال الذين اجتمعوا في دافوس حول هذه الفكرة، مما ساهم في رفع شعبية يلتسين التي قفزت من 6% في مطلع 1996 حتى 35% مع انتهاء الجولة الاولى ليفوز في الجولة الثانية بنسبة 54% على مرشح الشيوعيين جينادي زيوجانوف.

غير ان احداً لا يستطيع خوض ذات النهر مرتين، فليس من الممكن ان تعود نفس الظروف السياسية والاجتماعية التي سبق ان شهدها المجتمع الروسي في منتصف التسعينات، كما انه ليس من المنطقي المقارنة بين «يلتسين الأمس» ونيمتسوف اليوم وان كان هناك من يقول ان نيمتسوف سبق ان حصل في استطلاعات للرأي اجريت في عام 1997 على نسبة 37%.

وأكدت استطلاعات الرأي ان شعبية نيمتسوف لا تتعدى نسبة 3% حيث جاء في موقع متخلف عن الكثيرين من نجوم الساحة السياسية ومنهم جينادي زيوجانوف زعيم الحزب الشيوعي، ويفجيني بريماكوف، زعيم كتلة الوطن في مجلس الدوما، ويوري لوجكوف عمدة موسكو بل وجريجوري يافلينسكي زعيم حزب «بابلوكو». وبهذا الصدد يتوقف الكثيرون عن الانتخابات التي جرت في نيجني نوفجورود معقل نيمتسوف والاصلاحيين من ممثلي التوجهات الليبرالية الديمقراطية، والتي فاز فيها ممثل الحزب الشيوعي الروسي نيكولاي خوديريف بمنصب المحافظ بعد ان خاضها مستقلا.

وفي هذا الاطار يتناول المراقبون مدى خيبة امل الجماهير في المقاطعة التي سبق ان حكمها نيمتسوف لما يزيد عن الخمس سنوات واعتبرها نموذجا للتجارب الاصلاحية، ذات التوجهات الليبرالية الديمقراطية، مما يجعل فوزه في مواجهة بوتين أمراً بعيد المنال.

وتشير الاحصائيات واستطلاعات الرأي الى ان تحالف قوى اليمين بزعامة نيمتسوف لن يحظى بالتأييد المناسب وسيظل عند مستوى 8.5% الذي كشفت عنه الانتخابات الرئاسية.

وذلك قد يعني ان اناتولي تشوبايس، المعروف بدهائه السياسي وقدرته على التكيف مع شتى الظروف والمواقف يستهدف ما هو أبعد من ترشيح نيمتسوف للانتخابات المقبلة في عام 2004، والتي يظل الرئيس الحالي فلاديمير بوتين هو المرشح الأوفر حظاً للفوز بها من منظور ما استطاع تحقيقه من استقرار على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

وفيما يظل جينادي زيوجانوف زعيم الشيوعيين «المرشح الثاني» دائما وهو نفس الموقع الذي احتفظ به خلال الانتخابات الماضية في عامي 1996، 2000 لذا فمن غير المستبعد ان تكون انتخابات 2008 هي الهدف الحقيقي لأناتولي تشوبايس، ولا سيما ان الرئيس بوتين لن يكون قادراً على خوضها لأن الدستور الروسي يحظر تولي منصب الرئاسة لأكثر من فترتين متتاليتين. غير ان ذلك يظل امراً سابقاً لأوانه في دولة طالما افقدت المرء القدرة على الدهشة وهي التي اقرت منذ تولي الرئيس السابق بوريس يلتسين لمقاليد الرئاسة عدم صحة المقولة الفلسفية المنطقية حول ان «النتائج تبدو دائماً من وحي المقدمات».

\