محافظو إيران يواجهون إصلاحات خاتمي بالتبشير بنموذج طالبان في أفغانستان المجاورة

TT

كتيب صغير، طباعته سيئة، يزعج السلطات الايرانية. وهو يباع سرا في طهران، والاهم من ذلك، في مدينة قم. وعنوانه «فجر جديد في افغانستان.» ويقدم مؤلفه المجهول، بأسلوب ركيك مليشيات طالبان في افغانستان المجاورة على انها «الممثل الوحيد للاسلام الحقيقي في العالم اليوم.» كما يدعو الكتيب الجمهورية الاسلامية في إيران لتبني النموذج الطالباني «للحكومة المحمدية النقية».

وقبل عدة اشهر كان من المستحيل ان يغري نموذج طالبان اي شخص في ايران. فقد كانت طالبان تعتبر جماعة متخلفة شبه امية وقبلية متعصبة اساءت للاسلام بأساليبها المبالغ فيها.

بل ان مرشد الجمهورية علي خامنئي بلغ به الامر، في خطبة اساسية، الى التشكيك في فهم طالبان للاسلام.

الا انه يبدو الان ان رجال الدين في ايران ينظرون نظرة جدية لطالبان كتهديد امني لحدود ايران المكشوفة في الشرق التي تصل الى 1500 كيلومتر وكتحد ايديولوجي. كما ان الرئيس محمد خاتمي اعلن صراحة انه سيواجه اية محاولات لفرض اسلام على غرار جماعة طالبان في ايران.

وقال في مؤتمر صحافي في اوائل الاسبوع الحالي «لانريد اي شيء تقدمه طالبان».

وقال عماد الدين باقي، وهو عضو في البرلمان موال لخاتمي، ان نموذج طالبان يفرض في الوقت الراهن في ايران عن طريق «سلسلة من الهجمات المنظمة على حقوق الانسان والحريات الفردية».

الا ان بعض الشخصيات الكبيرة بين رجال الدين الحاكمين يشيرون علنا الى ان بعض مجالات نموذج طالبان، على الاقل، تستحق تبنيها من قبل الجمهورية الايرانية.

ويتساءل اية الله احمد جنتي الامين العام لمجلس الوصاية على الدستور «ماهو الخطأ من تعلم المسلمين من خبرات بعضهم البعض؟ اذا نظرنا لافغانستان اليوم فسنرى انه لا توجد امرأة قادرة على انتهاك قواعد استخدام الحجاب او استخدام الملابس ومستحضرات التجميل الغربية. كما لا يجرؤ رجل على ارتداء ربطة عنق او حلاقة ذقنه».

واعتبر جنتي في خطبة الجمعة في حرم جامعة طهران الاسبوع الماضي ان طالبان نجحت في خلق « مناخ اسلامي صادق» في افغانستان.

كما حظي نموذج طالبان بالمديح، وان كان بطريقة غير مباشرة، من وزير الاستخبارات والامن السابق اية الله قربان علي دري نجف ابادي. فقد ذكر في خطاب القاه اخيرا ان « تطبيق شريعة اسلامية متشددة ومبدأ الحدود هو افضل وسيلة لفرض الامن في المجتمع. ويجب معاقبة المجرمين وناشري الفساد علنا لكي يتعلم الاخرون درسا».

كما تلقى نموذج طالبان دعما من عدد من الكتاب والصحافيين العاملين في الصحف المحافظة. فقد نشرت صحيفة «رسالات» سلسلة من المقالات حثت فيها السلطات على التخلي عن «الاغراءات الليبرالية الغربية» والاصرار على التطبيق الشامل «للعقوبات الاسلامية».

بل ان اية الله مصباح يزدي، وهو رجل دين متشدد، يذهب لأبعد من ذلك، فهو يشير الى ان الجمهورية الايرانية الاسلامية لن تستمر الا اذا لجأت الى «تبنٍ كامل بلا تنازلات وبأمانة للاسلام كوسيلة للحياة».

وقال في خطبة مؤخرا «علينا ان نفهم ان هذه دولة اسلامية. ونتيجة لذلك فلا يمكننا التعامل مع تلك القضايا الاساسية مثل وضع المرأة في المجتمع ومشاكل الشباب والعلاقة بين الدولة والفرد من منطلق النموذج الغربي. واذا وجدت شعوب مسلمة اخرى وسيلة فعالة لاقامة مجتمع اسلامي فعلينا ان نتعلم منهم كما تعلموا منا».

ويتبين اغراء نموذج طالبان في بعض المراكز القوية للمحافظين مثل مدرسة حقاني للفقه وجمعية الحجتية شبه السرية. وكثيرا ما يتحدث خطباء الجمعة ولاسيما في الاقاليم، بطريقة ايجابية عن خبرة طالبان في الاسابيع الاخيرة.

وذكر المحللون ان زيادة التأييد في ايران لنموذج طالبان يشير الى فشل الرئيس خاتمي في تقديم اصلاحات حقيقية بينما يشعر رجال الدين المحافظون بالرعب من ان اي انفتاح للنظام قد يؤدي الى تفككه.

واوضح فريدون هويدا وهو سفير ايراني سابق في الامم المتحدة «الحقيقة هي ان بعض رجال الدين الحاكمين يريدون كل شيء. فهم يريدون الحكم مثل طالبان بينما يقدمون انفسهم كديمقراطيين طبقا للمفاهيم الغربية تهدف الى احترام حقوق الانسان على الطريقة الغربية. وهذه هي جذور الازمة في ايران. فخاتمي يتحدث عن حوار الحضارات بينما الفرع الايراني لحزب الله يعتدي بالضرب على الشبان والشابات بسبب ارتدائهم قمصان الـ( تي شيرت) او لانتهاكهم قواعد ارتداء الحجاب».

الا ان البعض يختلفون مع وجهة النظر هذه. فهم يشيرون الى ان جاذبية نموذج طالبان بالنسبة لعدد من رجال الدين الايرانيين يجب ان تؤخذ على محمل الجدية. ويوضح جواد يادكار وهو باحث طهراني «ان الامر مثل الصراع الايديولوجي بين موسكو وبكين في الستينات عندما كان نموذجان للشيوعية يتنافسان. فمنذ البداية حلمت الثورة الايرانية بتصدير نموذجها الى دول اسلامية اخرى. وهي لا يمكنها الان معارضة استيراد نموذج طالبان من افغانستان».

ويعتقد يادكار ان نموذج طالبان سيلفت انتباه «الانصار المتشددين للنظام» في طهران.

واضاف ان «الناس الذين يؤيدون الخميني يريدون نموذجا مثل نموذج طالبان. ويشعرون بأنهم تعرضوا للغش بسبب فشل رجال الدين في تدمير الطبقة المتوسطة ذات الميول الغربية واقامة النظام الذي يعتبرونه اسلاميا شاملا.