الجيش الإسرائيلي يفرض قيودا على بيريس ويفضّل إلغاء لقائه بعرفات

شارون يتهم بيريس بفقدان البوصلة لأنه وافق على مراقبين دوليين

TT

رغم التأكيد الاسرائيلي والفلسطيني على ان اللقاءات بين الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، ووزير الخارجية الاسرائيلي، شيمعون بيريس، ستبدأ في الاسبوع المقبل (بدلاً من هذا الاسبوع)، فان عقبات جديدة تعترض الجهود لعقد اللقاء الاول. وفي الوقت الذي يطلب فيه الفلسطينيون حداً أدنى من تخفيف العدوان عليهم، ولو لمناسبة اللقاء، فان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، يحاول اجهاضه وافراغه من مضمونه من الآن. وانضم الى شارون قادة الجيش واجهزة الأمن ايضا، الذين اضافوا شروطا وقيودا شديدة جدا على اللقاء.

فيوم امس علم شارون بأن وزير خارجيته، صرح بأنه يؤيد المطلب الفلسطيني باستدعاء مراقبين دوليين للاشراف على وقف اطلاق النار في الأراضي الفلسطينية. وكان شارون وبيريس قد بحثا الموضوع طويلا واتفقا على ان لا يعلن بيريس موقفه هذا جهارا. ولهذا، اطلق شارون تصريحا ضد بيريس وهو في طريقه الى تل ابيب، من موسكو، قال فيه ان حكومة اسرائيل ترفض قطعيا اية مراقبة دولية باستثناء المراقبة المتفق عليها من وكالة المخابرات المركزية الاميركية «سي. آي. ايه». وحرص مساعدو شارون على تسريب الوصف التالي لبيريس رداً على تصريحه: «وزير الخارجية اضاع البوصلة».

وعلم امس ان هناك خلافاً آخر برز بين شارون وبيريس في موضوع اقامة الجسور في غزة للفصل بين الفلسطينيين والاسرائيليين. اذ ان شارون يريد بناء الجسور فوراً، بينما بيريس يفضل ان يتم ذلك في اطار اتفاق مع الفلسطينيين.

وصرح بيريس لدى مغادرته تل ابيب الى ايطاليا، رداً على وصف شارون عرفات بأنه العقبة الاكبر امام المفاوضات، بقوله ان تقدما طرأ على الجهود لعقد اللقاء مع عرفات. وأكد ان اللقاء سيتم في الاسبوع المقبل، وانه سيكون الاول ضمن سلسلة لقاءات اخرى.

اما العسكريون الاسرائيليون، فقد اعربوا عن معارضتهم لاجراء لقاء بين بيريس وعرفات وقالوا ان هذا اللقاء سيكون بمثابة جائزة لعرفات تشجعه على مواصلة سياسة «الارهاب» وتشجع «الارهابيين الفلسطينيين» على مواصلة عملياتهم ضد اسرائيل. وابلغوا بيريس انه اذا اصر على هذا اللقاء، فانهم يطلبون منه الالتزام بالشروط التالية:

ـ اولاً: الا يسمح بتصوير اللقاء وبثه على شاشات التلفزيون في العالم. وعقده في مكان تكون حركة الصحافيين فيه محدودة، مثل المركز العسكري على حاجز ايريز شمال قطاع غزة او في طابا او في مكان سرّي.

ـ ثانياً: الاتفاق المسبق على المواضيع التي ستطرح خلال اللقاء وعدم تجاوزها، وذلك لكي لا يوضع الجنرال غيورا ايلاند، الذي تقرر ان يرافق بيريس في كل لقاءاته مع الفلسطينيين كمراقب من طرف شارون، في وضع حرج ويضطر الى المشاركة في جلسة تبحث فيها امور سياسية.

ـ ثالثاً: تزويد بيريس بكتاب من شارون، يحمل الجنرال ايلاند نسخة منه، وتطرح فيه حدود المناورة المسموح لبيريس العمل في مساحتها، ما بين الحد الأدنى المطلوب لاسرائيل والحد الاقصى للطروحات الفلسطينية.

ـ رابعاً: وضع «قاموس تفاهمات» ما بين بيريس وقيادة الجيش، لعدد من التعابير التي يمكن ان يجري اتفاق اسرائيلي ـ فلسطيني بشأنها. فاذا اتفقا مثلا على بند يقول «فتح المسالك والطرقات»، يجب ان يشار بالتفصيل الى مطلب الجيش ان يكون ذلك يعني فتح الطرق امام المستوطنين وكل الجنود الاسرائيليين، وليس فقط دوريات عسكرية.

ـ خامساً: الاصرار على الطلب من عرفات ان يكون هناك وقف اطلاق نار شامل في جميع المناطق، وليس فقط في مناطق محددة وبالتدريج، كما كان اعلن بيريس اخيرا.

ـ سادساً: الامتناع عن تقديم اية تنازلات مسبقة لعرفات، قبل اللقاء، مثل تخفيف الحصار او ازالة الحواجز وغير ذلك.

ومع ان بيريس نفسه رفض التعقيب على هذه الشروط، فان مقربين منه اعتبروا مجرد طرحها وقاحة وتطاولا من العسكريين على القيادة السياسية. الا ان قيادة الجيش واثقة تماما من ان بيريس سيلتزم بها. بل ان مصادر عسكرية مطلعة ذكرت ان بيريس بادر، في اعقاب تلقي هذه الشروط، الى عقد جلسة مع قادة الجيش للتفاهم معهم حول مضمونها.

واما في الطرف الفلسطيني، فقد اعرب اكثر من مسؤول عن القناعة بأن لقاء بيريس ـ عرفات لم يعد شأناً ذا قيمة، اذ ان الحكومة الاسرائيلية ليست معنية به البتة وستعمل كل شيء في سبيل اجهاضه. وقال الدكتور صائب عريقات، وزير الحكم المحلي وكبير المفاوضين الفلسطينيين، انه يشعر بأن اللقاء سيكون بلا مضمون «لأن السادة الاوروبيين والاميركيين الذين يسعون للقاء، لا يتطرقون البتة لمضمونه. ولا يفعلون شيئاً لوقف العدوان الاسرائيلي الاجرامي اليومي على شعبنا الفلسطيني، مع العلم بأن هذا العدوان بلغ اقصى حد له من الشراسة، منذ بداية الاحتلال في العام 1967 وحتى اليوم».