علي مهدي: أيدت الحكومة الانتقالية في مقديشو حرصا على مصالح الشعب لكنني لست متفائلا بمستقبلها وأخشى ألا تصمد طويلا

الرئيس الصومالي السابق اتهم في حديث لـ الشرق الاوسط عيديد بنسف اتفاق القاهرة للمصالحة

TT

أعرب الرئيس الصومالي السابق علي مهدي محمد عن تشاؤمه حيال امكانية نجاح الحكومة الانتقالية الحالية في الصومال برئاسة الدكتور علي خليف في تحقيق الآمال العريضة للشعب الصومالي واستعادة الاستقرار والأمن المفقودين. إلا أنه أكد بالمقابل في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن تأييده لنظام حكم الرئيس الانتقالي الحالي عبد القاسم صلاد حسن يندرج في اطار الحرص على «الوحدة الصومالية». وحمل علي مهدي بشدة على زعيم الحرب حسين عيديد واتهمه بتحمل المسؤولية حيال فشل اتفاقية القاهرة للمصالحة الوطنية التي رعتها مصر عام 1999 بعد مفاوضات ماراثونية صعبة.

وناشد الرئيس الصومالي السابق الدول العربية الالتزام بتقديم المساعدات الاقتصادية العاجلة التي قدرتها قمة عمان التي عقدت خلال شهر مارس (آذار) الماضي في العاصمة الأردنية عمان بـ450 مليون دولار. وفي ما يلي نص الحديث:

* لماذا وافقت على تأييد الحكومة الانتقالية في الصومال على الرغم من استبعادك من أي مناصب رسمية فيها؟

ـ لقد أيدت هذه الحكومة التي انبثقت عن مؤتمر عرتا الذي استضافته الحكومة الجيبوتية العام الماضي انطلاقاً من قناعتي بأن وجودها في الصومال في هذه المرحلة الحرجة هو أمر لا مناص منه، وهكذا فلم أكن أسعى للحصول على غنيمة سياسية. ان تأييدي لحكومة الرئيس عبد القاسم صلاد حسن هو في اطار الحرص على مصالح شعبنا ومستقبله خاصة بعد السنوات المريرة وحالة عدم الاستقرار التي شهدتها البلاد منذ سقوط نظام الرئيس محمد سياد بري عام .1991

* هل تعتقد أن حكومة رئيس الوزراء علي خليف تمتلك مقومات النجاح؟

ـ أنت تعلم أن الصومال عانت نحو 10 سنوات من الدمار الشامل في كافة نواحي الحياة، والحرب الأهلية الطاحنة دمرت المبادئ والأخلاق إلى جانب المباني والمؤسسات. إذن نحن أمام وضع مأسوي بكل المقاييس حيث لا شيء يمكنك الاعتماد عليه الآن في الصومال، فلا مؤسسات ولا مقومات دولة حقيقية على أرض الواقع. ومشاكل الصومال ـ كما يعلم الجميع ـ عويصة ومتشابكة.

ولقد قلت لفخامة الرئيس عبد القاسم صلاد حسن ولرئيس وزرائه ان أهم الأشياء المطلوبة هو العمل على استتباب الأمن والاستقرار في العاصمة (مقديشو) واعادة فتح مينائها واعادة كل مواطن صومالي إلى دياره لأن هذه هي البدايات السليمة حتى يشعر الناس أن هناك حكومة تعمل بالفعل. كما طالبت بضرورة فتح قنوات حوار مع المعارضة الصومالية في الخارج وعدم قطع كل الجسور معها لمصلحة الصومال أولاً وأخيراً وحتى يعود الاستقرار والسلام للمفقودين.

أما الحكومة الحالية فهي لا تملك شيئاً على الاطلاق اذ لا سيولة نقدية لديها ولا اقتصاد سليم كما لم تحصل سوى على القليل من المساعدات المحدودة التي قدمتها الدول الشقيقة خاصة مصر والسعودية وقطر.

وفي هذا الوضع المتأزم لست متفائلاً بمستقبل الحكومة الانتقالية في الصومال فهي لن تستطيع الصمود طويلاً، وفي هذا الاطار اسمح لي أن أوجه عبر جريدتكم «الشرق الأوسط» دعوة إلى قادة ورؤساء الدول العربية للاسراع في تقديم المساعدات الاقتصادية العاجلة التي اتفقوا عليها في قمة عمان الأخيرة والتي تقدر بحوالي 450 مليون دولار.

* هل يمكن اذن القول ان الحكومة الانتقالية فشلت تماماً على الرغم من أن البعض راهن على امكانية نجاحها؟

ـ حتى الآن، أنا لا أستطيع أن أؤل هذه الكلمة «الفشل» كما تقولها الآن ولكن بامكاني القول انه إذا لم تتغير الظروف الراهنة التي تمر بها هذه الحكومة فانها حتماً في طريقها للفشل الذريع مع الأسف الشديد.

* في تقديرك هل يوجد فرق بين انفصال «بونت لاند» و«ارض الصومال» عن الحكومة المركزية في مقديشو؟

ـ نعم هناك فارق كبير إذ أن حكومة بونت لاند لا تتبنى الانفصال الكامل وهم فقط عارضوا الطريقة التي انعقد بها مؤتمر المصالحة الوطنية في مدينة عرتا ـ الجيبوتية ـ وكما تعلم فمعظم السلاطين والوجهاء في بونت لاند شاركوا في عرتا على الرغم من ذلك. وهم يطالبون بمؤتمر للمصالحة وتشكيل حكومة جديدة في مقديشو. أما في «ارض الصومال» التي يرأسها محمد ابراهيم عقال فهم يرفعون شعار الانفصال الكامل والوحدة المشروطة بين دولتين مستقلتين في الصومال.

* هل تعتقد أن أياً من هاتين «الدولتين» ستنضم طواعية للحكومة المركزية في مقديشو؟

ـ ربما مع مرور الوقت يحدث هذا بالنسبة للبونت لاند وفي كل الأحوال فنحن بحاجة ماسة إلى التقاء جميع الأطراف الصومالية حرصاً على دماء الشعب الصومالي ومصالحه العليا والاستراتيجية.

* هل ندمت على أي قرار اتخذته خلال فترة رئاستكم المؤقتة للصومال؟

ـ لا لم أندم على شيء، وأحمد الله أنه لم يصدر مني ما يجعلني أشعر بالأسف أو الندم وكل ما فعلته كان من أجل الصومال وشعبه العزيز.

نحن قاتلنا حكومة الرئيس السابق سياد بري وأسقطناها بقوة السلاح على الرغم من دمويتها وعنفها المفرط وتماديها في أساليب البطش، لكن مع الأسف بعدما أسقطنا هذه الحكومة لم نستطع الاتفاق على حكومة بديلة. وكانت الكارثة التي دفع الصوماليون ثمنها باهظاً عبر 10 سنوات من الحرب الأهلية الطاحنة التي قضت على الأخضر واليابس في الصومال.

* كنت صديقاً لحسين عيديد ثم وقع تدهور شديد في العلاقة بعد توقيع اتفاقية القاهرة للمصالحة الصومالية عام 1999 فماذا حدث؟

ـ أنا لست مسؤولاً عن ذلك فهو الذي أخل بالاتفاقية بعدما وقع عليها برعاية وزير الخارجية المصري ـ آنذاك ـ عمرو موسى وهذا أمر نتذكره لمصر بكل الخير فهي سعت وتسعى دائماً من أجل لم شمل الصوماليين.

أما عيديد فقد أوصل حكومتنا الانتقالية للفشل بعدما تنصل علانية من التزامه ببنود اتفاقية القاهرة قبل أن يجف الحبر الذي كتبت به. انه يتحمل المسؤولية الكاملة في هذا الصدد والشعب الصومالي والتاريخ يعرفان ذلك جيداً.

* هل تفتقد الرئاسة؟

ـ لا، وسبق أن قلت لك انه لم يكن هدفي يوماً الحصول على منصب سياسي، فقط كنت أسعى لخدمة شعبنا بغض النظر عن المواقع السياسية التي أعمل من خلالها لتحقيق ذلك. لم أسع قط لغنيمة ولم تبهرني مقاعد السلطة ولا أضواؤها.

* ما هو الفارق بين كونك الرئيس السابق والبرلماني الحالي؟

ـ كرئيس كنت أضع السياسات العامة أما في منصبي كعضو في البرلمان الصومالي الانتقالي فأنا أقوم بدور مغاير ومختلف تماماً إذ أن الأولوية هي لتكريس الديمقراطية واقامة حياة ديمقراطية سليمة وتعويد الأجيال الصومالية عليها حرصاً على مستقبل وأمن هذا البلد المنكوب.