شارون يتراجع ويوقف مؤقتا خطته لعزل القدس عن الضفة بعد ساعات من صدور أمر منه بتنفيذها

الفلسطينيون يعتبرون أن الخطة ترمي إلى خنق العرب وتصفية المظاهر العربية والإسلامية للمدينة

TT

تراجع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، عن تنفيذ خطة تطويق القدس الجديدة/القديمة. وبعد ساعات فقط من اطلاق الاوامر بتنفيذها، اتصل من مقر اقامته في قصر الضيافة الرسمي في موسكو وطلب تجميد الخطة. لكن هذا التراجع لا يعود لاسباب سياسية وليس بسبب الحرج الذي خلقه لمضيفيه الروس، بل لاسباب اجرائية. اذ تبين ان تنفيذ الخطة يحتاج لاصدار قرارات قضائية لم تنجز بعد.

والخطة كما علم من وثائق تنفيذها، تقضي باحاطة القدس العربية الشرقية المحتلة بمناطق جغرافية عازلة من جميع الجهات التي تربطها بالضفة الغربية، من بيت لحم جنوبا وحتى رام الله شمالا. وستعلن تلك المناطق العازلة «مناطق عسكرية مغلقة»، يحظر على الفلسطينيين دخولها او الوجود فيها بأي حال من الاحوال. وبما ان قسما كبيرا منها هو عبارة عن احياء عربية فلسطينية، فان الفلسطينيين يتحسبون من ان تكون الخطة ترمي الى نسف هذه الاحياء وترحيل اهلها وملئها بالمستوطنين.

وفي اطار هذه الخطة ايضا، تنوي اسرائيل اعتقال جميع نشطاء منظمة التحرير الفلسطينية والاجهزة الامنية التابعة للسلطة الفلسطينية، ومحاكمتهم بتهمة الانتساب الى منظمة معادية والمساهمة في «عمليات ارهابية» ضد اسرائيل. وقد تم اعلان هذا البند في وسائل الاعلام الاسرائيلية، على امل ان يهرب هؤلاء قبل اعتقالهم، فتتخلص منهم اسرائيل من دون عناء.

كما تتضمن الخطة بندا يقضي باعتقال وطرد عدد من الشخصيات الفلسطينية البارزة في القدس، مثل وزير شؤون القدس في السلطة الوطنية زياد ابو زياد، وعضو المجلس التشريعي حنان عشراوي (التي بدأت في الشهر الماضي مهمة المفوضية الاعلامية للجامعة العربية) وعضو المجلس التشريعي حاتم عبد القادر، وغيرهم.

وكانت قوات الاحتلال قد بدأت تنفيذ هذه الخطة بواسطة حفر الخنادق في المناطق الشمالية، قرب رام الله في اطار ما سمي بعملية «تحصين القدس» ردا على قرار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تحويل القدس الى ساحة عمليات تفجير. ولم توقف عمليات الحفر امس.

يذكر ان شارون، الذي اخرج هذه الخطة من درج غرفة العمليات الاستراتيجية في مكتبه، اصدر اوامره ببدء تنفيذها، وهو ما زال في موسكو، حيث يقوم بزيارة رسمية تستغرق اربعة ايام تنتهي اليوم. وجاء قراره من هناك ردا على العملية الفدائية في القدس، اول من امس، التي كانت سابع عملية في المدينة في غضون 32 ساعة. واجرى عملية تمهيد لاصدار الخطة من موسكو، وذلك بالاكثار من الحديث عن «الارهاب الفلسطيني» و«الارهاب الاصولي الاسلامي» المتصاعد ضد اسرائيل، الذي سيصل حتما الى دول اوروبا الغربية والشرقية، خصوصا في لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية ايغور ايفانوف.

ولكن، ما ان اعلن في اسرائيل عن هذه الاوامر، امس حتى هب انصار السلام والديمقراطية يعترضون، وهددوا بالتوجه الى القضاء. ودرس مستشارو شارون الامر، فوجدوا ان تنفيذ هذه الخطة حاليا، ينطوي على عدة خروقات للقانون الاسرائيلي، اذ ان عليه استصدار قرارات من الاجهزة البلدية والقضائية، قبل تنفيذها. لهذا ارسل تعليماته بأن يتم تجميدها.

واعتبر المسؤولون الفلسطينيون هذه الخطة، وبحق، تصعيدا خطيرا للموقف، وجريمة كبرى تجاه القدس. وقال زياد ابو زياد، ان «حكومة شارون تسعى الى توسيع حلقة التوتر والحرب، لأن هدف خطتها هو خنق العرب في المدينة، وقطع كل صلة بينهم وبين الضفة الغربية وشعبهم فيها، مما يعني البدء بتفريغها من العرب ومحو معالمها العربية والاسلامية».

وقالت عشراوي، ان هذه الخطة تكشف النوايا الحقيقية لحكومة اسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني «ونأمل في ان يفتح العالم عيونه وآذانه ازاءه ويدرك ان اسرائيل ليس فقط لا تبحث عن السلام، بل هي معادية للسلام ومثيرة للحروب ولا تريد الخير لهذه المنطقة وبالتالي للعالم اجمع، فالاعتداء الصارخ على القدس، لن يمر بهدوء في اي حال من الاحوال».

وكشفت مصادر الجهاز الصحافي للكرملين عن ان الرئيس بوتين ناقش مع الرئيس المصري، حسني مبارك في مكالمة هاتفية، آخر تطورات الاوضاع في منطقة الشرق الأوسط. واكدت المصادر ان الرئيسين تناولا آفاق تدخل المجتمع الدولي للخروج بالازمة الاسرائيلية ـ الفلسطينية من المأزق الراهن.

وكان الرئيس بوتين قد اشار لدى استقباله شارون الى ان بلاده على استعداد للاسهام بقسط جدي في الجهود الرامية الى تحقيق التسوية بنفس قدر حاجة الاطراف المعنية.

وفي اطار هذه المواقف طلب الرئيس بوتين عودة وزير خارجيته، ايفانوف لاجراء جولة ثانية من المباحثات مع شارون ثمة ما يشير الى انها ستجري من منظور ما تناولته المكالمة الهاتفية بين الرئيسين بوتين ومبارك.