رئيس الوزراء الإسرائيلي يوافق على استمرار مساعي وزير خارجيته للقاء الرئىس الفلسطيني

بيريس يطلب وقف إطلاق النار لتنسحب إسرائيل من بيت جالا وعرفات يطلب إخلاء بيت الشرق تمهيدا للاجتماع

TT

بعد 30 ساعة من «الغضب» جراء جريمة اغتيال الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أبو علي مصطفى، عاد وزير الخارجية الاسرائيلي الى الحكومة شيمعون بيريس، راضيا مرضيا وأخذ يدافع عن سياسة رئيس حكومته، ارييل شارون، في اجتياح بيت جالا. واستأنف جهوده، بموافقة شارون، لاجراء لقاء مع الرئىس الفلسطيني ياسر عرفات. وقال المقربون منه انه لا يستبعد اجراء اللقاء في غضون الأيام المقبلة، ليكون الاول من سلسلة لقاءات تتم في غضون شهر.

ويسعى بيريس حاليا الى التوصل لاتفاق يفضي الى انسحاب القوات الاسرائيلية من بيت جالا، مقابل التعهد الفلسطيني بالعودة الى وقف النار في هذه الجبهة والامتناع عن اطلاق الرصاص او القذائف باتجاه مستوطنة غيلو في المنطقة الجنوبية من القدس الشرقية المحتلة.

الا ان المقربين من شارون يؤكدون ان الجانب الفلسطيني يضع العراقيع امام لقاء بيريس ـ عرفات (!!)، وان الرئيس الفلسطيني رفض الالتزام بوقف اطلاق النار على غيلو. وقال ان اغتيال ابو علي مصطفى ادى الى غضب شرعي لا يمكن تنفيسه بقرار فوقي. وان المطلوب الآن ثمن سياسي واضح وذو وزن يقنع الفلسطينيين بوقف اطلاق النار، مثل الانسحاب الاسرائيلي من ابو ديس ومن بيت الشرق في القدس الشرقية المحتلة و11 مؤسسة فلسطينية اخرى تم اغلاقها.

وكشف النقاب في اسرائيل، صباح امس عن محادثتين هاتفيتين بين عرفات وبيريس، بعد تدخل الجانب المصري. واوضح عرفات ان جريمة اغتيال ابو علي مصطفى لن تمر بهذه السهولة، وانها أدت الى تجاوز الخطوط الحمراء. ومع ان بيريس، كان قد عارض هذه العملية، الا انه راح يشرح لعرفات، بشكل عام، قوانين اللعب في السياسة الاسرائيلية. وأوضح ان انصار السلام في المنطقة يجب ان لا يتركوا الساحة لمروجي الحروب.

يذكر ان بيريس غضب من شارون ومن وزير الدفاع، بنيامين بن اليعزر، لأنهما لم يوضحا له ان اغتيال ابو علي مصطفى سينفذ في ذلك الموعد. فعندما اتخذ القرار، فجر الاثنين الماضي، اعترض عليه بيريس، لكنه فهم انه قرار استراتيجي بعيد المدى. ولم يفهم انه سينفذ في غضون بضع ساعات. واعتقد ان اعتراضه عليه سيجعل شارون وبن اليعزر يحجمان عن تنفيذه. لكن شارون ووزير دفاعه لم يكتفيا بذلك، وقررا لوحدهما اجتياح بعض احياء بيت جالا واحتلالها بعمق 300 ـ 400 متر الى الداخل دون الرجوع اليه، فغضب، وارسل الناطقين باسمه يعبرون عن غضبه الى وسائل الاعلام. ثم اجتمع مع ابراهام بورغ، رئيس الكنيست، الذي ينافس على رئاسة حزب العمل امام بنيامين بن اليعزر، واصدر هذا بدوره بيانا قال فيه ان تجاهل بيريس ليس من الاجراءات التي يحق لأحد ان يفتخر بها، بل انه يلحق الضرر الفادح بحكومة الوحدة وبمصالح اسرائيل.

اثر ذلك، اتصل شارون مع بيريس مرة واتصل بن اليعزر به اربع مرات، في محاولة لاسترضائه. وتعهدا بأن لا يتكرر ذلك في المستقبل ايضا. وطلب بيريس من شارون، عندئذ، ان يمنحه ضوءا اخضر بشكل مفتوح لأن يجري اللقاءات مع عرفات وغيره من القادة الفلسطينيين والعرب، فوافق. ولهذا شعر بيريس بالارتياح. وبعد 30 ساعة فقط من غضبه من شارون وبن اليعزر، عاد الى موقعه كوزير خارجية ومروّج لسياسة رئيس الحكومة، لدرجة انه راح يدافع عن سياسة اقتحام بيت جالا، ويعلن ان لا انسحاب قبل ضمان الهدوء.

يذكر ان جيش الاحتلال اقتحم بيت جالا فجر امس، في مهمة محددة، كما قال الناطق العسكري «سننسحب بانتهائها». وطالت هذه المدة لأن الاجتياح جوبه بمعارضة ما داخل الأرض الفلسطينية.

ومورست ضغوط مكثفة على شارون من عدة اوساط اوروبية لينسحب من بيت جالا، لكنه رفض ذلك ـ حتى كتابة هذه السطور ـ بدعوى انه يريد ان يتحقق من ان القصف الفلسطيني لغيلو توقف. وقال انه لن يدير مفاوضات طالما ان هناك مسلحين يطلقون النار.

من جهة ثانية رفضت قوى اليمين المتطرف اية محاولة للانسحاب من بيت جالا وقالوا انهم يرونها مناسبة لتأديب الفلسطينيين. وكما قال وزير البيئة، تسافي هنغبي، فانه يفضل ان يبقى الجيش الاسرائيلي في بيت جالا، وان ينتقل من ثم الى بيت لحم والقدس وغيرها وكل مكان يتم اطلاق الرصاص منه باتجاه القوات الاسرائيلية «فقد حان الوقت لتصفية اركان اتفاقات الأوسلو والعودة الى ما كان قبلها».