أمين عام المؤتمر الوطني لولاية الخرطوم: لا خلافات بين أجهزة حكم الإنقاذ والجنوبيون لن يصوتوا للانفصال لأن الشماليين أكثر أمانا لهم

عبد الله بدري كشف لـ«الشرق الأوسط» عن مساع لإقناع عمر بالبقاء أمينا عاما للحزب الحاكم

TT

أعلن الأمين العام لأمانة المؤتمر الوطني السوداني (الحزب الحاكم) في ولاية الخرطوم التي تضم خمس سكان السودان، عبد الله محمد بدري، ان النشاط السياسي للمؤتمر الوطني «مبعثه الاستعداد للتحول الديمقراطي والتعددية»، وان «مؤتمرات القواعد الجماهيرية ساندت خيار الوفاق الوطني والحل السياسي الشامل». ونفى في حديث لـ«الشرق الأوسط» وجود خلافات بين الاجهزة او في الحزب الحاكم. كما كشف بدري عن وجود مساع للابقاء على ابراهيم احمد عمر في موقعه امينا عاما للمؤتمر الوطني. واستبعد بدري ايضا انفصال الجنوب في حالة الاستفتاء وتقرير المصير. وفي ما يلي نص الحوار:

* ما هي الدوافع وراء النشاط السياسي المكثف للمؤتمر الوطني على مستوى القواعد والقطاعات في ولاية الخرطوم؟

ـ ان المؤتمر الوطني الماضي اعلن مباشرة بعد اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في فبراير (شباط) الماضي انه مقدم على مرحلة جديدة تستهدف بناء المؤتمر الوطني بصورة منهجية وجماهيرية ليكون تنظيماً سياسياً قوياً ومفتوحاً لكافة المواطنين وعلى أساس الاقتناع والقبول بالاهداف والمبادئ والمرجعية وكذلك ليكون بمقدوره مواجهة متطلبات مرحلة التحول الديمقراطي والتعددية والتنافس الحزبي، واستناداً الى هذا الاعلان المبكر جاء هذا النشاط السياسي في ولاية الخرطوم وفي ولايات السودان الاخرى.

* ما هي برأيكم اهم ظاهرة في هذه اللقاءات والمؤتمرات؟

ـ الظاهرة الكاسحة تتمثل في حماس مؤتمرات القواعد في الاحياء وكافة المناطق لتحقيق الوفاق الوطني والحل السياسي الشامل، بما يتطابق مع موقف القيادة العليا للمؤتمر الوطني ورئاسة الجمهورية والأجهزة التنفيذية والتشريعية، وبهذا السند والدعم فان القواعد الجماهيرية اعطت بعداً آخر، أعمق وأقوى لمبدأ الوفاق الوطني الذي اصبح استراتيجية ثابتة للمؤتمر الوطني وللحكومة على حد سواء.

* ماذا بالنسبة لما تردد عن وجود خلافات بين الاجهزة السياسية والتنفيذية لجبهة الانقاذ الوطني؟

ـ ليس هنالك اي خلاف او صراع بين اجهزة الدولة، والواقع الماثل ان مناخ الاستقرار والتعاون والتشاور غالب تماما، اذ يستند الآن الى الشورى وإلى رؤية ومرجعية مشتركة بحكم الأداء السياسي والتشريعي والتنفيذي، وهذه المرجعية تشكل احد مرتكزات الوفاق الوطني القادم والذي يقبل بوجود الآخرين ومساهمتهم ومشاركتهم.

* تردد ان الأمين العام للمؤتمر الوطني ابراهيم احمد عمر ابدى رغبته في التخلي عن الأمانة لدى انعقاد المؤتمر العام نهاية اغسطس (آب) الحالي، هل هذا صحيح؟

ـ توجد مساع من جانب العديد من الشخصيات القيادية في المؤتمر الوطني تستهدف اقناعه بالبقاء والاستمرار في موقعه لدعم المرحلة المقبلة، خاصة انه اضطلع بمهامه الصعبة بعد حسم الصراع على السلطة وخروج اعضاء المؤتمر الشعبي. واعتقد ان وجوده مهم فهو شخصية وفاقية وصبورة وتتحلى بصفات انسانية رفيعة تجعله مقبولا من كافة الاطراف بما فيهم القوى السياسية الاخرى.

* عادت عدة احزاب سياسية تاريخية للساحة السياسية.. كيف ستؤثر هذه العودة على المؤتمر الوطني؟

ـ اولاً، ان المؤتمر الوطني يرحب بصدق بعودة الحزبين التاريخيين، الاتحادي الديمقراطي والأمة في الساحة السياسية، فوجودهما ضروري بحكم دورهما الوطني واسهامهما العام، كما انهما قدما نماذج وطنية اتسم اداؤها بالتجرد والنزاهة والاستقامة. كما ان المؤتمر الوطني يرحب بالتعاون والتنسيق مع حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي، اذ تجمعنا المبادئ الأساسية والاهداف العليا للحفاظ على الوطن وسلامته. كما ان المؤتمر الوطني يعتبر اعلان التعاون بين الأمة والاتحاد الديمقراطي الذي تم بالقاهرة عملا ايجابياً وبناء لأنه يخدم الاستقرار السياسي والعمل العام في السودان.

* ما هو تقييمكم للوزن السياسي للأحزاب المتوالية، اي التي قامت برعاية حكومية؟

ـ من الصعب تقليل وزن مجموعة الاتحاديين بقيادة الشريف زين العابدين، الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي، فهو قيادة تاريخية متصوفة، وهو صاحب المبادرة بالحوار والوفاق الوطني، وأخذ قرار العودة الى الوطن عام 1996، ودوره في الانفتاح السياسي والتحول الديمقراطي والتعددية والخيار السلمي ايجابي.

* كيف توفقون بين مشاركة ابناء الجنوب في المؤتمر الوطني ومجاهرتهم باقرار مبدأ تقرير المصير للجنوب؟

ـ ان مشاركة الاخوة الجنوبيين في المؤتمر الوطني على كافة المستويات ونائب الامين العام للمؤتمر الوطني من الجنوب، وكذلك نائب امين عام المؤتمر الوطني لولاية الخرطوم من الجنوب ايضا أمر يعكس ان قاعدة الحزب الحاكم عريضة، والعضوية فيه مفتوحة وكذلك القبول بالرأي الآخر متاح ولا حجر على احد في التعبير عن رأيه او موقفه.

* ما هو موقف جبهة الانقاذ الجنوبية بعد الخلافات الاخيرة؟

ـ ان المؤتمر الوطني ما يزال يعتبر جبهة الانقاذ حزبا مواليا ومشاركا في الحكم رغم وجود جناح معارض للحكومة.

* كيف سيتعامل المؤتمر الوطني مع قضية الانفصال للجنوب في حال الاستفتاء؟

ـ لا توجد لدينا مخاوف تجاه انفصال الجنوب اذا حدث تقرير المصير، إذ يوجد الآن في الشمال نحو اربعة ملايين من ابناء الجنوب، والتداخل والتواصل اللذان حدثا في الشمال ازالا الحواجز النفسية، وأحدثا تعاوناً سهلاً بين ابناء الوطن الواحد، والتعامل في مجمله انساني وهذا أمر له اثره في عملية القرار.

كما ان هناك عاملاً آخر وهو ان الجنوبيين انفسهم يعتبرون ان الشماليين الاقرب بالنسبة لهم لأن الخلافات بين القبائل الجنوبية بجذورها التاريخية تجعلهم في غير موضع التقارب. وفي النهاية فان الكرة في ملعب الشماليين اكثر مما هي في ملعب الجنوبيين، ولكن الجميع يتطلعون الى الصيغة المقبولة والمستقرة والآمنة.

* ما هو تعليقكم على الجهود التي تبذل في اتجاه وقف الحرب وإحلال السلام في الجنوب.

ـ انني اوافق على قول رئيس حكومة ولاية الخرطوم على ان الخرطوم هي الأكثر تضرراً من استمرار حرب الجنوب نتيجة النزوج المستمر من مناطق العمليات بالجنوب نحو ولاية الخرطوم بوجه خاص، مما سبب لها عبئاً كبيراً، وأدى الى تدن مريع في الخدمات والتي يصعب تطويرها في ظل الحرب المدمرة، لذلك فاننا مع جهود السلام الى آخر مدى، فالسلام قضية حيوية ومصيرية فلا يمكن ان يعايش اهل السودان الحرب الى ما لا نهاية.

* يتهم البعض المؤتمر الوطني بأنه يغلب النشاط السياسي والشعارات على العمل والخدمات، ما هو ردكم؟

ـ ان المؤتمر الوطني هو الوعاء الذي يعبر عن المرجعية الفكرية، والحكومة هي الجهاز التنفيذي لسياساته ويصعب تحقيق التجاوب بين التنظيم السياسي والحكومة والمواطنين من دون ان يلمسوا وجود جهد وعمل وخدمة لصالحهم، والرئيس عمر البشير جعل الاهتمام بقضايا الجماهير وتوفير الحياة الكريمة لها وتحسين الخدمات في مقدمة برنامج الدورة الرئاسية الحالية.

* هل المؤتمر الوطني على معرفة بالسلبيات ويمارس النقد الذاتي في مناقشاته ومداولاته؟

ـ اقول بكل صدق ان المؤتمر الوطني ليست له حساسية في ممارسة النقد الذاتي، وقد نقلت شخصيا في احدى مناقشات المؤتمر الوطني، الانفلات الحاصل في بعض الولايات، فقد زرت ولاية ولاحظت ان عمود الكهرباء بالمدينة صدم بسيارة قادها ابن الوالي، (الوالي هو رئيس حكومة الولاية) وفي شارع آخر رأيت سيارة اخرى فقيل لي ان السيدة التي تقودها هي زوجة الوالي، وعندما وصلت الى مقر رئاسة الولاية، فوجئت بسيارة فارهة اخرى خاصة بالوالي نفسه، وقارنت بين هذا البذخ حيث لم يعد الحاكم في الولاية يفرق بين ما هو مملوك للدولة، وما هو خاص، كما قارنت بين حكام سودانيين اقتصر استخدامهم لسيارة الدولة على ما هو خاص بعمل الحكومة فقط، ويحظر على افراد اسرته استخدامها.

هذا النموذج وغيره نمارسه علناً وبدون حساسية، ويجد هذا النقد الالتفات والمعالجة.