طالبان تهدد بغلق المجال الجوي الأفغاني إن لم تفرج الأمم المتحدة عن أرصدتها المصرفية

TT

كابل ـ وكالات الأنباء: اعلن وزير خارجية حركة طالبان الحاكمة في كابل وكيل احمد متوكل امس ان افغانستان قد تحظر مجالها الجوي على حركة الملاحة الدولية اذا امتنعت الامم المتحدة عن رفع بعض العقوبات المفروضة عليها. وشدد متوكل على «ان هذا الاجراء سيكون تاما، مع بعض الاستثناءات». وطالب الامم المتحدة على الاخص بالغاء تجميد الحسابات المصرفية التابعة للطيران المدني الافغاني.

واضاف: «هدفنا ليس حظر الطيران وانما الحصول على الرسوم التي تدفعها الطائرات مقابل مرورها في الاجواء.. والعقوبات لا تؤثر علينا فحسب بل تؤثر على المجتمع الدولي ككل، لان افغانستان واحدة من اقصر الطرق بالنسبة لجميع الرحلات الدولية للعبور من قارة لاخرى». واشار الى ان طالبان ستنتظر ردا من الامم المتحدة قبل فرض الحظر.

وكانت الامم المتحدة قد منعت الرحلات باتجاه افغانستان في اطار العقوبات الهادفة الى الضغط على طالبان لتسليم اسامة بن لادن الذي تعتبره الولايات المتحدة عدوها اللدود. وتسمح الامم المتحدة فحسب بالرحلات الى افغانستان ذات الاغراض الانسانية.

وفي هذه الاثناء دخلت محاكمة ثمانية من عمال الاغاثة الاجانب، متهمين بالدعوة الى المسيحية في افغانستان يومها الثالث امس. وقالت مصادر اصولية ان حركة طالبان تدرس اقتراحا بتبادل المحتجزين مع الولايات المتحدة مقابل الافراج عن الاصولي المصري عمر عبد الرحمن، وربما اصوليين آخرين مسجونين في اميركا. ولكن متوكل اكد امس انه ليست لديه اي معلومات عن خطة مقترحة لتبادل المحتجزين الاجانب الثمانية المتهمين بالدعوة الى المسيحية بعبد الرحمن. واضاف: «ان طالبان لم تتسلم حتى الآن اي خطاب يتضمن اقتراحا بمبادلة الثمانية بالشيخ المصري الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في الولايات المتحدة». وردا على سؤال ما اذا كانت طالبان تجري محادثات مع واشنطن حول هذا التبادل الذي اقترحته اسرة الشيخ قال متوكل: «لا».

وكانت مصادر اصولية خارج افغانستان قد اكدت ان طالبان ربما تكون على استعداد لاطلاق سراح عمال الاغاثة الثمانية المحتجزين اذا وافقت واشنطن على الافراج عن الشيخ عبد الرحمن وتوجهه الى افغانستان. وادين عبد الرحمن وهو الزعيم الروحي للجماعة الاسلامية في مصر عام 1995 بتهم التخطيط لنسف مركز التجارة العالمي وتفجير مبنى الامم المتحدة وقتل الرئيس المصري وتدمير أنفاق في نيويورك. وجاء في خطاب ارسلته اسرة الشيخ الى الملا محمد عمر زعيم طالبان: «قضية الرعايا الغربيين الذين ضبطوا يدعون للنصرانية في افغانستان تفتح بابا من الامل في مبادلة الشيخ عمر عبد الرحمن ببعضهم».

وفي الوقت نفسه وصل الى العاصمة الافغانية امس فرانسيس فندريل مبعوث الامم المتحدة الخاص الى افغانستان، قائلا انه سيبحث مع سلطات طالبان مصير المحتجزين الاجانب، اضافة الى 16 افغانيا متهمين في نفس القضية ويعملون جميعا بوكالة «شلتر ناو انترناشونال» المسيحية ومقرها المانيا. وقال فندريل: «سألتقي بنائب وزير الخارجية الذي طلب عقد هذا اللقاء وسنتبادل وجهات النظر حول عدد كبير من المواضيع.. سأبحث موضوع «شلتر ناو» والعمال الاجانب والافغان ايضا». ورغم ان طالبان اعلنت في البداية ان المحاكمة ستكون علنية الا انها لم تسمح حتى الآن بحضور الدبلوماسيين والصحافيين للجلسات. والمعتقلون الثمانية الاجانب هم اربعة المان واربعة استراليين واميركيان. ويبدو ان الاجانب الثمانية لم يمثلوا بعد امام المحكمة، اذ ان القضاة والشيوخ في المحكمة العليا لم ينتهوا بعد من دراسة القضية وجمع الادلة.

ولم يتضح بعد ما اذا كانت المحكمة ستستدعي الافغان المحتجزين الذين يتوقع ان يحاكموا بشكل منفرد للادلاء بشهاداتهم.

ويوم الاربعاء الماضي رفضت طالبان دخول دبلوماسيين من المانيا واستراليا واميركا الى المحكمة. وشعر الدبلوماسيون بالاحباط بعد ان اضطروا للانتظار خارج المحكمة قبل ان يغادروا. ولا يعرف ايضا مكان وجود المحتجزين الذين تحدثت تقارير عن نقلهم من مركز احتجاز في كابل الى وجهة غير معلومة الا ان مصادر بطالبان تقول ان الهدف هو ابعادهم عن وسائل الاعلام.

وقال نور محمد ثاقب، كبير القضاة في طالبان : «اعمال المحاكمة مستمرة.. بدأ القضاة وعلماء الدين اليوم الثالث من العمل ونحن جميعا نتابع القضية من دون توقف». ووعد كبير القضاة بان المحاكمة ستكون عادلة وان بوسع المتهمين الاستعانة بمن يشاءون من المحامين الاجانب غير المسلمين للدفاع عنهم وان اي عقوبة ستكون طبقا للشريعة الاسلامية. وتقول طالبان ان الكلمة الاخيرة ستكون للملا عمر ايا كان قرار المحكمة.

ونقلت وكالة الانباء الافغانية عن كبير القضاة قوله : «اذا كانت الجريمة تستحق السجن فسيسجنون واذا كانت تستحق الشنق فسيشنقون»، الا ان اجراءات المحاكمة تبقى غير واضحة حتى الآن. وتقول طالبان ان لديها دليلا قويا على محاولة اعضاء منظمة «شلتر ناو» دعوة بعض الافغان المسلمين الى اعتناق المسيحية. بينما تقول منظمة الاغاثة انها ابلغت موظفيها بعدم القيام بانشطة تبشيرية.

وقال متوكل امس ان الاجانب الثمانية سيمثلون امام المحكمة في «المرحلة الثانية» من المحاكمة التي ستجري قريبا. واشار متوكل الى ان الدبلوماسيين الاجانب اضافة الى الصحافيين واقارب المتهمين الثمانية سيسمح لهم بحضور المحاكمة «المفتوحة» ما ان تنتهي المرحلة الاولى منها التي تجري في جلسات مغلقة. وتم ابعاد صحافيين امس حاولوا الحصول على معلومات حول مجريات الجلسات في حرم المحكمة العليا. كما تم رد الدبلوماسيين الذين يتابعون مصير المحتجزين ومنعوا من لقاء قاضي القضاة. وطردت طالبان ايضا موظفي وكالتي اغاثة اخرين هما انترناشونال اسيستانس ميشن وسيرف، قائلة انهم كانوا على صلة مع «شلتر ناو». واعلنت اذاعة «الشريعة» الرسمية ان قادة طالبان شكلوا لجنة لاجراء الدراسات واصدار التوصيات حول «تنظيم» نشاطات المنظمات غير الحكومية الاجنبية في افغانستان. واوضحت: «ان هذه اللجنة ستقدم الاقتراحات حول نشاطات المنظمات غير الحكومية كي تتلاءم مع القيم الاسلامية والقوانين السائدة وانظمة امارة افغانستان الاسلامية».

وتضم اللجنة وزير الخارجية وكيل احمد متوكل ونائب وزير الامر بالمعروف والنهي عن المنكر سليم حقاني ووزير الداخلية سعد الدين سعيد. وتسيطر حكومة طالبان التي لا تعترف بها الا ثلاث دول فقط على نحو 95% من افغانستان. واثار تفسير طالبان المتطرف للشريعة الاسلامية انتقادات عالمية، خاصة في ما يتعلق بحقوق الانسان وتدمير ثماثيل اثرية. وفرضت حركة طالبان المنبثقة عن المدارس القرآنية الباكستانية عام 1994 نظاما صارما على المنطقة الخاضعة لسيطرتها من الاراضي الافغانية.