التمييز العنصري بحق الآسيويين في أفريقيا يلقي بظلاله على مؤتمر ديربان

TT

نيروبي ـ رويترز: عندما قال آصف محمد لوالديه انه يرغب في الزواج من تنزانية سوداء شعروا بالغضب واصيبوا بصدمة. هاجر والدا آصف الى تنزانيا من الهند في الستينات الا انه ما زالت لديهم افكارهم الخاصة بخصوص مدى استعدادهم للاندماج مع مضيفيهم. وقال آصف «ابعدتني عائلتي تماما وجعلتني اشعر بعزلة عندما قررت الزواج من امرأة سوداء».

وعندما يبدأ مؤتمر الامم المتحدة في ديربان بجنوب افريقيا في 31 اغسطس (آب) الحالي سيتصدر جدول الاعمال الماضي الاستعماري للقارة والعلاقات السائدة اليوم بين البيض والسود. ولكن على بعد آلاف الاميال في شرق افريقيا فان الانقسام العرقي والاجتماعي اكبر ليس بين السود والبيض وانما بين السود والاسيويين. وبعد اكثر من 100 عام من وصول الاسيويين لشرق افريقيا الا انهم لا يشعرون بالاستقرار. وما زالت مشاعر عدم الثقة المتبادلة تسيطر على العلاقات بين الاسيويين وآلافارقة بعد نحو 30 عاما من طرد الدكتاتور الاوغندي عيدي امين لعشرات الالاف من المواطنين من اصل آسيوي.

وفي 1896 نقلت بريطانيا 32 الف عامل من الهند لاقامة خط للسكك الحديدية يربط ميناء مومباسا الكيني بالمناطق النائية آلافريقية.

وقليل من الاسيويين الموجودين الان يرجع اصلهم الى هؤلاء العمال بالسخرة، اذ ان معظمهم عاد الى الوطن عندما انتهى العمل الا انه دون شك فتح هؤلاء الباب امام موجات لاحقة من الهجرة. وبعد منعهم من العمل في الزراعة بدأ المهاجرون العمل كتجار وحرفيين وخبراء ماليين الا انهم لم يمددوا علاقاتهم الاجتماعية.

وفي اطار الاستعداد للاستقلال قدم قليل منهم يد العون للحركات القومية السوداء. الا انه بالرغم من تشجيع رئيس الوزراء الهندي السابق جواهر لال نهرو فان كثيرين ترددوا في قبول الجنسية المحلية. واستمع عيدي امين لاستياء الاوغنديين المتزايد من الجالية الاسيوية وما وصفوه بسيطرتهم على الاقتصاد المحلي.

وفي الوقت ذاته، في كينيا المجاورة فقد آلاف الآسيويين الذين لم يحصلوا على الجنسية الكينية متاجرهم. وفي كينيا اليوم يوجد نحو 70 ألف آسيوي ويغادر الالاف كل عام فرارا من الجريمة والاقتصاد المنهار.

وفي اوغندا لم يعد الى البلاد سوى قليل من الاسيويين منذ فترة عيدي أمين بالرغم من دعوة الرئيس الاوغندي الحالي يوري موسيفيني وبالرغم من ان معظم ممتلكاتهم التي صودرت تمت اعادتها. وما زال سياسيون يهاجمون الاسيويين في المناسبات. وشكا وزير التجارة التنزاني ايدي سيمبا في الاونة الاخيرة من ان خمسة رجال اعمال اسيويين يسيطرون على نصف تجارة البلاد، وطالب بموجة جديدة «لمناصرة السكان الاصليين».

وتزداد مشاعر الاستياء في المدن واماكن العمل، حيث ما زال لرسم كاريكاتوري لصاحب عمل اسيوي يصرخ في وجه عماله آلافارقة الكسالى اثره في نفوس العديد من الناس. وقال بينا كامونيا، وهو سائق حافلة صغيرة «اريد ان يعودوا الى الهند وان يتركونا لمشاكلنا. اذا كنا سنستفيد فيجب ان نستفيد بأنفسنا». ويقول امين جوادري الكيني من اصل اسيوي الذي عمل لاعوام في محاولة لتذليل العوائق العرقية «ينظر الاسيويون الى آلافارقة على انه لا يمكن تركهم للعمل بمفردهم لانهم كسالى ولصوص. وينظر آلافارقة للاسيويين على انهم يسعون لاستغلالهم ويقولون ان الاسيويين لا يحترمونهم ولا يكترثون بمصلحتهم».

والامر مختلف تماما في الجنوب حيث حارب كثير من الهنود جنبا لجنب مع السود في صراعهم ضد التمييز العنصري. وبعد ارساء الديمقراطية عام 1994 تمت مكافأة العديد من الهنود لدورهم في الصراع بمنحهم مناصب حكومية عليا، فاربعة من بين 27 وزيرا من اصل آسيوي بالرغم من ان الاسيويين يمثلون 2.5 في المائة فقط من السكان. ولكن هناك اشارات على الاستياء. وقال لورسن شيلمر نائب رئيس المعهد الجنوب افريقي للعلاقات بين الاجناس «العلاقات في مرحلة انتقالية، فمن ناحية كان للهنود دور بارز في الصراع من اجل التحرير ومن ثم هناك عدد من السكان من اصل هندي في الحكومة. ومن ناحية اخرى، يشعر الهنود نوعا ما بتهميشهم بسبب سياسة منح السلطة للسود».

وفي العاصمة الكينية نيروبي فان للاسويين أنديتهم الاجتماعة والرياضية ومناطقهم السكنية ولهم حتى الملاهي الليلية الخاصة بهم. ويعيش كثير منهم في مجمعات خلف جدر شاهقة واسلاك شائكة في اشارة على الانفصال عن بقية الحياة الكينية.