قرارات وزراء الخارجية العرب صدرت بالتوافق وليس الإجماع

وزير خارجية قطر: جمدنا العلاقات مع تل أبيب ولم ننهها وأنباء زيارتي لإسرائيل كذب

TT

قالت مصادر بالجامعة العربية ان القرارات العلنية والسرية التي صدرت عن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي استمر حتى ساعة متأخرة من مساء اول من أمس لم تحظ باجماع عربي بل صدرت بتوافق الآراء، بسبب الخلافات الشديدة التي شهدها الاجتماع خاصة بين وفدي سورية وقطر وعدد من الدول الأخرى.

وأضافت المصادر أن الخلافات لم تكن على كون الجلسة سرية أو علنية فقط بل امتدت إلى القرارات نفسها خاصة حين طلبت سورية قطع جميع الاتصالات السياسية مع اسرائيل وكذلك المقاطعة الاقتصادية لها.

وأكدت المصادر أنه تم العدول عن فكرة سفر وفد من وزراء الخارجية العرب إلى واشنطن بعد معارضة شديدة من الوفود المختلفة خشية تعرضهم لاحراج لعدم مقابلتهم على المستوى المناسب.

ولفت وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني انتباه المراقبين حين أعلن في المؤتمر الصحافي الذي أعقب الاجتماع الطارئ أن هناك قرارات سرية وأخرى علنية، وكذلك قوله ان المقاطعة الاقتصادية صعبة جداً لكونها تمتد إلى شركات تتعامل مع الدول العربية في مجالات حساسة مثل الغاز والطيران وخلافه، قائلاً ان «الأمر ليس سهلاً».

وفيما جاءت القرارات التي أعلنها الشيخ حمد في المؤتمر الصحافي أقل حدة من نظيرتها السرية، لوحظ تعدد الصياغات للقرارات حيث لم تكن النسخ الموزعة على الصحافيين كلها متوافقة بل شديدة الاختلاف سواء في الصياغات أو في أرقام البنود، وذلك لارضاء جميع الأطراف العربية وخاصة التي لها علاقات مع اسرائيل كمصر والأردن وموريتانيا وقطر.

وكان الوزير القطري وبصفته رئيس الاجتماع قد أعلن أن وزراء الخارجية العرب قد قرروا في اجتماعهم الطارئ أنهم قرروا التأكيد على دعم الشعب الفلسطيني وانتفاضته بكل الوسائل المتاحة باعتبارها مقاومة وطنية مشروعة ضد الاحتلال الاسرائيلي ورفض وصفها بالعنف والارهاب، كما أكدوا على ضرورة وسرعة تنفيذ قرارات قمتي القاهرة وعمان.

كما قرروا الاسراع بتقديم المساعدات المالية والاقتصادية للشعب الفلسطيني بما يمكنه من الاستمرار في الصمود لاسيما الدول التي لم تستكمل مساهماتها في صندوقي الأقصى والانتفاضة.

ودعوا المنظمات الأهلية والشعبية العربية إلى استمرار تقديم المساعدات المادية لدعم المتضررين من الاعتداءات الاسرائيلية والعمل للحفاظ على وضع القدس الشريف واعتبار الاجراءات الاسرائيلية الرامية لتغيير هذا الوضع باطلة وغير شرعية وعديمة الأثر، مع التأكيد على ضرورة الانسحاب الفوري للقوات الاسرائيلية التي تحتل بيت الشرق والمؤسسات الفلسطينية في القدس وانهاء احتلال القرى المحيطة بالقدس وتوجيه طاقات الأمة العربية لافشال خطط تهويدها ووقف محاولات النيل من المسجد الأقصى وقبة الصخرة والأماكن المقدسة المسيحية والاسلامية ومواصلة العمل على فضح ممارسات اسرائيل ومنع محاولة اقامة مؤتمرات دولية فيها.

وأكدوا مشاركة جميع الدول الأعضاء في مؤتمر ضباط اتصال المكاتب الاقليمية في الاجتماع المقرر عقده بدمشق خلال الفترة من 7 إلى 11 اكتوبر (تشرين الأول) المقبل لتفعيل المقاطعة العربية لاسرائيل ودعوة العالم لمقاطعة منتجات المستعمرات الاسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة.

وشددوا على عدم الشروع في اجراء أي اتصالات مع اسرائيل طالما واصلت اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني وأرضه وعلى الأراضي السورية واللبنانية، والعمل على وضع آلية مناسبة لتقديم مجرمي الحرب الاسرائيليين إلى محاكمة دولية، ودعم مطلب العراق بتخصيص مليار يورو ومطالبة الأمم المتحدة باطلاق هذا المبلغ دعماً لصمود الشعب العربي الفلسطيني، والتمسك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين طبقاً لقرار الأمم المتحدة رقم .194 ودعوا الولايات المتحدة إلى التوقف عن تزويد اسرائيل بأي سلاح هجومي وتكليف الأمانة العامة بدراسة موضوع رفع شكوى رسمية إلى الجهات الأميركية المعنية بالولايات المتحدة تطبيقاً للقوانين التي تقيد السلاح الأميركي واستخدامه ضد طرف ثالث. كما أصدر المؤتمر قراراً بشأن المؤتمر العالمي ضد العنصرية المقرر عقده في ديربان بجنوب أفريقيا، مؤكداً فيه على العمل لانجاح المؤتمر معتبراً أن اداءه الممارسات العنصرية كل لا يتجزأ ويتطلب بالضرورة ادانة الممارسات الاسرائيلية الراهنة واستمرار وقوف العرب ضد الممارسات العنصرية التي جرت في الماضي واحتجاجهم الشديد على الممارسات العنصرية الاسرائيلية ضدهم في الحاضر وبصفة خاصة ضد الشعب الفلسطيني. كما قرروا عقد اجتماع تنسيقي لوزراء الخارجية يوم 31 أغسطس الجاري على هامش المؤتمر.

إلى ذلك اعترف وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر ال ثاني باستمرر علاقات بلاده مع اسرائيل. وقال «اننا جمدناها، لكنني أكون مزايداً إذا قلت اننا أنهيناها تماماً».

ونفى الشيخ حمد زيارته لاسرائيل سراً بصحبة أولاده، وقال: انني تعمدت عدم نفيها لأنني لو كنت زرتها لأعلنت ذلك مسبقاً قبل اتمامها. وزاد على ذلك «ان الذين ابتكروا هذا السيناريو يدركون أنه كذبة تماماً وعار من الصحة لأن من روج له سيجد نفسه مضطراً لعدم تصديقه فيما بعد»، جاء ذلك عقب اجتماع لمجلس الجامعة استغرق نحو 10 ساعات اول من أمس بدأ في الثانية عشرة ظهراً وانتهى في العاشرة مساء نفس اليوم.

وشكك الشيخ حمد في امكانية نجاح المقاطعة العربية لاسرائيل وقال: ان هناك دولاً وشعوباً واقتصاديات سوف تضار بسببها لأنها إما ان بعضها يعتمد على المساعدات الخارجية أو تصدر مواد خاماً مثل البترول والغاز للخارج. وفجر مفاجأة حين تحدث عن عدم وجود ثقة بين بعض الدول العربية. ونفى الشيخ حمد وجود خلاف بينه وبين وزير الخارجية السوري خلال الجلسة الأولى وكشف عن مطلب جماعي لوزراء الخارجية سبق الجلسة لعقدها سرية قبل دخول الوزراء القاعة. وقال: ان اسرائيل لم تشجعنا على تعميق علاقاتنا بها بعد مدريد لأنهم (الاسرائيليين) لم يحترموا ما وقعوه أو يلتزموا به.

لكن الأمين العام للجامعة عمرو موسى بدوره عقب على ما ذكره وزير خارجية قطر بقوله انه يعبر عن رأيه وتحليله الشخصي فقط ولا يعبر عن الجامعة أو مجلسها أو دونها. وزاد موسى على ذلك قوله ان قطر سوف تشارك في اجتماع لمكتب المقاطعة سيعقد في دمشق من 7 ـ 11 اكتوبر القادم.

وعلق موسى حول الجدل الذي تخلل الجلسة العلانية الأولى بين وزيري الخارجية القطري والسوري فاروق الشرع بقوله «انها خلافات مصطنعة لتسليتكم» يقصد الصحافيين، وحول ما يعنيه السيناريو الأسوأ وما يقصده موسى قال ان هذه معركة طويلة ويتعين الاستعداد لها. وكرر مقولته: اننا في الجامعة ولسنا بمجلس اركان حرب.

ونفى موسى أن تكون قرارات مجلس الجامعة ضعيفة معتبراً أنها تعكس توافقاً في الأداء كما نفى وجود خلافات بين وجهتي النظر المصرية والسورية ادت الى إضعاف القرارات. وقال موسى ان هناك قرارات معلنة وأخرى لم تعلن لكنها ليست سرية.

وأكد أن «الدول العربية ليست مع اطلاق شعارات من مؤتمر ديربان أو العمل على مساواة العنصرية بالصهيونية لكنها متمسكة بأدائه لممارسات اسرائيل وتصريحات صدرت عن بعض حاخاماتها، وكما أننا رافضون للعنصرية في الماضي ولسنا مع ما تعرض له اليهود فنحن كذلك نرفضها حالياً وندينها بنفس القوة».

وكان وزير خارجية قطر قد أكد في مؤتمره الصحافي الذي لم يشارك به الأمين العام للجامعة كالعادة أن ما يجري على أرض فلسطين لا يساعدنا كأصدقاء للولايات المتحدة ولا يساعدها في مصالحها. واتهم سياساتها بأنها سياسة خاطئة، داعياً إلى أن تتصرف أميركا كقوة كبرى وأن تجبر اسرائيل على وقف ممارساتها.

وحول الدعوة للاستعداد للسيناريو الأسوأ، قال الشيخ حمد: اننا مع ما ذكره الأمين العام للجامعة والواضح أن اسرائيل تريد تركيع ليس الشعب الفلسطيني وحده ولكن الشعوب العربية أيضاً ونحن في قطر سنعمل مع أي تحرك عربي لمواجهة تلك السياسات.

ورداً على سؤال حول اعطاء اسرائيل كل هذه القوة والتمسك بالعلاقات معها قال الشيخ حمد ان اسرائيل دولة «قوية» ومسنودة من دول كبرى. وتساءل قائلاً: كيف أستطيع أن أنفي عنها صفة الدولة؟ وأضاف: ولقد أقامت مصر والأردن علاقات وأبرما اتفاقيات معها.

ومرة ثانية أرجع فشل الرهان على نجاح المقاطعة إلى وجود مصالح بين تلك الدولة ودول عربية واعتمادها على معونات خارجية أو مواردها الخام لتصديرها إلى جانب ضعف الثقة بين الدول حول هذه القضية لكنه اعتبر قرارات المجلس جيدة واذا طبقت ستكون خطوة للأمام.

إلى ذلك تضمنت الورقة السورية التي شهدت هي والورقة الفلسطينية حيزاً كبيراً من المناقشات والجدل بين الوزراء المجتمعين حيث طالبت بالمقاطعة العربية لاسرائيل والتأكيد على ضرورة الدول المشاركة وحضور اجتماعات المقاطعة في دمشق وقطع جميع الاتصالات السياسية مع اسرائيل والتأكيد على آلية لتقديم مجرمي الحرب الاسرائيليين في محاكمة دولية والمطالبة بالتوقف عن تزويد اسرائيل بأي سلاح هجومي ودعم الانتفاضة والشعب الفلسطيني في كفاحه ضد الاحتلال.

وقالت مصادر دبلوماسية في جامعة الدول العربية «ان المطالب السورية اعتبرت قاعدة أساسية للأفكار الأساسية للبيان». وأضاف: «لقد كبرناها وتوسعنا فيها»، وأوضح أنه تم تعديل قطع جميع الاتصالات بعدم الشروع باجراء أية اتصالات مع اسرائيل بما يقصر ذلك على الدول التي لا ترتبط بعلاقات مع اسرائيل، مشيراً إلى وجود دول عربية لديها معاهدات مع اسرائيل مثل مصر والأردن وموريتانيا مؤكداً أن مصر وافقت على هذه الصيغة التوفيقية.