مصـر: الحكم على مهران بالحبس ثلاث سنوات في قضية صحيفة «النبأ» الموقوفة

TT

قضت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ بمصر امس بمعاقبة الصحافي ممدوح مهران رئيس تحرير صحيفة النبأ، «الموقوفة» بحكم قضائي بالحبس لمدة 3 سنوات وبالغرامة 200 جنيه ومصادرة العدد 663 من الصحيفة والعدد 664 من جريدة اخر خبر وكذلك مصادرة شريط الفيديو المضبوط.

وكانت نيابة أمن الدولة العليا قد احالت مهران للمحاكمة لنشره موضوعات صحافية مدعومة بالصور الفاضحة تتعلق بانحرافات راهب مطرود. ونسبت النيابة الى مهران عددا من الاتهامات من بينها تكدير الأمن العام والتأثير في قضية معروضة على احدى جهات التحقيق «النيابة العامة» والاخلال بالقيم والاداب العامة والمساس بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي.

وقالت المحكمة في اسباب حكمها الذي اصدرته برئاسة المستشار اسامة محمد علي رئيس المحكمة انه بالنسبة لجريمة نشر الصور الفاضحة فقد اقر مهران بتحقيقات النيابة انه قام بتصوير الصور الجنسية من شريط الفيديو المضبوط.

واكدت المحكمة انه ثبت لديها ارتكاب مهران لجريمة ازدراء الاديان بالاشارة واللفظ من خلال اساءته للكنيسة المصرية ورجال الدين المسيحي حيث نشر عنوانا بالصحيفة يقول «تحويل دير المحرق الى بيت دعارة» وفي ذلك مساس بمقدسات الاخوة الاقباط خاصة ان هذا الدير يعد اقدم أديرة مصر.

وأوضحت المحكمة ان هدف مهران مما نشره هو اثارة الفتنة بين نسيج المجتمع المصري حيث اعترف مهران في التحقيقات ان ما نشره عن ممارسة الراهب للرذيلة مع خمسة الاف سيدة انما كان من نسج خياله ومن استنتاجه العقلي بما يعني انه اختلق وقائع ليس لها اساس من الواقع.

وذكرت المحكمة انه مما يؤكد سوء نية مهران ومقصده لاثارة الفتنة بين نسيج المجتمع ما نشره بان الراهب يمسح عورته في ستائر الدير وهو مكان تجلي السيد المسيح، وكان مهران قد ربط بين ارتكاب الرذيلة ومكان تجلي السيد المسيح.

وعلى الرغم من أن ممدوح مهران لم يحضر الجلسة فإن الحكم صدر وسط حشد جماهيري وأمني واعلامي كبير. وكانت اجهزة الامن قد اتخذت اجراءات أمنية مكثفة منذ الصباح الباكر داخل وخارج مبنى محكمة عابدين التي شهدت المحاكمة وحولها، وتم اغلاق بعض الطرق المؤدية اليها بالعربات المصفحة تحسبا للإقبال المتوقع من المسلمين والمسيحيين كما تم عمل كردونات امام القاعة وداخلها لحفظ النظام وامتلأت ردهات المحكمة وخارجها بالمئات من المواطنين، وقبيل الحادية عشرة من صباح امس وفي جو مشحون بالتوتر وبعد خضوع الجميع لاجراءات تفتيش دقيقة اصدرت المحكمة حكمها وفور صدوره سادت حالة من الفوضى القاعة وكاد دفاعا مهران والكنيسة يتشابكان بالايدي، وعلت هتافات دفاع الاقباط «يحيا العدل ان في مصر قضاء وقضاة»، بينما هتف دفاع مهران بعد ان اصابته حالة من عدم الاتزان ببطلان الحكم وانه سوف يقيم دعوى مخاصمة شخصية مع القاضي.

وقال عدد من المحامين في الهيئات القبطية التي كانت قد اثبتت تدخلها في الدعوى ان هذا الحكم أرسى مبدأ هاماً يتمثل في أنه لا يجوز التجرؤ على ثوابت الاديان السماوية.

واشاروا الى ان هذا الحكم يتوازى مع الصدمة التي تعرض لها اقباط مصر من جراء ما نشره مهران ويعطي درسا لكل من تسول له نفسه التطاول على الاديان في مصر وسلب مقدسات العبادة.

وعقب صدور الحكم اعلن القاضي اسامة علي رئيس المحكمة في مؤتمر صحافي داخل غرفة المداولة ان الحكم سليم وصحيح ومن واقع المستندات، وانه استقاه من واقع اوراق القضية وان تهمة الاساءة للأديان الموجهة للمتهم ثابتة في حقه. كما اكد القاضي ان حكم المحكمة بات، ولا يجوز للمتهم الطعن فيه أو الاستئناف له بأي صورة قضائية أمام أي محكمة. واعلن انه اصبح واجب التنفيذ حاليا وان الحكم الصادر ضده يشمل جميع الاتهامات الموجهة اليه. واشار الى أن الفعل اكثر من جريمة لذلك تم توقيع العقوبة على المتهم على التهمة الأشد، وهي تهمة ازدراء الدين المسيحي.

ومن جهة اخرى اعلن المحامون عن مهران انهم سوف يقدمون تظلما للمطالبة بوقف تنفيذ الحكم. وقال المحامي مرسي الشيخ رئيس هيئة الدفاع عن مهران انه سيتقدم بتظلم في مذكرة الالتماس التي سوف يقدمها لمكتب شؤون امن الدولة ويطلب فيها وقف تنفيذ الحكم الصادر امس ضد مهران. واشار الى انه يحق لمهران اقامة دعوى مخاصمة شخصية مع القاضي حيث انه لم يسمع مرافعة دفاعه ولم تمكنه من ابداء دفوعه في الموضوع، وان الدفاع لم يتطرق للموضوع، واقتصرت الجلسة الماضية يوم 12 اغسطس (اب) على تقديم الطلبات والدفوع الشكلية وبصفة خاصة الدفع ببطلان قرار الاحالة وعدم دستورية الامر العسكري رقم السنة 81 بشأن احالة بعض قضايا النشر الى محكمة امن الدولة طوارئ بل ان القاضي قد اكتفى بعد سماع المرافعة في هذا الدفع بإثبات الطلبات المتعلقة بالدخول الاجرائية ولم يمكن الدفاع من المرافعة في الموضوع وهو الامر الثابت في محضر الجلسة والمذكرة المقدمة بهذه الدفوع. واكد الشيخ ان الحكم به خطأ واخلال جسيم بحق المتهم في الدفاع عن نفسه فضلا عما ينطوي عليه من عدم الشفافية للمحاكمة وسوف يقيم مهران دعوى مخاصمة امام المحكمة خلال ساعات.

يذكر ان اجهزة الأمن قد تقدمت ببلاغ الى نيابة امن الدولة العليا ضد الصحافي المتهم ممدوح عبد اللطيف مهران رئيس تحرير جريدة «النبأ» الموقوفة بحكم قضائي من محكمة القضاء الاداري وذلك في يونيو (حزيران) الماضي لنشر صور فاضحة من شريط فيديو حصل عليه للراهب المطرود برسوم المحرقي وهو يمارس الرذيلة مع احدى السيدات. وأثار غضب الكنيسة عندما أعلن مهران ان تلك الممارسة كانت داخل دير المحرق وهو اول دير بمصر. وقام مهران بتسليم نفسه بعد ان اعاد في اليوم التالي نشر الموضوع في جريدته «اخر خبر». واعترف المتهم بأنه محرر التحقيق ووجهت اليه النيابة 10 أتهامات واخلت سبيله عن كل جريدة بضمان مالي 5 الاف جنيه وتم احالته الى المحاكمة بعد 24 ساعة من التحقيقات. واستغرقت جلسات محاكمته 5 جلسات بدأت في 24 يونيو الماضي. وطالبت النيابة بتوقيع اقصى عقوبة عليه. وكانت اخر تلك الجلسات في 12 اغسطس الماضي حيث حجزت القضية للنطق بالحكم وبعد يومين تقدم دفاعه بطلب الى رئيس المحكمة يطلب فيه الحكم باعادة فتح باب المرافعة من جديد في محاولة منه لاطالة امد القضية.

يذكر ان مهران سبق ان صدر ضده حكم بالحبس عامين من محكمة جنح الدقي لسبه وقذفه الدكتور عبد الاحد جمال الدين من قبل كما يذكر ان نقابة الصحافيين طعنت الحكم الصادر بإعادة قيد مهران ونجله حاتم بجداول النقابة وطلب دفاع النقابة الغاء تأييد قرار شطبهما من الجداول.