مقتل 3 جنود إسرائيليين في غزة أحدهم برتبة رائد في أول عملية فدائية اقتحامية لموقع للجيش الإسرائيلي منذ الانتفاضة

الجبهة الديمقراطية تعلن مقتل اثنين من عناصرها في الاشتباك الذي استغرق أكثر من نصف ساعة ومشاركة 10 في الهجوم

TT

غزة: صالح النعامي اعتبرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين العملية العسكرية ضد موقع عسكري في جنوب وسط قطاع غزة فجر امس، التي اعلنت مسؤوليتها عنها واسفرت عن مقتل 3 جنود اسرائيليين من بينهم ضابط برتبة رائد وجرح 7 آخرين حالة احدهم خطيرة، بداية اسلوب جديد في العمل العسكري وفاتحة سلسلة عمليات قادمة.

واعترف الجيش الاسرائيلي بمقتل جنوده الثلاثة من بينهم نائب قائد لواء جفعاتي في قطاع غزة الرائد جيل عوز (30 سنة) ، في هذه العملية التي تعتبر الاولى من نوعها وبحجمها ضد موقع عسكري اسرائيلي منذ بدء انتفاضة الاقصى في سبتمبر (ايلول) الماضي. وبدأ العميد اسرائيل زيف قائد قطاع غزة، على الفور تحقيقا في العملية.

واغضبت هذه العملية جنود الاحتلال الذين لم يتوانوا عن قصف سيارة فلسطينية مدنية بالقذائف المدفعية شرق مخيم البريج للاجئين جنوب غزة ادى الى تدميرها دون وقوع ضحايا.

واتخذت الاجهز الامنية الفلسطينية اجراءات امنية تحسبا لرد فعل اسرائيلي كما هو العادة. واخلت مكاتبها الرئيسية واعلنت حالة الطوارئ بعد ان بدأت الطائرات المروحية الاسرائيلية من طراز اباتشي الاميركية الصنع بالتحليق فوق القطاع فور العملية.

وقال فهد سليمان عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية التي يتزعمها نايف حواتمة لـ«الشرق الأوسط»: «ان هذه العملية التي تجاوز فيها الاداء القتالي للرفاق كل التوقعات، تعيد الاعتبار الى العمل الفدائي الفلسطيني القائم على الاقتحام وتركيز العمليات ضد الوجود العسكري الاحتلالي والاهداف الاستيطانية في الاراضي المحتلة عام 1967».

ووعد سليمان وكذلك صالح زيدان احد قادة الجبهة في قطاع غزة، بـ«مواصلة العمل العسكري حتى رحيل الاحتلال وتفكيك المستوطنات وازالتها من على وجه الارض الفلسطينية». وحملت اسرائيل كعادتها بعد كل عملية فدائية السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن الهجوم. واتهمت الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي لا يزال يقوم بجولة اسيوية اوصلته امس الى ماليزيا بعد الهند وباكستان والصين، بالوقوف وراء هذه العملية.

واعلنت كتائب المقاومة الوطنية الفلسطينية ـ الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية في بيان لها تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع في الساعة الثالثة والربع من فجر امس واستغرق قرابة نصف ساعة ضد موقع للجيش الاسرائيلي قرب مستوطنة جان اور في مجمع غوش قطيف الاستيطاني ما بين خان يونس ورفح جنوب وسط القطاع.

وقالت كتائب المقاومة الوطنية ان هذه العملية تأتي ردا «على الحرب العدوانية البشعة التي تشنها حكومة المجرم (ارييل) شارون على شعبنا وعلى سياسات الاغتيال واقتحام المدن، وتأكيدا على مواصلة المقاومة والانتفاضة حتى تحقق اهدافها في الحرية والاستقلال».

وعاهدت كتائب المقاومة الوطنية، الشعب الفلسطيني والامة العربية الاستمرار«في نهج المقاومة حتى دحر الاحتلال عن جميع الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس عاصمة ابدية لدولة فلسطين وتأمين حق العودة للاجئين وفقا لقرار (الامم المتحدة) 194».

تفاصيل الهجوم ووصف مسؤول في الجبهة لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل الهجوم فقال «ان مجموعة من 10 مقاتلين من كتائب المقاومة الوطنية انطلقت في الساعات الاولى من فجر امس في اتجاه لموقع العسكري الاسرائيلي الذي يحرس مستوطنة جان اور القريبة من مستوطنة موراغ بين رفح وخان يونس جنوب وسط قطاع غزة. ووصلت المجموعة الى موقعها بعد اكثر من ساعة ونصف ساعة من المراقبة والتموضع والتمويه، وفي الساعة الثالثة والربع وصلت المجموعة المؤلفة من عشرة مقاتلين الى الموقع وانقسمت الى مجموعتين تضم كل منها 5 عناصر. وتولت احداهما عملية الحماية وتغطية الانسحاب بينما نفذت الثانية عملية الهجوم».

وحسب المصدر فان «المجموعة المهاجمة فاجأت جنود الاحتلال وهم في ثكناتهم في موقع مارغانيت في الجزء الجنوبي من المجمع الاستيطاني غوش قطيف، وأمطرتهم بعشرة من القنابل الدفاعية ذات المفعول الاقوى واتبعوها باطلاق نيران كثيفة من الاسلحة الرشاشة. واستمر الاشتباك لمدة نصف ساعة استشهد خلالها احد المقاتلين بينما قتل 3 من جنود الاحتلال احدهم برتبة رائد وجرح 7 اخرين جراح واحد منهم على الاقل بليغة».

وتابع المصدر القول «وانسحب باقي افراد المجموعة المهاجمة بتغطية من مجموعة الحماية، لكن جنود الاحتلال لحقوا بهم فاصابوا مقاتلا آخر وقتلوه».

وقال المصدر «ان الشهيدين هما هشام ابو جاموس (24 سنة) وايمن ابو حطب (26 سنة) وكلاهما من مدينة رفح جنوب القطاع. وينتمي ابو حطب ال ىجهاز الاستخبارات العسكرية الذي يقوده اللواء موسى عرفات.

واعترف المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي بالعملية ومقتل وجرح الجنود، لكنه اختلف مع رواية الجبهة بشأن عدد المشاركين في العملية واصر على ان اثنين فقط وليس 5 نجحوا في التسلل الى الموقع العسكري.

وكشف المتحدث عن هوية اثنين فقط من القتلى وهما الرائد جيل عوز (30 سنة) والرقيب نير كوبي (21 سنة) بينما ابقى على اسم القتيل الثالث سرا لاسباب لم يكشفها. واعترف الجيش ايضا بان حالة واحد على الاقل من الجنود الجرحى خطيرة.

وتقول الرواية الاسرائيلية ان التحقيقات الاولية كشفت ان مسلحين فلسطينيين تسللا الى الموقع العسكري وان احدهما وقف امام ثكنات الجنود وبدأ باطلاق النيران من رشاشه، على من في داخلها اتبعها بعدد من القنابل اليدوية. وقال الجيش انه وجد 40 مغلف رصاص. وفي الوهلة الاولى قتل احد الجنود وجرح السبعة الاخرون. وبسرعة وصلت مجموعتان اخريان الى الموقع واشتبكت مع المسلحين الفلسطينيين . ونجح المقاتلون في قتل الضابط وعضو فريق طبي جاء لانقاذه. وتمكن الجنود في النهاية من قتل المسلح القريب من الثكنات، بينما نجح المسلح الثاني في الفرار. غير ان الجنود لحقوا به عند الدفيئات الزراعية في المستوطنة حوالي الساعة السابعة صباحا وقتلوه.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال صالح زيدان عضو المكتب السياسي للجبهة «اننا سنواصل المقاومة حتى زوال الاحتلال وحتى اقامة الدولة الفلسطينية وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين». واعتبر زيدان ان العملية تثبت فشل سياسة شارون في فرض الامن للاسرائيليين عبر القمع للشعب الفلسطيني، وان المقاومة الفلسطينية قادرة على الوصول الى كل المواقع الحصينة والى قلب «هذا العدو حيث لا امن ولا استقرار في المنطقة الا بعد ان يتم كفل حقوق الشعب الفلسطيني».

وتعهد زيدان بان تواصل الجبهة الديمقراطية تنفيذ العمليات المسلحة ضد الاهداف الاسرائيلية بكل الوسائل الممكنة على اعتبار ان المقاومة «حق مشروع لشعبنا الفلسطني في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي وحتى يتم اجتثاث الاستيطان من ارضنا».

وحول امكانية ان تضع اسرائيل عناصر وكوادر الجبهة الديمقراطية العسكريين والامنيين كهدف للتصفيات، قال زيدان ان سائر ابناء الشعب الفلسطيني هم هدف بالنسبة لشارون، وعليه فان تهديدات اسرائيل لن تفلح في «اجبارنا على التخلي عن خيار المقاومة».

من ناحيته دعا وزير القضاء الاسرائيلي مئير شطريت الى « شن حرب لا هوادة فيها على المنظمات الفلسطينية التي تتبنى العمل المسلح ضد اسرائيل ، حتى لو لم تقم بأي عملية ضد اسرائيل». وقال في تصريحات للاذاعة الاسرائيلية باللغة العبرية في اعقاب الهجوم «ها نحن نعلم ان الجبهة الديمقراطية قد انضمت الى عائلة المنظمات الفلسطينية التي تريد انهاء وجودنا عبر العمل المسلح ، لذا علينا ألا ننتظر قيام المنظمات الاخرى حتى تستأنف العمل المسلح ضدنا ، علينا ان نأخذ زمام المبادرة ونضرب الارهاب في عقر داره».

واعتبر شطريت الرئيس عرفات المسؤول المباشر عن العملية، وقال ان استمرار عرفات في التحريض ضد اسرائيل ورفضه محاربة «قوى الارهاب كما التزم في اتفاقيات اوسلو يجعله المباشر امامنا عن العمليات». وشدد شطريت على ان اسرائيل مطالبة بترجمة قوتها العسكرية في الحرب التي تخوضها ضد الفلسطينيين. وتابع القول «نحن اقوى منهم ، لذا علينا ان نستخدم قوتنا في اقناعهم انهم بالعنف لن يبتزونا ولن يجبرونا على التنازل قيد انملة عن مواقفنا».