أحد مساعدي وزير الدفاع الإسرائيلي كان سجينا بتهمة بيع الأسلحة إلى «فتح»

TT

كشف النقاب في اسرائيل، امس، عن ان احد مساعدي وزير الدفاع بنيامين بن اليعزر، هو سجين سابق، امضى 4 سنوات في السجن بعد ادانته بتهمة بيع اسلحة لحركة «فتح». ومع اثارة الموضوع وسماع رأي المخابرات الاسرائيلية في الموضوع، ازدادت اكثر علامات الاستفهام حول مجمل القضية.

والمساعد المذكور هو فرج خنيفس البالغ من العمر 46 سنة، ابن عائلة عربية درزية معروفة. والده صالح خنيفس، كان عضوا في الكنيست الاسرائيلي في السنوات الاولى لقيام اسرائيل، عن قائمة عربية تابعة لحزب العمل. وله احترام خاص في الحركة الصهيونية، كونه احد قادة الطائفة العربية الدرزية الذي أقام معها علاقات قبل عام 1948 وسعى الى ضم الجنود الدروز المحاربين في جيش الانقاذ العربي (وهو الجيش الذي ارسلته الدول العربية لانقاذ فلسطين) الى الجيش الاسرائيلي. وكانوا النواة لوحدة الاقليات في هذا الجيش. وكان له دور بارز في فرض الخدمة الاجبارية على الشباب الدرزي في الجيش الاسرائيلي. وعندما ترك العمل السياسي تحول الى احدى الشخصيات الكبيرة في صفوف فلسطينيي 48 يشارك في لجنة الصلح العشائرية ويعقد رايات الصلح.

اما خنيفس الابن، فقد تجند للجيش الاسرائيلي سنة 1973 وخدم آنذاك في الوحدة القتالية التي كان قائدها بنيامين بن اليعزر، وهذا هو مصدر التعارف بينهما. لكنه فرّ من الجيش بعد سنتين، وانضم الى لجنة المبادرة الدرزية، التي كان اقامها الحزب الشيوعي للوطنيين الدروز رافضي الخدمة الاجبارية. وقد اعتبرت اللجنة انضمام فرج، ابن عضو الكنيست التابع للحكومة، مكسبا سياسيا كبيرا لها. فاستقبلوه بالترحاب واصبح صديقا شخصيا للراحل عاصم خطيب، سكرتير اللجنة.

وحسب ملف فرج في الشرطة، فان عاصم كان على علاقة بحركة «فتح» الفلسطينية واقام لها خلية فدائية من ابناء الطائفة العربية الدرزية (وهي الخلية الوحيدة التي ظهرت في الطائفة لخدمة القضية الفلسطينية عسكريا)، وان عاصم اقنع فرج خنيفس بالانضمام لهذه الخلية. وبعد فترة، اقام فرج علاقات مستقلة مع «فتح»، اذ سرق اسلحة اسرائيلية وقام بتسليمها الى الحركة في الضفة الغربية حتى تستخدمه في عمليات ضد اسرائيل. وفي الوقت نفسه لم يقطع علاقاته مع الخطيب.

لكن المخابرات الاسرائيلية عرفت بأمر الخلية، في الوقت الذي كان افرادها متوجهين الى القدس الشرقية لمقابلة مسؤول من «فتح»، لتلقي الارشادات والتوجيهات الاخيرة قبل تنفيذ عملية فدائية في احدى المدن الكبرى، واعتقلوهم وصادروا الاسلحة التي كانت معدة لهم، وحكم عليهم بالسجن لفترات متفاوتة، كان نصيب فرج خنيفس منها ظاهريا 8 سنوات.

إلا ان خنيفس امضى نصف المدة فقط، وكان اول سجين سياسي يحظى بتخفيض ثلث المدة وكذلك بعفو اضافي من رئيس الدولة. اما عاصم الخطيب، فقد امضى كل المدة. ثم قتل في حادث طرق، يقول اهله انه لم يكن حادثا عاديا وانه نجم عن تخريب مقصود في كوابح سيارته.

وبعد خروجه من السجن، اختفى فرج عن الانظار عدة سنوات. ثم فتح حانوتا لبيع الادوات المنزلية في بلدته شفاعمرو لمدة ثلاث سنوات (87 ـ 1990). وبعدها ظهر على الحلبة السياسية. فانضم الى حزب الليكود اليميني المتطرف (وكان النشطاء العرب في هذا الحزب بضعة افراد فقط). وبعد سنة انتقل الى حزب العمل. وعندما فاز هذا الحزب بالانتخابات وتولى زعيمه اسحق رابين رئاسة الحكومة، عين بنيامين بن اليعزر وزيرا للبناء والاسكان. فاتصل به خنيفس طالبا تعيينه مستشارا له. فوعده بذلك، بل ابلغه فيما بعد بتعيينه. لكنه تراجع في آخر لحظة لسبب ما، لا يعرفه احد.

في هذه الاثناء خاض خنيفس الانتخابات المحلية في شفاعمرو، وانتخب نائبا لرئيس البلدية عن القائمة الدرزية. وعين نائبا لرئيس اللجنة اللوائية (في الشمال) للبناء والتنظيم. وظل مقربا من بن اليعزر وعمل الى جانبه في تجنيد الناخبين العرب لحزب العمل عموما، وللوزير بن اليعزر في الانتخابات الداخلية للحزب بشكل خاص. وعندما فاز ايهود باراك برئاسة الحكومة كاد يعين خنيفس مستشارا له للشؤون العربية. لكنه تراجع في آخر لحظة، ايضا لاسباب غير مفهومة. فاختاره بن اليعزر، نائب رئيس الحكومة ووزير الاتصالات، مستشارا له. وهكذا، بقي مع بن اليعزر ايضا عندما اصبح وزير دفاع في حكومة ارييل شارون.

وعندما سئل خنيفس عن وظيفته، نفى في البداية انه مستشار لوزير الدفاع. وقال ان الوظيفة الوحيدة التي يشغلها هي نائب رئيس بلدية شفاعمرو. ورفض اتهامه بالعمل في خدمة «فتح». وقال «انا لم اكن سجينا سياسيا بل سجيناً جنائياً. فقد بعت السلاح على اساس تجاري، مثل تجار السيارات او الخضار» (صحيفة «يديعوت احرونوت»).

وتبين فيما بعد ان المخابرات العامة في اسرائيل (الشاباك) كانت قد صادقت على تعيين خنيفس مستشارا في «حدود معينة». وقال الناطق بلسان وزارة الدفاع ان خنيفس لا يشارك في اجتماعات ذات طابع امني سري وانه يعالج فقط الطلبات التي يقدمها مواطنون عرب للوزارة.

الا ان هذه الردود استفزت خنيفس، فقال انه يحظى بثقة الوزير بالكامل ويطلع على اسرار امنية وان له مكتبا خاصا في وزارة الدفاع في تل ابيب ويتولى عدة مسؤوليات كمساعد للوزير وليس فقط مستشار للشؤون العربية «وهناك مشاريع كبرى اقوم بها». وسئل هنا، كيف يمكن ان يحظى بهذا الدور وهو ذو ماض امني معاد لاسرائيل، فأجاب: «دخولي الى «فتح» كان مخططا من المخابرات. هم الذين ارسلوني. وقد كانت محاكمتي صورية. فقط بعد 100 سنة سيكون ممكنا الحديث عن مساهمتي لامن دولة اسرائيل. لقد اديت للشاباك خدمات جلّى في البلاد والخارج، بفضلها حقنت دماء الكثير من الاسرائيليين».