مساعي ميغاواتي لاسترضاء حلفائها لن تساعد على تفكيك ميراث سوهارتو

TT

قدمت ميغاواتي سوكارنو رئيسة اندونيسيا الجديدة، ما يمكن وصفه بالمقدمة لكتاب، او خطاب سياسي لسيدة يحيط الغموض بقدراتها السياسية رغم رئاستها لأكبر حزب سياسي في البلاد هو «حزب نضال الشعب». وهناك من يقول الآن حتى بين خبراء الشأن الاندونيسي في صحافة واشنطن ان عشقها للفلاحة وافلام الكارتون، وزهدها في الاحاديث الاعلامية لا يضعها في خانة المثقفين.

وتذهب اشارة المقدمة الى حدثين محددين يقود تحليلهما الى الوقوف على ملامح عامة لاسلوب ميغاواتي، وربما منهجها في قيادة اندونيسيا الى عام 2004، تاريخ نهاية ولايتها، والاشارة هنا الى اعتذارها الصريح لستة ملايين نسمة في اقليمي آتشيه واريان جايا، واعترافها بمعاناتهما نتيجة سياسات غير مواتية على حد تعبيرها، فيما يعود الحدث الثاني الى الاشارات الضمنية الكثيرة التي حملها اعلان التشكيلة الوزارية في 7 اغسطس (آب) الجاري.

اعتذار ميغاواتي يوحي بوضع اسبقية خاصة للاستقرار السياسي باستدعاء دخول الاقليمين مع اقاليم اخرى، هي جزر البهار وبورنيو في صراعات تتراوح بين الدعوة للانفصال والصدامات العرقية، ولكن مشكلة ميغاواتي القائمة لن يحلها الاعتذار، اذ اعترفت في خطابها بذلك حين قالت «ان الاعتذار لا يكفي بل يجب ان تصحبه مبادرات جديدة، كما ان الاستقرار المنشود لا بد ان يمر ببوابات حقوق الانسان واداء المؤسسة العسكرية بما في ذلك تجاوزاتها خلال حقبة سوهارتو ووقوفها الحالي الى جانب الديمقراطية.

ولذلك فالمهمة هنا تبدو صعبة لأن على ميغاواتي ان تحدد سقف التنازلات التي ستقدمها ادارتها لحركات التحرر في الاقليمين، وما اذا كانت ستمضي في صفقة سلفها عبد الرحمن واحد التي اطلقها في يناير (كانون الثاني) الماضي، والتي تقضي بحصص معلومة في الغاز والنفط والمطاط لاقليمي آتشيه واريان جايا كمنتجين، وقابلية ذلك التنازل لفتح شهية اقاليم اخرى للمطالبة بالمثل في وطن يعاني اصلا من سوء فاضح في توزيع الثروة.

ويتحتم عليها كذلك ان تحدد سقف الحركة امام المؤسسة العسكرية في فترة الانتقال السابقة لاية تسوية قادمة مع الاقليمين، اللذين علت فيهما نبرة الانفصال تأثرا بانفصال تيمور الشرقية في 31 اغسطس عام 1999.

في المقابل، يوحي اختيار ميغاواتي في تشكيلتها الوزارية التي اعلنتها في 7 اغسطس الجاري باستصحاب الاستقرار السياسي ودعمه من بوابة الاقتصاد، لأن اختيارها لدورو دجاتون سفير اندونيسيا في واشنطن بوعي مسبق بمكانة واشنطن العالمية، وتأثيرها في صندوق النقد الدولي الذي علق في مارس (آذار) الماضي 400 مليون دولار لعدم وفاء جاكارتا برئاسة واحد لجملة من الاصلاحات الاقتصادية، وفي مقدمتها معالجة ما يعرف بالديون السيئة.

وجاءت ميغاواتي بفيو يون المحافظ السابق للبنك المركزي لوزارة المالية، لعله يحقق مع دجاتون حرمة الاصلاحات المطلوبة، ويفتح شهية واشنطن لاطلاق تعاونها العسكري الذي علقته هي الاخرى منذ فترة يوسف حبيبي الانتقالية مايو (ايار) 1998 ـ اكتوبر (تشرين الاول) عام 1999، تاريخ اختيار واحد.

في مقدمة ميغاواتي ما يطمئن الى ان سفينتها قد ابحرت في الاتجاه الصحيح. رغم ان التشكيلة الوزارية الحافلة بالتكنوقراط حاولت استرضاء تحالفات كثيرة، لن تمكنها من تفكيك ميراث سوهارتو، وإن كانت ستمكنها من الاحتفاظ بمعادلة اخرى للاستقرار من خلال تأسيس جديد للتعاون بين الجهازين التنفيذي والتشريعي في مكان تلك الخصومة التي اطاحت بسلفها.