شارون يعتبر عرفات العائق الأساسي أمام السلام ويطمح بجلب مليون يهودي آخر من الاتحاد السوفياتي السابق

أبو مازن بعد رئيس الوزراء الإسرائيلي في موسكو

TT

يصل إلى موسكو اليوم محمود عباس (أبو مازن) امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لاطلاع المسؤولين الروس على تطورات الوضع في الأراضي الفلسطينية التي تتواصل الاعتداءات الاسرائيلية عليها.

وتأتي زيارة ابو مازن بعد اقل من يوم على اختتام رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون زيارة للعاصمة الروسية استغرقت 3 ايام التقى خلالها مع الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته وعدد من المسؤولين الروس اضافة الى زعماء الجالية اليهودية في روسيا.

وقبيل مغادرته موسكو وخلال لقاء مع وسائل الاعلام الروسية اعتبر شارون ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، يشكل «العائق الأساسي امام السلام»، لذلك فان المفاوضات مع الفلسطينيين غير ممكنة.

ونقلت وكالة انترفاكس الروسية عن شارون قوله ان عرفات «لا يفهم الا لغة الضغط». وقال شارون «اختار عرفات استراتيجية الرعب، واعتمد هذا الخيار مباشرة بعد مؤتمر كامب ديفيد رغم ان رئيس الوزراء السابق ايهود باراك كان مستعدا لتقديم تنازلات لم يكن غيره من رؤساء الوزراء الاسرائيليين ليقدمها بمن فيهم أنا».

واضاف شارون متهماً «وذهب عرفات أبعد من ذلك اذ انشأ ائتلاف الرعب الذي يضم حراس عرفات وجهاز الأمن في السلطة الفلسطينية ومنظمات كفتح وحركة حماس وحزب الله وحركة الجهاد الاسلامي».

وقال شارون «ادلى عرفات بتصريحات كثيرة تدعم السلام ووقع الكثير من اتفاقيات السلام لكنه لم يحترمها قط. وكان الأجدى به ان يضع توقيعه على قطعة ثلج». واستطرد «اليوم يشكل عرفات عائقا امام السلام. اما حيازته جائزة نوبل للسلام فهي احدى مفارقات التاريخ».

وفي دعوة للفلسطينيين لايجاد بديل لعرفات قال «ولكن يمكن استبدال عرفات... ليس في وسعنا فرض وجهات نظرنا على الفلسطينيين ولكنني اعتقد انه من الممكن ايجاد رجل آخر اكثر واقعية ويعرف كيفية العودة الى حوار من اجل السلام. ولكن ذلك من شأن الفلسطينيين».

وتساءل شارون «عندما يتم الحديث عن دور عرفات الذي لا بديل له يجب ان يكون معلوما انه من الممكن ان يحدث له شيء مثله مثل اي شخص آخر. وذلك لا يعني ان الاسرائيليين سيستهدفون عرفات ولكن قد يستدعيه الرب الى جانبه. فهل يجب ان يكون العالم اجمع مرتبطا بعرفات؟».

وشدد على ان اسرائيل قد تقدم تنازلات حول أراض مقابل السلام وخاصة عندما تتمتع بحقوق تاريخية في الأراضي المعنية. واستطرد «ولكن اسرائيل لن تتنازل في ما يتعلق بأمن مواطنيها».

الى ذلك كشفت المباحثات التي اجراها شارون في موسكو عن تفاهم «غير مفتعل» تجاه العديد من قضايا الشرق الأوسط. ولم يكن غريبا ايضا ان يعترف شارون في حديثه مع ممثلي المنظمات اليهودية في روسيا انه تبادل مع الرئيس بوتين «حديث القلب للقلب» على حد تعبيره. وكشف شارون انه اتفق مع بوتين حول تشكيل لجنة مشتركة لمكافحة الارهاب.

وقال شارون ان لديه خطة استراتيجية طموحة يريد بموجبها ان يجمع كل يهود العالم في اسرائيل. واضاف ان هذه الخطة الاستراتيجية وضعتها الحكومة الاسرائيلية لجمع واستقطاب مليون مهاجر يهودي، وضمنا من روسيا وبلدان الكومنولث ـ خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة. ورغم ان اليهود «الروس» في معظمهم يتمسكون بما احرزوه من مواقع ومناصب في الدولة الروسية فان الخطر يظل قائماً من منظور احتمالات ان يكون هؤلاء مصدر دعم مادي ومعنوي لهجرة آخرين، ومصدر قلق تستثيره لدى الاوساط الرسمية العربية تحسبا لتغيير الميول والأهواء وربما السياسات مع مضي الوقت.

وبدأ اليهود عمليا رحلة يكتنف الغموض الكثير من جوانبها من خلال محاولاتهم الرامية للايقاع بالرئيس بوتين في شرك حبائلهم ودسائسهم ما يفسره ما قاله ليف ليفايف رئيس اتحاد الطوائف اليهودية في بلدان الكومنولث في معرض حديثه مع شارون في فندق «ماريوت» بموسكو حيث جرى اللقاء مع ممثلي المنظمات اليهودية: «هناك من يسألني عما اذا كان الرئىس بوتين يهودياً» فيما همست عجوز الى صديقتها الجالسة الى جوارها: «سمعت منذ مدة بعيدة ان بوتين يتحدر من اسرة يهودية». وقال ليفايف انه «طالما لحظ بوتين يركز انظاره على حاخام اليهود لدى لقاءاته مع ممثلي الأوساط الدينية في روسيا».

قد يكون ذلك محاولات للتشكيك في هوية بوتين لكنها ملاحظات جديدة بالاعتبار لا سيما انها وجدت طريقها الى الصحف وأجهزة الاعلام الروسية في نفس الوقت الذي يتزايد فيه الوجود اليهودي بعد تأسيس 400 طائفة يهودية وافتتاح 64 مدرسة يهودية، و120 دار حضانة يهودية الى جانب عشرات المؤسسات التعليمية العالية والمسارح والمطاعم، ناهيك من الاذاعات والقنوات التلفزيونية والصحف اليهودية الناطقة بالروسية. وها هو شارون يرصد 75 مليون دولار كضمان للاستثمارات الاسرائيلية في روسيا في نفس الوقت الذي يؤكد فيه عدم ارتياحه لأن حجم التبادل التجاري يتجاوز قليلاً المليار دولار، مشيرا الى ضرورة مضاعفته كي يتناسب مع قدرات الطرفين. وفي ذلك ايضا تكمن بعض محاولات اسرائيل الرامية الى خلق الحافز والرغبة لدى موسكو في المزيد من التعاون معها خصما من رصيد مواقعها لدى ايران والعراق والبلدان العربية الاخرى.

لكن الواضح والمعلن يظل في اطار ما تقوله موسكو حول انها مستعدة للاسهام بقسط كبير في الجهود الرامية لتحقيق التسوية العادلة استنادا الى الشرعية الدولية، ومن هذا المنظور تستقبل اليوم ابو مازن، حيث من المقرر ان يلتقي وزير الخارجية ايجور ايفانوف، فيما كشفت مصادر دبلوماسية عن احتمالات ان توفد موسكو اندريه فدوفين المبعوث الشخصي لوزير الخارجية الى منطقة الشرق الأوسط خلال الأيام القليلة المقبلة، بتكليف من الرئيس بوتين الذي تناول هذه القضية في مكالمتيه الهاتفيتين مع الرئيس حسني مبارك والرئيس عرفات.