خاتمي يختار أحد رجال رفسنجاني مساعدا أول لرئيس الجمهورية

TT

بدأ الرئيس محمد خاتمي، بعدما اقر المجلس الاسلامي وزارته، في اختيار مساعديه الشخصيين.

وكانت اول التعيينات هي تعيين محمد رضا عارف مساعدا اول للرئيس. كما تم اختيار محمد ستاري فر مساعدا للرئيس لهيئة التخطيط والميزانية.

وسيختار خاتمي اربعة مساعدين اخرين خلال الايام القليلة القادمة. ومن المتوقع ان تحتفظ المرأة الوحيدة المساعدة للرئيس وهي معصومة ابتكار بمنصبها كمديرة لشؤون البيئة.

وتجدر الاشارة الى ان عارف وهو تكنوقراطي في الستين من عمره من رجال الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني. ويؤكد تعيينه عودة ظهور الرئيس السابق كلاعب اساسي في السياسة الايرانية. اما ستاري فر فهو تكنوقراطي مقرب من المعسكر الاصلاحي.

وقد حول خطأ في الترجمة، ربما كان متعمدا، منصب مساعد الرئيس في ايران الى نائب الرئيس في اللغات الاجنبية.

والحقيقة هي انه لا يوجد نائب رئيس في ايران، كما ان المنصب ليس متضمنا في الدستور. ويمكن للرئيس ان يختار المساعدين الذين يفضلهم وليس في حاجة الى الحصول على موافقة المجلس.

وبما ان المساعدين يشار اليهم في اللغات الاجنبية كنواب للرئيس، فقد تمكنت طهران من استخدامهم في عديد من المهام الواسعة والمتعددة حيث يتطلب البروتوكول وجود شخصية ذات منصب كبير. وتعلم معظم الحكومات الاجنبية ذلك ولكنها اختارت التغاضي عن الامر.

وسيحل عارف الذي يحمل شهادة من جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة في المعلوماتية، محل حسن حبيبي الذي كان يشغل منصب المساعد الاول للرئيس لمدة 12 سنة، 8 في عهد رفسنجاني واربعة في عهد خاتمي.

وينتمي حبيبي وهو قاض تعلم تعليما فرنسيا، الى مجموعة صغيرة من الثوريين غير المرتبطين برجال الدين الذين احاطوا بآية الله خميني في المراحل الاولى من الثورة.

يذكر ان معظم اعضاء هذه الجماعة انتهوا نهاية سيئة. فأبو الحسن بني صدر انتخب اول رئيس للجمهورية ولكنها اضطر للهرب الى فرنسا متخفيا في شادور، بعد عدة شهور. وشخصية اخرى من اعضاء هذه المجموعة هي صادق قطب زادة اصبح وزيرا لخارجية خميني والمستشار الرئيسي. ولكنه تم اعدامه بعد سنتين بعد ادانته بالمشاركة في مؤامرة لقتل خميني. وعضو ثالث هو ابراهيم يزدي خدم كوزير للخارجية ونائب لرئيس الوزراء قبل ان يطرد هو والوزارة بأكملها. ويزدي الذي حمل الجنسية الاميركية يعيش الان في الولايات المتحدة. وقد اصدرت السلطات الايرانية امرا بالقبض عليه.

ويقول محسن ملكي وهو من معاصري حبيبي خلال سنوات الدراسة في باريس ان «حبيبي هو شخصية صامدة. فمنذ اليوم الاول فهم حبيبي ان هذه الثورة تنتمي للخميني ورجال الدين وليس الى المثقفين الذين تلقوا تعليمهم في الغرب. وهو يعلم ان هؤلاء اما ان يحققوا النصر في جدل ما او يقتلوا هؤلاء الذين يجادلون ضدهم. ولذا قرر ممارسة التقية السياسية والبقاء على قيد الحياة».

وذكر مساعد آخر ان «حبيبي كان على قناعة حقيقية ان استمراره داخل النظام سيتيح له الحد من بعض مبالغاته».

واضاف المساعد ان «صيغة حبيبي بسيطة: ارتبط بأقوى الملالي، وابتعد عن الاضواء. وكان ظلا لشخص آخر، وتأكد من ان كل كلمة تقولها لا بد وان يقرها سادتك قبل ان تعبر شفتيك».

وقد قضى حبيبي حوالي 20 سنة في المنفى في فرنسا خلال حكم الشا وقاد حملات من اجل نظام سياسي على الطريقة الغربية في ايران. وفي السبعينات انتقل من جماعة الديمقراطية الاجتماعية الى منظمة دينية. وعاد الى طهران مع خميني واطلق لحيته وتخلى عن رابطة العنق.

وعندما لم يتمكن رجال الدين المحافظون في البداية من الوصول الى السلطة مباشرة قدموا حبيبي كمرشح للرئاسة في الثمانينات. وحصل على اقل من خمسة في المائة من الاصوات، بينما حصل بني صدر بعدما نجح في استمالة الجماعات اليسارية والوطنية، على 70% من الاصوات. ولعب حبيبي دورا رئيسيا في صياغة دستور خميني، الذي يعتبر في واقع الامر، ترجمة فضفاضة لدستور الجمهورية الفرنسية الخامسة.

وقد ثارت تعقيدات عندما اصر خميني على ضرورة ضم مبدأ «ولاية الفقيه». ويعني ضم نص «ولاية الفقيه» ان الدستور الفرنسي الطابع لن يطبق بجدية.

ويحمل بعض النقاد حبيبي مسؤولية الغموض الذي ساهم في خلقه. وكانت خطة خميني المبدئية هي عدم تشكيل برلمان او اختيار شخصيات منتخبة. وفي كتابه «الحكومة الاسلامية» نص الخميني على ان «الفقيه» عن طريق المسؤولين الذين يعينهم لمهام محددة، يجب ان يمارس سلطات حكومية.

وقد قرر حبيبي الذي سيبلغ السبعين من عمره قريبا اعتزال العمل السياسي تماما.

وقال للصحافيين «سأنسحب الى ركن ما واصلي».

وهذا قرار غريب بالنسبة لرجل كان، بدون ان يكون هناك، حقا، في وسط الاحداث السياسية الايرانية لمدة 22 سنة.

ويسأل ملكي «لماذا يبتعد؟ ربما يعرف ما لا نعرفه».