سلاح الجو الروسي يشكو من «شيخوخة طائراته» والمجمع الصناعي يسعى لتمويل «التطوير» عبر «التصدير»

TT

اذا كانت القدرة على القيام بحركات بهلوانية في الجو هي المقياس الوحيد، فإن الطائرة التجريبية الروسية المقاتلة سو- 37 المعروفة بإسم «بركوت» هي المقياس الاساسي لهذا النوع من الطائرات في العالم. وقال مذيع معرض موسكو الجوي للجماهير «هذه الطائرة مصممة لحل مشاكل التناقضات في الجو». وتأمل صناعة الطائرات الروسية المحاصرة في تحقيق نجاح مماثل لنجاح العرض الجوي على الارض، وهي تحاول اخراج سلاحها الجوي من حالة الانهيار التي يتعرض لها. الا ان وقف الانهيار ليس بالمهمة السهلة بالرغم من المحاولات التي قامت بها السلطات الروسية في معرض موسكو الجوي، فمعظم الطائرات الموجودة في المعرض معروفة من قبل.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد تعهد في الاسبوع الماضي عند افتتاح المعرض ببذل اقصى الاهتمام بالصناعات العسكرية التي اجبرت على الاعتماد على الصادرات فقط في السنوات التالية لانهيار الاتحاد السوفياتي. الا ان سيرجي ايفانوف وزير الدفاع الروسي يشعر بالتفاؤل. فقد اشار الى مبيعات جديدة في الخارج والتنوع بدخول سوق الطائرات المحلية، وبدء برنامج مشترك جديد مع الشركات الاوروبية لتطوير طائرات ميج روسية الصنع لتصل الى مستوى طائرات حلف الاطلسي، واضاف: «لقد تمكنت صناعة الطيران العسكرية من الوقوف على قدميها اخيرا».

والجدير بالذكر ان العقود الاخيرة مع الصين والهند دفعت صادرات الاسلحة الروسية الى 3،2 مليار دولار هذا العام. وكانت الصين قد وافقت في الشهر الماضي على شراء 38 طائرة من طراز سو - 30 المخصصة للهجوم الارضي قيمتها مليارا دولار. وفي شهر يونيو(حزيران) الماضي توصلت الهند الى اتفاق مع روسيا لمدة عشر سنوات قيمته 10 مليارات دولار، ولكن مع عدم وجود اية صادرات اخرى في الافق، بدأت صناعة الطائرات الروسية في الاهتمام بالسوق المحلي. ويسود الاعتقاد في الدوائر السياسية الروسية ان تنشيط صناعة الطائرات يمكن ان يتيح لروسيا تحديث قواتها الجوية، عبر ابتكار مقاتلة جديدة للتنافس مع الغرب.

ويعني ارتفاع اسعار النفط، بعد ان اصبحت روسيا واحدة من الموردين الرئيسيين للنفط في اوروبا، ان وزارة الدفاع لديها المزيد من الاموال لانفاقها. وقد خصصت الميزانية الجديدة التي تم اقرارها يوم الثلاثاء الماضي مبلغا اضافيا قيمته 1،5 مليار دولار للنفقات الدفاعية.

والمعروف ان ميزانية الدفاع الروسية للعام الحالي تصل الى 7،3 مليار دولار، ويريد قادة سلاح الطيران المزيد من الاموال لتحديث 80% من الاسطول بحلول عام 2005. وفي الوقت ذاته تقدم مصممو كل من طائرتي سوخوي وميج بتصميمات جديدة لجيل خامس من المقاتلة لكي يمكن بدء انتاجها في عام 2010.

وذكر قائد سلاح الجو الروسي اناتولي كونوكوف: «ان الطائرات الحربية الروسية تشيخ امام اعيننا، فخلال السنوات العشر الماضية لم تضف اية طائرة جديدة الى قوات الجبهة الامامية. كما ان 5% من الطائرات الروسية فقط تعتبر «حديثة». ولايوجد وقود طائرات في 49 من بين 115 مطارا عسكريا في روسيا. ومن ناحية اخرى ذكر دال هرسبرينج، وهو دبلوماسي سابق وخبير في الشؤون العسكرية الروسية في جامعة كنساس ستات «انهم يعينون خريجي كلية الدفاع الجوي في مدارس الاطفال لعدم وجود طائرات ووقود».

وعلى صعيد اخر يبحث الكثير من المصممين العسكريين الذين توقفت الميزانيات المخصصة لأبحاثهم عام 1991، عن وسائل للتجديد في اطار خطة خمسية شاملة تم الاعلان عنها في الاسبوع الماضي. وتخفض الخطة المؤسسات العسكرية الروسية الى النصف من 1700 مؤسسة، كما تم تحويل شركات صناعة الطائرات الى شركتين فقط.

ويصف البعض الشائعات التي تتردد حول هجرة الادمغة بأنها مبالغ فيها. ويقول ليف بولشاكوف وهو بائع لطائرات الميج: «انتشرت شائعات في وسائل الاعلام وفي مصنعنا ان الميج قد انتهت، وان المهندسين بأكملهم تركوا المصنع، وانه لا يمكننا تشييد طائرات». وكان يتحدث خلال عرض قمرة القيادة لطائرات من طراز ميج - 29 لمشتر محتمل هو جنوب افريقيا.

ومن المعروف ان طائرات الميج، في الاسواق المفتوحة، قادرة على المنافسة بسبب اسعارها المنخفضة. وقال بولشاكوف: «اذا كان ذلك هو المقياس الوحيد، لكسبنا اسواق العالم بأكملها.. ولكن توجد ايضا بعض العوامل السياسية».

وتتخذ العديد من دول اوروبا الشرقية قرارات سياسية ـ ولا سيما تلك الدول التي تود الانضمام الى حلف شمال الاطلسي ـ بخصوص اساطيل طائرات الميج التي ورثوها من قبل عقد من الزمن. ويوجد لدى تلك الدول اختياران: الاول هو تجديد طائرات ميج - 29 الى مستويات الناتو (هو الاختيار الارخص) او شراء طائرات جديدة او طائرات اميركية او سويدية مستعملة باسعار مرتفعة.

ويبدو ان معظم تلك الدول تختار الطائرات الغربية ذات الاسعار المرتفعة بالرغم من مشروع تجديد مشترك شكلته شركة ميج وشركة «ايدس» (EADS) الغربية. وفي الوقت الذي يشير فيه الخبراء الى وجود 1500 طائرة ميج في العالم، 400 منها يمكن تجديدها عن طريق الشراكة مع الدول الغربية، الا ان بعض الدول الساعية للانضمام الى حلف شمال الاطلسي مثل المجر وبلغاريا وبولندا تبدو مترددة. وقال رئيس وزراء المجر ان طائرات ميج - 29 المملوكة للمجر تجعلها «بطة عرجاء» في الناتو.

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»