اتهام عسكري أميركي متقاعد بالتجسس وبيع معلومات سرية إلى دولة عربية

TT

اعترض عملاء من مكتب التحقيقات الفيدرالية (اف بي آي) في مطار دالاس الدولي رقيبا متقاعدا يعمل في الوكالة المسؤولة عن تشغيل اقمار التجسس الصناعية الاميركية وهو في طريقه الى رحلة جوية متجهة الى اوروبا. ووجهت الى الرقيب المتقاعد برايان ريغان (38 عاما)، الذي يعمل في شركة «تي آر دبليو» بفيرفاكس، تهمة التآمر بغرض التجسس. وصدر قرار بحبس ريغان الى حين مثوله امام محكمة اليكساندريا الجزئية في جلسة سماع الاسبوع المقبل.

ويؤكد مسؤولون فيدراليون ان لديهم ادلة على تورط ريغان في نشاط تجسسي لمصلحة دولة رفضت ان تسميها، غير ان مصادر حكومية صرحت بأن هذا الجهة دولة عربية. ويتحرى مكتب التحقيقات الفيدرالية حاليا ما اذا كان ريغان قد سرب معلومات سرية الى دول اخرى.

ويزعم المحققون ان ريغان، الذي كان لديه تصريح بالاطلاع على معلومات «سرية للغاية»، قد بدأ في تسريب وثائق وصور سرية بعد وقت قصير من تقاعده عن العمل في سلاح الجو الاميركي في اغسطس (آب) العام الماضي. وورد في شهادة خطية لمكتب التحقيقات الفيدرالي من 19 صفحة ان ريغان قد سافر في رحلتين الى الخارج بغرض توصيل المعلومات التي جمعها خلال عمله في موقعه العسكري السابق في «مكتب الاستطلاع الوطني» بتشانتيلي. وكان ريغان عقب تقاعده قد عاد للعمل في «مكتب الاستطلاع الوطني» مجددا كموظف تابع لشركة «تي آر دبليو».

وأكد مسؤولون ان «مكتب التحقيقات الفيدرالي» بدأ التحقيق حول ريغان مطلع العام الحالي، غير انه كان يجب على عملائه التحرك بسرعة هذه الاسبوع عقب علمهم بتخطيطه للسفر في رحلة خارجية. الجدير بالذكر ان السلطات القت القبض على ريغان يوم الخميس الماضي وهو في طريقه الى زيوريخ عبر فرانكفورت في رحلة لشركة خطوط «لوفتهانزا». وطبقا لما ورد في شهادة مكتب التحقيقات الفيدرالية، فإن ريغان ابلغ زملاءه في العمل انه يعتزم اصطحاب اطفاله الاربعة في رحلة الى «ديزني وورلد».

وصرح النائب العام الاميركي كينيث ميلسون ان الحكومة لا تزال بصدد دراسة الاضرار المزعومة، كما اشار كذلك الى احتمال ظهور تهم جنائية. واعرب عن اعتقاده بأن الحكومة «ستنجح في محاكمة هذه القضية».

وذكرت مصادر ان الحكومة تعتقد ان ريغان ضبط في وقت مبكر وهو لا يزال في بداية عمله التجسسي وانه الحق اضرارا اقل بكثير من تلك التي تسبب فيها العميل روبرت هانسون خبير مكافحة التجسس السابق بمكتب التحقيقات الفيدرالية. الجدير بالذكر ان هانسون اقر الشهر الماضي بالذنب في عمله لمدة 15عاما في التجسس لصالح موسكو.

وكان هانسون، الذي كشف امر تسعة عملاء مزدوجين وزود موسكو بمعلومات حول تحضيرات الولايات المتحدة للحرب النووية الى جانب كشف العديد من برامج اتصالات «سرية للغاية»، يعتبر الجاسوس الاكثر خطورة منذ القاء القبض على آلدريتش آميس عام .1994 وكان هانسون وافق على اطلاع المحققين على نشاطاته لقاء اصدار حكم بالسجن مدى الحياة.

وفي حالة ريغان، فإن الوثائق التي اتهم بتسريبها مصنفة كونها «سرية» ولا تدخل في خانة «سري للغاية»، كما انها تحتوي على صفحات «غير سرية» من «وثائق سرية».

وعند ظهوره القصير امام المحكمة يوم اول من امس لم يتحدث ريغان كثيرا عندما طلب من القاضي كيرتيس سيويل تعيين محام للدفاع عنه. ووفقا لما ورد في شهادة مكتب التحقيقات، فإن ديون ريغان تبلغ 53 الف دولار اميركي، واكدت جينيس لامار، المتحدثة باسم «تي آر دبليو»، ان الشركة قد فصلت ريغان مؤقتا من وظيفته. وكانت آنيت، زوجة ريغان لفترة 17 عاما، قد حضرت جلسة السماع القصيرة لكنها رفضت الادلاء بأي تعليق.

وحسبما ورد في شهادة مكتب التحقيقات، فإن ريغان، الذي تلقى تدريبا في التعامل مع الشيفرات، كان يدخل الى شبكة المعلومات السرية الحكومية «انترلينك» للحصول على معلومات حساسة ويذهب في وقت لاحق المكتبة العامة في الحي الذي يقطنه للاتصال عبر البريد الالكتروني مع زبائن محتملين. الجدير بالذكر ان ريغان كان قد التحق بالقوات الجوية وعمره لم يتعد 17 عاما، وحصل على العديد من الجوائز خلال فترة عمله التي استمرت عشرين عاما، بما في ذلك ميدالية على تحليله للقوة العسكرية العراقية خلال حرب الخليج. وعند القاء القبض عليه عثر في حقيبته على رسائل مشفرة وصمغ وشريط وقفازات مطاطية وعناوين مكاتب دبلوماسية في دولتين اشار لهما مكتب التحقيقات في الشهادة بالدولة «سي» C والدولة «دي» D. وكان بحوزة ريغان جهاز لتحديد المواقع يعتقد الضابط الذي وقع الشهادة الخطية التي تحتوي على اقوال ريغان ان بالامكان استخدامه لتحديد المواقع التي يعتزم ترك المعلومات فيها. وكانت التحقيقات التي قادت ضباط مكافحة التجسس الى ريغان قد بدأت الخريف الماضي لدى تلقي مسؤولين حكوميين اميركيين معلومات تفيد بأن دولة شمال افريقية تحصلت على وثائق سرية «ليس من المفترض ان تتحصل عليها». وابلغت الولايات المتحدة كذلك ان «عميلا» قد زود «الدولة» برسائل مشفرة تحتوي على تعليمات بالاتصال به من خلال عنوان بريد الكتروني باسم «ستيف جيكوبز» بمدينة اليكساندريا.

وتؤكد مصادر «مكتب التحقيقات الفيدرالي» ان بريد «جيكوبز» الالكتروني استخدم في مكتبات عامة بكروفتون وفولزتشيرش وبرنس جورج. وطبقا لما ورد في الشهادة الخطية لمكتب التحقيقات فان اثنين من المكتبات العامة بميريلاند تقعان على بعد خمسة اميال من منزل ريغان، كما ان مكتبة فولزتشيرش العامة تقع في طريق رحلته اليومية الى العمل. وتقول الشهادة كذلك ان ريغان اصبح تحت المراقبة منذ نهاية يونيو (حزيران) الماضي وبدأ يتصرف وكأنه يخشى ان يكون مراقبا، اذ يضطر احيانا الى التغيير الى الاتجاه العكسي وهو يقود سيارته، كما يتوقف احيانا بجانب الطريق. ونسي ريغان مرة اغلاق موقع على شبكة الانترنت عقب استخدامه له. وعندما جاء عملاء مكتب التحقيقات وجدوا ان ريغان كان يبحث عن فندق في زيوريخ، كما كان يبحث كذلك عن عنوان مكتب «الدولة C» في سويسرا.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»