أزمة كبيرة في حزب العمل الإسرائيلي إثر كشف التزوير في انتخاباته الداخلية

تفوق لبورغ على منافسه بن اليعزر ونصف العرب تقريبا صوتوا لوزير دفاع شارون

TT

دخل حزب العمل الاسرائيلي فجر امس اخطر ازمة داخلية في ربع القرن الاخير، اثر ظهور نتائج الانتخابات على رئاسته وما اعتراها من عمليات تزوير وصفقات ذات رائحة كريهة.

ودلت النتائج على فوز رئيس الكنيست، النائب ابراهام بورغ، المعروف باعتداله بفارق طفيف على وزير الدفاع بنيامين بن اليعزر، المعروف بقربه من رئيس الحكومة ارييل شارون، وبدوره الطليعي في تنفيذ سياسة العدوان الاجرامية والاغتيالات تجاه الفلسطينيين منذ حوالي السنة. ومن المفارقات في الانتخابات ان 45 في المائة من اعضاء حزب العمل العرب، منحوا اصواتهم لصالح بن اليعزر، الامر الذي لم تستوعبه حتى مراسلة التلفزيون الاسرائيلي العبري للشؤون الحزبية، أيلا حسون، التي بدأت تقريرها عن النتائج، فجر امس، بقولها: «مذهل حقا، فقد كانت مفاجأة هذه الانتخابات، نتائج التصويت بين اعضاء حزب العمل العرب. لقد منحوا حوالي نصف اصواتهم الى الرجل الذي ارسل طائرات «إف ـ 16» لقصف شعبهم في الضفة الغربية وقطاع غزة».

يذكر ان الانتخابات جرت طوال اول من امس ولم تزد نسبة التصويت فيها عن 45 في المائة بين اليهود ولكنها وصلت الى 80 في المائة بين العرب (عدد اعضاء الحزب عموما 117 الفا، بينهم 22 الف عربي من فلسطينيي 48). وعند بداية فرز صناديق الاقتراع، بدأت تظهر علامات فوز بن اليعزر بفارق 4 ـ 5 في المائة من الاصوات الصحيحة. ولكن هذه النتيجة انقلبت تماما، مع بدء وصول النتائج من القرى العربية بشكل عام والقرى الدرزية بشكل خاص. فقد منح العرب، عموما، 55 في المائة من اصواتهم لصالح بورغ. وبما ان الاحزاب الصهيونية الكبرى ما زالت تتعامل مع الدروز كقطاع خاص، كما لو انهم ليسوا عربا، فقد تم فرز اصواتهم على انفراد. وتبين ان 80 في المائة منهم منحوا اصواتهم لصالح بورغ، وذلك في اطار صفقة عقدها بورغ مع مؤيده الدرزي، صالح طريف، اول عربي في حكومة اسرائيلية (يشغل منصب وزير دولة لشؤون الاقليات غير اليهودية).

لكن، مع وصول هذه النتائج، بدأت تصل معلومات عن تزوير الانتخابات. فقد تبين ان عدد الاصوات التي سجلت في بلدة حرفيش، مثلا، يزيد بـ17 صوتا عن عدد المصوتين. واعلن احد المحامين، المعروف بخصومته مع الوزير طريف، انه شاهد بعينه كيف تتم صفقات لا ديمقراطية، وبعيدة عن النزاهة، أدت الى تعبئة اوراق التصويت بدون حضور المصوتين. وفي بعض الاماكن اتفق ممثلو الطرفين (بورغ وبن اليعزر) على تقاسم الاصوات (ثلثين لبورغ مقابل ثلث لمنافسه)، واعفاء المصوتين من القدوم للادلاء باصواتهم. ولكن بورغ ومساعديه رفضوا هذه الادعاءات، وقالوا ان بن اليعزر كان صامتا ازاءها ولم يتفوه بكلمة ضدها، عندما كانت النتائج لصالحه. ولكنه، عندما رأى النتيجة تتغير، بدأ يشكو ويتذمر. لكن بن اليعزر، عقد مؤتمرا صحافيا قال فيه ان هذه الانتخابات هي اخطر فضيحة مرت على حزب العمل منذ تأسيسه قبل مائة سنة. وطالب بتعيين محكم نزيه، قاض سابق مثلا، لفحص النتائج وحسم الموقف ازاءها «فاذا قرر هذا المحكم ان بورغ هو الفائز، فانني اتعهد بالعمل الى جانبه كتفا الى كتف، في قيادة الحزب وتحقيق انتصاره في الانتخابات».

ودلت النتيجة شبه النهائية على فوز بورغ بفارق 1020 صوتا فقط. فطالب باقرار النتائج واعتمادها. الا ان بن اليعزر توجه الى عدد من كبار المحامين لقيادة معركة قضائية لاعادة الانتخابات في القرى الدرزية.

ويرى المراقبون ان هذه الاحداث، تلحق اكبر ضرر بحزب العمل. وحتى لو اتفق على شيء ما في النهاية، فان هذا الحزب انحط في نظر الجمهور عدة درجات. وفضيحته هذه لن تعينه على تحقيق انتصار انتخابي في المستقبل المنظور.