إدارة بوش تعتزم إطلاق مبادرة جديدة للسلام في السودان

الاكتشافات النفطية والمساعدات الأميركية تعزز فرص نجاح مهمة المبعوث الجديد دانفورث

TT

أعلن مسؤولون أميركيون أن الولايات المتحدة ستتقدم بمبادرة دبلوماسية في سياق جهود الوساطة التي تجريها بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان التي يتزعمها جون قرنق. واضاف المسؤولون انه من المتوقع ان يصدر البيت الابيض اليوم قرارا بتعيين السناتور الجمهوري السابق جون دانفورث مبعوثا خاصا لقيادة جهود الولايات المتحدة للسلام في السودان. وتعتزم ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش الاعلان عن برنامج رئيسي جديد للمساعدات تبلغ قيمته 30 مليون دولار اميركي لدعم السودان الذي شهد خلال فترة العقود الاربعة السابقة حربين وست انقلابات ومجاعات وحالة عدم استقرار سياسي مستمرة.

وقال مسؤولون في وزارة الخارجية الاميركية ان المبادرة المرتقبة تحفها بعض المخاطر، خصوصا بعد فشل اربع محاولات اميركية على الاقل في السابق لإنهاء هذه الحرب التي ظلت مستمرة منذ عام 1983 وأودت بحياة ازيد من مليوني شخص. ويقول المسؤولون ان الواقع الجديد لدى طرفي النزاع، خصوصا في ما يتعلق بالاكتشافات النفطية، من شأنه أي يحسن من فرص نجاح الوساطة الاميركية للتوصل الى اتفاق لإنهاء الحرب.

وقال مسؤول اميركي كبير طلب عدم ذكر اسمه ان المبادرة المرتقبة تعبر عن جهد اكثر جدية من جانب الادارة الحالية، مؤكدا ان جدية المبادرة لا تعني بأية حال ان الولايات المتحدة تضمن النتيجة النهائية للمبادرة الجديدة. واكد كذلك ان «كلا من طرفي النزاع يرغب في تدخل الولايات المتحدة ويعتبرها الطرف الوحيد القادر على احلال السلام في المنطقة». كما اشار المسؤول كذلك الى «ان بعض المؤشرات يدل على جدية طرفي النزاع» هذه المرة.

ويعتقد المسؤولون الاميركيون ان النفط يمثل اكبر متغير جديد يمكن ان يحدث فارقا اساسيا اذا اخذ المرء في الاعتبار الاخفاقات السابقة في ما يتعلق بالجهود الرامية الى التوصل الى اتفاق ينهي الحرب الاهلية في السودان. الجدير بالذكر ان السودان بدأ في تصدير نفطه من الشمال عام 1999 ويتوقع ان يحصل على عائدات ضخمة ابتداء من العام المقبل، غير ان اكبر احتياطات النفط يوجد في جنوب البلاد.

ويواجه الرئيس السوداني عمر البشير ضغوطا متزايدة من شركات النفط والحكومات الاجنبية لحمل حكومته على الجلوس الى طاولة المفاوضات للتوصل الى اتفاق لإنهاء الحرب الاهلية. وكذلك ضغوطا داخلية بسبب احتمالات حدوث مجاعة جديدة الى جانب الهجمات العسكرية التي شنها المتمردون الجنوبيون في الآونة الاخيرة.

وتواجه قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة قرنق احتمال تراجع وضعها العسكري بسبب عائدات النفط السوداني التي قد تمكن حكومة الخرطوم العام المقبل من شراء اسلحة ومعدات عسكرية حديثة. وفي هذا الصدد، علق مسؤول اميركي بقوله ان «النفط ربما يقنع الطرفين بأنهما سيصبحان افضل وضعا اذا تركز الاهتمام على الاستفادة من العائدات الجديدة التي سيدرها». واضاف ان الحكومة السودانية ربما تضطر الى تقديم تنازلات سياسية للجنوب لقاء الحصول على الفوائد الاقتصادية المتمثلة في النفط.

ويعتقد المراقبون ان التدخل الاميركي المرتقب في الشأن السوداني يعكس اهتمام وزير الخارجية كولن باول بلعب الولايات المتحدة دورا رئيسيا في الشأن الافريقي عموما، غير ان الخطوة الاميركية جاءت نتيجة الضغوط المتزايدة من طرف ائتلاف المجموعات المسيحية ومحافظي الكونغرس والسياسيين والناشطين السود، علما بأن القاسم المشترك بين اطراف هذا الائتلاف هو المخاوف ازاء مصير المسيحيين في جنوب السودان.

ويتوقع المسؤولون الاميركيون ان دانفورث، وهو ايضا قس، قد يستغرق فترة شهرين تقريبا لمعرفة مدى جدية الاطراف في التوصل الى سلام. وتتسم هذه المهمة في ما يبدو بالصعوبة والتعقيد، خصوصا اذا اخذنا في الاعتبار رفضها من جانب تشيستر كروكر، السفير ومساعد وزير الخارجية الاميركي السابق. وسعيا لتشجيع جهود السلام في السودان، فإن الولايات المتحدة ستخصص ما بين 25 و30 مليون دولار اميركي في شكل مساعدات نصفها غذائية للاستفادة منها في الشمال مع تخصيص النصف الآخر لبرنامجي تنمية لإعداد الجنوب للسلام.

ورغم ان قرار تجديد العقوبات المفروضة على السودان لا يزال قيد الإعداد، فإن ثمة مسؤولين اميركيين يتوقعون ان توافق الادارة على تجديد العقوبات المتمثلة في حظر سفر المسؤولين السودانيين الى الخارج وذلك عندما يحين موعد تجديد هذه العقوبات الشهر المقبل.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»