عميل سابق للمخابرات المغربية يعلق إضرابه عن الطعام بعد الحكم عليه بالسجن مدة سنة في قضية إصدار شيكات بدون رصيد

TT

علق احمد البخاري رجل المخابرات المغربي السابق، الذي حكم عليه اول من امس بالسجن عاما واحدا بتهمة اصدار شيكات بدون رصيد، أمس اضرابه عن الطعام الذي كان بدأه في 22 اغسطس (اب) احتجاجا على طريقة محاكمته.

وقال المحامي عبد الرحيم الجامعي «قرر موكلي تعليق اضرابه عن الطعام بانتظار قرار محكمة الاستئناف الذي سيحدد مصيره».

وكان الستار قد اسدل اول من أمس بالدار البيضاء على الفصل الإبتدائي لمحاكمة البخاري بإدانته في قضية إصدار شيكات بدون رصيد، بالحبس النافذ لمدة سنة وغرامة مالية قدرها 150 ألف درهم وأداء 5 آلاف درهم كتعويضات عن الضرر لفائدة الشركتين اللتين حررت الشيكات باسميهما، وأداء مبالغ الشيكات الأربعة موضوع المتابعة والبالغ مجموعها 190 ألف درهم. وكان القاضي عبد الكريم الزهواني قد رفض كل دفوعات محامي البخاري، الذي اتهم النيابة العامة بتدبير اعتقال البخاري ومحاكمته بارتباط مع اعترافاته للصحافة في يونيو (حزيران) الماضي، التي كشف فيها النقاب عن تورط الاستخبارات المغربية في جرائم سياسية، ولمنعه من التوجه الى باريس حيث يرتقب أن يستمع قاضي التحقيق الفرنسي لشهادته في قضية اختطاف واغتيال الزعيم اليساري المغربي المهدي بن بركة الذي اختفى في ظروف غامضة في باريس عام .1965 وقال محامي دفاع المتهم إن موكله «يتحمل مسؤوليته في ما يمكن أن يكون قد قام به من جرائم حقيقية، لكننا في هذه القضية أمام ظلم لا يمكن السكوت عليه»، مشيرا إلى ادعاء البخاري بأنه حوكم وعوقب قي سنة 1998 بسبب شيكين من ضمن الشيكات الأربعة التي تتابعه من أجلها النيابة العامة. والتمس الدفاع من المحكمة إجراء تحقيق تكميلي حول هذا الادعاء الذي تمسك به البخاري خلال جميع أطوار التحقيق والمحاكمة. وذكر أن البخاري قد أودع مبلغا يعادل قيمة الشيكين الآخرين لدى صندوق المحكمة تعبيرا عن حسن نيته.

وأكد المحامي الجامعي لـ «الشرق الأوسط» أنه وضع شكاية لدى الوكيل العام للملك (النيابة العامة) يتهم فيها النيابة العامة بتبديد وثائق قضائية. وقال إن ملف الشيكين المحررين باسم الشركة المغربية للمنتوجات الحديدية ظل يتنقل منذ عام 1992 بين مكاتب النيابة العامة في محافظات انفا والمحمدية وعين السبع (ولاية الدار البيضاء)، وفي كل مرة كان يحفظ بدعوى أن المشتكى به مجهول الهوية، وذلك رغم أن البخاري معروف لدى جميع الأجهزة الأمنية وكونه طوال هذه المدة لم يغير محل إقامته العادي في شارع مشيل آنج. وفي عام 1998 حوكم البخاري بملف يضم سبعة شيكات من ضمنها الشيكين المحررين باسم الشركة المغربية للمنتجات المحديدية، وقيمتهما 150 ألف درهم. ويضيف المحامي أن ملف هذه القضية عندما رفع إلى محكمة الاستئناف، التي قضت بتأييد الحكم الإبتدائي، سحبت منه الوثائق المتعلقة بالشيكين والتي اختفت منذ ذلك الحين لتظهر من جديد ضمن ملف المتابعة الحالية. ويرى الدفاع أن وثائق ومحاضر القضية الأولى في طورها الإبتدائي تضم الحجة على ادعاء البخاري، غير أن الملف المتعلق بها قد سحبته النيابة العامة من أرشيف المحكمة، على حد قوله، ومنعته من الإطلاع عليه.

ومن جهته، أكد محامي الشركة المغربية للمنتوجات الحديدية أن علاقة الشركة بالملف قد انقطعت منذ عام 1997، حيث كان الملف لدى النيابة العامة لمحافظة عين السبع الحي المحمدي (الدار البيضاء) التي كانت قد أصدرت مذكرة للبحث عن البخاري، ولا علم لها بمحاكمة 1998 كما لم يتم تبليغها باعتقال البخاري الا في الاونة الاخيرة ومتابعته من طرف النيابة العامة التابعة لمحافظة انفا.

وفي تعقيبه على محامي البخاري قال ممثل النيابة العامة «إن ملف قضية 1998 الذي أخذته من أرشيف المحكمة الإبتدائية من أجل تصويره يضم أوراقا عادية لا ترقى إلى أوراق رسمية». واوضح «كيف يعقل أن يكون الملف عندنا والقضية معروضة على أنظار المجلس الأعلى الذي يبت في سقوط طلب المتهم». وطالب بتشديد العقوبة لكون البخاري عاود ارتكاب نفس الأفعال.

وفي انتظار الطور الاستئنافي لهذه القضية فإن البخاري سيواجه خلال الأسابيع المقبلة رؤساءه السابقين في جهاز الاستخبارات الذين يقاضونه بتهمة القذف والسب بسبب تصريحاته التي ضمت العديد من الأسماء. وقد تم استدعاء ناشر صحيفة «لوجورنال» التي نشرت اعترافات البخاري للتحقيق معه كشاهد في هذه القضية الجديدة.

الى ذلك، ادان المدافعون عن حقوق الانسان الحكم بالسجن على البخاري، معتبرين ان السلطات تريد، بادانتها البخاري، اسكات شاهد مثير للاحراج.

واعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الانسان (مستقلة) الحكم الصادر «مشينا» ويهدف الى اسكات «عامل اساسي في احقاق الحقيقة حول عمليات الخطف والتعذيب والاعتقالات غير الشرعية والتصفيات الجسدية التي طالت العديد من الناشطين ومن بينهم المهدي بن بركة».

واعلنت منظمة «منتدى الحقيقة والعدل» ان السلطات تهدف الى اسكات «شخص ادلى باعترافات على درجة كبيرة من الخطورة حول انتهاكات حقوق الانسان ذاكرا اسماء مسؤولين».

وقال بشير بن بركة نجل المهدي بن بركة لوكالة الصحافة الفرنسية من باريس في تعليق له على الحكم الصادر في حق البخاري «كنا نعتقد ان التطور الحاصل يتيح كشف بعض القضايا غير ان توقيف وادانة البخاري يثبت العكس».