كيف تعمل إدارة بوش: دور بارز للمستشارين على حساب نفوذ الوزراء

TT

كانت كريستي وايتمان حاكمة ولاية نيوجيرسي قبل ان تتولى رئاسة وكالة حماية البيئة في ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش. لكن الرئيس بوش نادرا ما يطلب نصيحتها خارج نطاق مسؤوليتها. وقالت وايتمان «نتحدث معظم الوقت خلال لقاءاتنا حول الكلب، حول بارني». في اشارة الى الكلب الذي قدمته هدية للرئيس.

وكان ميل مارتينيز رئيسا لمقاطعة اورانج بولاية فلوريدا قبل ان يصبح وزيرا للاسكان والتنمية الحضرية. وذكر في رده على سؤال عما اذا كان تحدث في اجتماعات حكومة بوش «مرتين. فقد طلب مني في واحدة منهما ترؤس الصلاة».

ويشير المراقبون الى ان اعضاء وزارة بوش وهم من الشخصيات اللامعة في مجالهم، يجدون صعوبة في ممارسة دور لم يعتدوا عليه: وهو دور التابع. ومع تولى ادارة بوش السلطة كان يعتقد ان اعضاء الوزارة سيلعبون دورا قويا بسبب خبراتهم ومواهبهم: عدد من حكام الولايات السابقين ومن اعضاء مجلس الشيوخ، وزراء سابقون، رجال اعمال كبار وجنرالات يتمتعون بشعبية. ولكن في معظم القضايا الاساسية، اكتشف الوزراء ان نفوذهم اقل بكثير من نفوذ عدد من المساعدين والمستشارين في البيت الابيض.

ففي سلسلة من القرارات ذات الطبيعة السياسية ـ مثل خفض الضرائب واستراتيجية التعليم في الكونغرس، والمناورات العسكرية الاميركية وابحاث الخلايا الجذعية وحقوق المرضى والسياسة البيئية وسياسة الطاقة والجوانب الرئيسية للسياسة الخارجية ـ يلعب المساعدون في البيت الابيض الدور الاساسي.

ويوضح تومان مان المحلل في معهد بروكينغز ان «البيت الابيض مهووس بتحقيق اغلبية في الانتخابات القادمة في عام 2004». وفي ما يتعلق بالاعتبارات السياسية الاستراتيجية، فلن يفوضوا اتخاذ القرارات المهمة وجهود صنع القرار السياسي الى الوزارات المتخصة.

والجدير بالذكر انه لاكثر من نصف قرن، كانت سلطات مجلس الوزراء تنتقل تدريجيا الى مجموعة متزايدة من العاملين في البيت الابيض تم اختيارهم من بين العاملين في الحملة الانتخابية الذين يثق بهم الرؤساء. واصبح عدد الوزراء المتزايد (20 في عهد بوش) مجرد اداريين للبيروقراطية الفيدرالية ينفذون سياسات ولكن نادرا ما يقترحونها. ويشير برادلي باترسون، وهو مساعد في البيت الابيض في عهد كل من ايزنهاور ونيكسون وفورد، الى ان «السلطة لتطوير سياسات، والدفاع علنا عن سياسات انتقلت تدريجيا من مجلس الوزراء الى البيت الابيض».

وتعني الترتيبات الجديدة ان صانعي القرار الحقيقيين هم اندرو كارد، رئيس هيئة موظفي البيت الابيض، وكارل روفر كبير المستشارين، وكارين هيوز المحامية بالبيت الابيض وعدد آخر من كبار المسؤولين. وهو نظام اكثر تماسكا وكفاءة من نظام مجلس الوزراء، ولكنه يحمل ايضا بعض المخاطر، ولا سيما ان كبار الموظفين في البيت الابيض قد يشعرون بانهم اكثر قوة من الوزراء.

ولا يزال الوزراء يمتلكون سلطات مهمة خصوصا وزراء الخارجية والدفاع والعدل والخزانة. فوزير الخارجية كولين باول، بالرغم من انه لم يتمكن من اقناع الادارة بوجهات نظره المعتدلة في ما يتعلق بالتغيرات المناخية او الدفاع الصاروخي، لا يزال يعتبر اشهر شخصية في الادارة. ويتولى باول والمدعي العام جون اشكروفت عملية تطوير سياسة الهجرة.

ويلتقي بوش اسبوعيا مع باول، ومرة كل اسبوعين مع اشكروفت، وبول اونيل وزير الخزانة ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد. ويحاول كارد عقد غداء عمل اسبوعي مع اعضاء الوزارة. كما ان البرت هوكينز وزير شؤون مجلس الوزراء في البيت الابيض يستضيف لقاءات شهرية مع رؤساء الاقسام في الحكومة. وتعد كل وزارة تقريرا اسبوعيا للبيت الابيض، وتقريرا عن الاحداث المتوقعة والقضايا التي ستناقش في الاسابيع الثلاثة المقبلة.

ومن المحتمل ان تفوق موظفي البيت الابيض سيخف بمرور الايام، بعدما تستهلك الادارة مقترحاتها التشريعية التي طرحتها خلال الحملة الانتخابية. الا ان لدى الوزراء هامشا للحركة، سواء في ما اذا كانت هناك سياسة اقل تحديدا او حيث يمكن لهم التوسع في قضية ذات اهتمام لبوش.

ولكن عندما يكون لدى بوش وجهة نظر واضحة بخصوص موضوع ما، يكتشف الوزراء انه تم تجنبهم. ولقد تعلم معظم الوزراء عدم مواجهة الرئيس او مساعديه. فأونيل، بعد بعض التعليقات العلنية التي تشكك في منطق برنامج خفض الضرائب الذي اقترحه بوش، في بداية عهد الادارة الجديدة، عاد الى الالتزام بالخط العام. كما ان وزارة العدل التي يرأسها اشكروفت تنازلت لمكتب المحامين في البيت الابيض عن مهمة اجراء اتصالات ومقابلات مع المرشحين للمناصب القضائية.

الا ان رامسفيلد يملك سلطات واسعة شبه مستقلة في تطوير استراتيجية جديدة للمؤسسة العسكرية. وربما يرجع السبب الى ان البيت الابيض يفضل ذلك بعد المشاكل التي واجهها رامسفيلد في الترويج لعملية اعادة تشكيل القوات المسلحة الاميركية. وفي هذا الصدد يقول الناشر المحافظ وليام كريستول «اعتقد ان البيت الابيض يعلم ان اعادة النظر في سياسة الدفاع تمر بمأزق ولن تنتصر فيها وجهة نظر، ولذلك فهو سعيد بترك الملف في يد رامسفيلد».

ويفهم الوزراء، في معظم الحالات، دورهم وهو التطبيق وليس النقاش، الادارة وليس اتخاذ القرار. واوضح نورمان مينتا وزير النقل وهو صديق لنقابات العمل اعتمد عليه بوش في تجنب اضراب شركات الطيران «انا وزير النقل، ولكني موظف لدى رئيس الولايات المتحدة».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط» كادر تشيني يعود لممارسة الدور التقليدي لنائب الرئيس واشنطن: ابراهام مكلوغلن* قبل عدة اشهر كان ديك تشيني نائب الرئيس هو الشخص الذي يلجأ اليه المرء في واشنطن. فقد كان الرئيس جورج بوش يفوض تشيني مسؤولية الكثير من الاولويات مثل اعداد برنامج لوضع الولايات المتحدة على طريق طاقة آمن واعداد الميزانية. كما سعى اليه اعضاء الكونغرس باعتباره الشخصية التي يتم اللجوء اليها لترتيب اتفاقيات. ووصفته وسائل الاعلام بأنه الرجل صاحب الخبرة.

لكن الظروف تتغير بسرعة. فهذه الايام اصبح تشيني خفيا مثل القاذفة ستيلث التي لا تراها اجهزة الرادار. فهو يحضر كل الاجتماعات المهمة في الجناح الغربي ـ ولكنه في الشهور الاخيرة بدأ يمارس الدور التقليدي لنائب الرئيس ـ اي القاء كلمات في نوادي الحزب الجمهوري المحلية، وحضور الجنازات والمشاركة في الاحاديث الاذاعية بالاضافة الى مهمته الجديدة بترؤس مجموعة قوة عمل بخصوص الارهاب الداخلي، وهي قضية مهمة ولكن ليست في قلب احداث البيت الابيض.

وتوجد عدة تطورات ادت الى دفع تشيني للعودة الى الدور التقليدي لنائب الرئيس الاميركي منها انه انهمك لعدة اشهر في موضوع التعامل مع ازمة الطاقة. وامس كان الموعد النهائي للرد على تحقيقات الكونغرس المتعلقة بالشركات التي التقت بها مجموعة العمل التي يقودها وهي تعد توصياتها.

يضاف الى ذلك وضعه الصحي حيث دخل المستشفى ثلاث مرات منذ تعيينه في منصبه.

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»