لندن: أجهزة الأمن تشدد الرقابة على الأصوليين في الأراضي البريطانية

بكري: نقلت عائلتي إلى مكان آمن خارج لندن عقب مداهمة الشرطة لمنزلي * السري: أعرف أن هواتفي مراقبة على مدار الساعة

TT

مع تشعب خيوط التحقيق في الهجمات الارهابية التي ضربت واشنطن ونيويورك الثلاثاء الماضي، والتي ادت الى تدمير برجي مركز التجارة العالمي واجزاء من مقر وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون)، بدأت اجهزة الامن البريطانية في اقتفاء اثر اصوليين.

وحسب المصادر الامنية البريطانية يوجد نحو ثلاث خلايا، يتابع ضباط المخابرات البريطانية (الام آي فايف) انشطتهم عن كثب، وتعتقد المصادر البريطانية ان هناك العشرات من الاصوليين من طالبي اللجوء السياسي في بريطانيا، تلقوا من قبل تدريبات عسكرية في معسكرات التدريب التابعة لاسامة بن لادن في خوست وجبال قندهار والشريط الحدودي الملاصق لباكستان. وتتخوف الدوائر الامنية البريطانية من ان ماحدث من هجوم ارهابي في واشنطن ونيويورك يمكن تكراره في بريطانيا، او في الدول الاوروبية المجاورة، بعد ضبط خلايا ارهابية في ميلانو والمانيا خلال العامين الماضيين. وتعتقد دوائر الداخلية البريطانية انه من الصعب ايقاف اسلاميين بانتهاك قانون مكافحة الارهاب، بدون ادلة جنائية كافية، وتشير الدوائر الى ان التعاطف مع بن لادن لا يكفي مثلا كدليل ادانة.

وتطرق متحدث باسم الداخلية البريطانية في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الأوسط» الى سقوط دعوى جنائية ضد ياسر السري مدير «المرصد الاعلامي الاسلامي» وابو حمزة المصري مسؤول منظمة «انصار الشريعة» بعد مداهمة منزليهما في 15 مارس (اذار) 1999، لعدم وجود ادلة كافية لادانتهما، والاول صدرت ضده احكام غيابية بالاعدام والسجن المؤبد مدى الحياة، من محاكم عسكرية مصرية، والثاني يطالب اليمن بتسليمه ومحاكمته بتهمة تصدير الارهاب عقب اعتقال السلطات اليمنية لنجله محمد، وابن زوجته محسن في ديسمبر (كانون الاول) من عام 1998 بتهمة اعتزام تنفيذ اعمال ارهابية في عدن. ويتهم اليمن ابو حمزة المصري بصلته بمتشددين اسلاميين خطفوا 16 سائحا غربيا في اليمن عام .1998 واسفر ذلك الحادث عن مقتل اربعة من السائحين وتوتر العلاقات بين بريطانيا واليمن.

ويقول ياسر السري في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الأوسط» انه يعرف تماما ان اجهزة هاتفه في المنزل والمكتب مراقبة على مدار الساعة، ويضيف انه منذ قدم الى بريطانيا يمارس عملاً حقوقياً لا علاقة له بالعمل السري على الاطلاق. ومن جهته يقول عمر بكري زعيم اكبر المنظمات الاصولية في بريطانيا في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الأوسط» انه نقل عائلته الى مكان امن خارج لندن، بعد تلقيه تهديدات، واشار الى ان الشرطة البريطانية داهمت منزله. مساء الجمعة الماضي، بحجة تلقيها بلاغا عن وجود قنبلة في منزله، واضاف ان الشرطة فتشت جميع ارجاء منزله والحديقة الداخلية. وافاد بكري ان ضباط «الفرع الخاص» التابع لاسكوتلنديارد، قاموا بالاتصال به مساء الاربعاء الماضي بعد 24 ساعة من تفجيرات نيويورك وواشنطن وسألوه عما نسب اليه في الصحافة العالمية، وقال انني اكدت لضباط اسكوتلنديارد ان الاسلام يحرم الاعتداء على الابرياء، وماوقع ليس له مسوغ او مبرر شرعي من الدين.

وضمن المحتجزين في السجون البريطانية على ذمة الطلب الاميركي لترحيلهم الى واشنطن، ثلاثة اصوليين معتقلين حاليا في سجون بريكستون بجنوب غربي لندن هم ابراهيم حسين عيدروس وعادل عبد المجيد عبد الباري (يعتقد انهما من تنظيم «الجهاد»)، وخالد الفواز وذلك في قضية الاعتداءين اللذين استهدفا سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في وقت واحد تقريبا في السابع من اغسطس (آب) 1998 في نيروبي ودار السلام. وقد اتهم ابراهيم عيدروس وعادل عبد الباري بانهما توليا في مراحل مختلفة قيادة خلية تنظيم الجهاد الاسلامي المصري في لندن المرتبط بتنظيم «القاعدة» الذي يقوده بن لادن. ووردت مزاعم انه عثر في مكتب الرجلين على نسخة من اعلان للجهاد الاسلامي مؤرخ في الرابع من اغسطس (آب) 1998، يؤكد فيه التنظيم انه سيشن عمليات انتقامية ضد الولايات المتحدة لانها اوقفت بعض اعضاء هذا التنظيم. وعيدروس متهم ايضا بانه سلم جوازات سفر مزورة الى اعضاء في التنظيم وقدم لهم دعما لوجستيا. واشارت مصادر الادعاء الاميركي في المحكمة العليا البريطانية بلندن الى ان وثائق اعلان المسؤولية عن الاعتداءين على السفارتين الاميركيتين ارسلت من مكتب عبد الباري في صباح اليوم الذي وقع فيه الاعتداءان، الى هيئات صحافية في فرنسا وقطر والامارات العربية المتحدة وتحمل بصمات اصابع الرجلين. واوضح محضر الاتهام ان عيدروس كان زعيم خلية لندن ومسؤولا عن خلية في باكو تعمل لحساب منظمة «الجهاد» التي يترأسها الدكتور ايمن الظواهري الحليف الاول لابن لادن.

اما بالنسبة للمتهم الثالث خالد الفواز فقد استعرض ممثل الادعاء خلال محاكمته العديد من الافادات القانونية، البعض منها مأخوذ من عملاء المباحث الفيدرالية الاميركية، وتركزت تلك الافادات على استعراض لتنظيم «القاعدة»، وافادات اخرى، احداها من أحد اعضاء التنظيم بان الفواز حضر عدة اجتماعات (للقاعدة) في انحاء متفرقة بالسودان، مع بن لادن وآخرين من كبار قادة التنظيم السري خلال عامي 93 و.94 إلا ان القاضي شكك في اسلوب كتابة بعض تلك الافادات، قائلا انه لا يمكن استخدامها في محكمة بريطانية. وافاد ممثل الادعاء البريطاني ان: «فواتير الهواتف التي عثر عليها في نيروبي، بعد حادث تفجير السفارة الاميركية، تربط بوضوح بين اسم الفواز، وخلية (القاعدة) في افريقيا».

اما احدث المحتجزين طبقا لانتهاك قوانين مكافحة الارهاب، فهو الدكتور حيدر ابو ضحى، وهو اصولي جزائري يحتجز في سجن بيل مارش شديد الحراسة بجنوب غربي لندن منذ شهرين، بعد ان طالب الادعاء الاميركي امس بتسلمه باعتباره العقل المدبر والمخطط وراء مؤامرة تفجير مطار لوس انجليس عام 2000 التي عرفت باسم مؤامرة «الالفية». ويشير ملف الاتهام الى ان الدكتور ابو ضحى كان احد اعضاء منظمة «القاعدة» التي يتزعمها بن لادن، الذي تلاحقه واشنطن بتهمة تفجير سفارتيها في نيروبي ودار السلام. ويقول الادعاء الاميركي ان الدكتور ابو ضحى التقى بن لادن في افغانستان في اواخر عام 1998، بهدف تشكيل خلية ارهابية جزائرية في بريطانيا، بحيث يكون ابو ضحى منسقها مع منظمة «القاعدة».

وكان ابو ضحى قد اعتقل في لندن يوم 3 يوليو (تموز) الماضي، بعد مداهمة شقته، طبقا لقوانين مكافحة الارهاب، ولكن بعد الافراج عنه بكفالة يوم 4 يوليو الماضي، اعادت الشرطة اعتقاله على باب المحكمة اللندنية بناء على طلب الادعاء الاميركي. وظهر اسم ابو ضحى لاول مرة في شهادة احمد رسام المتهم الجزائري الاول في قضية «الالفية»، الذي تم اعتقاله عند عبور الحدود من كندا الى الاراضي الاميركية، قبل احتفالات الالفية.