الملتقى الثقافي الإسلامي يختتم أعماله في سراييفو بدعوة المسلمين لتوحيد كلمتهم وتعاونهم

TT

اختتم الملتقى الثقافي الاسلامي الذي عقد بعنوان «اجتماع كلمة المسلمين وتعاونهم» «برعاية الامير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء ورئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء في السعودية اعماله اول من امس (السبت) في سراييفو باصدار بيانه الختامي الذي تضمن جملة من التوصيات منها دعوته الى تكثيف الجهود الدعوية من خلال المؤسسات الاسلامية وما تعقده من ندوات ومؤتمرات لمناقشة المفاهيم المغلوطة التي تروجها الدوائر المعادية للاسلام وبيان اخطائها وعرض الصورة الحقيقية التي تصحح تلك الاخطاء. كما اوصى الملتقى الجهات الاسلامية التي تشارك في الحوار بين اتباع الاديان وممثلي الحضارات للاستفادة من جلسات الحوار وندواته ومؤتمراته في الرد على المفاهيم الخاطئة عن الاسلام والمسلمين وتقديم الصورة الصحيحة حول كل ما يثار حول موقف الاسلام من حقوق الانسان، ومن المرأة، ومن الجرائم التي تستهدف الافراد والمجتمعات ومن قضايا التطرف والارهاب، وبيان عدالة الاسلام في كل ذلك.

وكان الملتقى الثقافي قد عقد في سراييفو بمناسبة افتتاح جامع ومركز الاميرة الجوهرة بنت ابراهيم البراهيم في بوغوينو وسط البوسنة. والقيت في هذا الملتقى عدد من المحاضرات شارك فيها نخبة من العلماء والدعاة واساتذة الجامعات. وكان المتلقى قد ناقش مجموعة من القضايا الاسلامية منها الوحدة الاسلامية ضرورتها واسسها واثارها وبناء الانسان وفقه التاريخ من المبادئ التي تعين على وحدة المسلمين، والاولويات في اجتماع كلمة المسلمين وتعاونهم، والسوق الاسلامية المشتركة في اطار فكرة الوحدة الاسلامية.

ومن التوصيات التي اصدرها الملتقى في بيانه الختامي، توجيه العاملين في حقل الدعوة الاسلامية لتحقيق وحدة العمل الاسلامي في المناهج والمقاصد والاساليب الحسنة واقتفاء منهاج النبي صلى الله عليه وسلم في كل ذلك «قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين»، «وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله»، وأوصى بالتمسك بالأسلوب المعتدل الحكيم «أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة وجادلهم بالتي هي أحسن» كما اوصى الملتقى بالتنسيق والتعاون بين قيادات العمل الاسلامي والمراكز والجمعيات الاسلامية في خدمة الدعوة الاسلامية وتنفيذ برامجها على هدى من كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعداون» مؤكدا ان وحدة العمل الاسلامي وتعاون قياداته صورة من صور وحدة الأمة وضرورة من ضروراتها على طريق تحقيق الخير «كنت خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله». وحول المهمة الحضارية للمراكز الاسلامية، اوصى الملتقى المؤسسات والمراكز الثقافية بمراعاة واقع الانسان في هذا العصر وتكثيف البرامج الثقافية التي تسهم في تنمية معارف المسلمين الثقافية والعلمية وتعينهم على المحافظة على هويتهم الاسلامية لا سيما الذين يعيشون منهم بين الشعوب الاخرى، حيث تتزاحم التيارات والافكار المضادة التي تكاثرت في عصر العولمة. واكد الملتقى ان من ابرز مهام المؤسسات والمراكز الاسلامية نشر القيم الاخلاقية الاسلامية في انحاء العالم لما فيه مصلحة الشعوب، وان نشر هذه القيم من مقاصد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم. واكد ان المجتمعات الانسانية بحاجة لقيم الاسلام الخلقية في هذا الزمن الذي باتت فيه الاخلاق مهددة بالزوال نتيجة للصراع بين المثل العليا والتطور المادي الذي انصرف الى تنمية مهارات الانسان التقنية على حساب التوجيهات التي نزلت بها الكتب السماوية وبعثت بها الرسل عليهم الصلاة والسلام. ودعا المسلمين الى تنمية قدرات المراكز الاسلامية وتحويلها الى مؤسسات حضارية يتواصل المسلمون من خلالها مع غيرهم في حوار حضاري ينقل مبادئ الاسلام في المحبة والسلم والعدالة والتسامح ومنع الحروب ومحاربة اشكال الزور والموبقات. واكد دعوة البشرية للرجوع إلى الفضيلة وتسخير العلم لخدمة الانسان واسعاده، وان ذلك من قواعد الاسلام الذي جاء لحماية الانسان في دينه ونفسه وماله وعرضه وعقله. كما تدارس الملتقى الجهود المبذولة من قبل المؤسسات والمراكز الاسلامية في مختلف انحاء العالم، وضرورة تنسيق الجهود وتكاملها والتعاون بينها. ونظرا لجهود رابطة العالم الاسلامي في هذا المجال وخبرتها المتميزة فان الملتقى يتوجه الى الرابطة بان تقوم بهذه المهمة وتدرس مع قيادات هذه المراكز الوسائل والآليات المناسبة لتحقيق هذا التنسيق سائلين الله لها العون والتوفيق، مؤكدا ضرورة ان تقدم الرابطة مقترحا منهجيا لوزارات التعليم والتربية في العالم الاسلامي ويكون المنهج مختصا ببيان اسس التربية الاسلامية في تنشئة الشخصية الاسلامية السوية ووضع مناهج متكاملة تقدم للمؤسسات التعليمية في العالم الاسلامي وعلى الاخص الاقليات المسلمة ليكون عونا لها على اداء رسالتها التربوية. ودعا الملتقى العاملين في المؤسسات الاسلامية الى ابراز معاني التعاون الانساني وفق ما قررها الاسلام وبين ان ادانة كل اشكال التمييز العنصري والقومي واللوني بين البشر قاعدة اساسية من قواعد الشريعة الاسلامية لقوله صلى الله عليه وسلم «يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد لا فضل لعربي على عجمي ولا عجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى». وأوصى الملتقى المؤسسات والمراكز الاسلامية ببذل الامكانات للتعريف بعالمية الاسلام، «وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا». وأكد الملتقى وجوب السير وفق المنهاج الذي سار عليه السلف الصالح من الصحاب والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين، فهم من تلقى الوحي من الرسول صلى الله عليه وسلم وبلغتهم تنزلت الرسالة وهم الجيل الاول الذي طبق هذا الدين في عقيدته وشريعته وعليه سارت هذه الامة خلفا بعد سلف وجيلا بعد جيل ولم يزغ او يزل عن هذا الطريق الا اهل الاهواء والضلال. وحول العناية بالاسرة والطفل في البوسنة اكد الملتقى اهمية مكانة المرأة المسلمة في بناء الفرد والأسرة والمجتمع المسلم عبر التاريخ، فقد دعا الملتقى الى العناية بالمرأة المسلمة في البوسنة والهرسك وبلاد البلقان بعامة وطلب الى المراكز الاسلامية تكوين لجان نسوية اسلامية وتنشيط العمل الثقافي بين النساء البوسنيات لايقاظ الروح الاسلامية في نفوسهن وتعليم الفتيات مبادئ الفقه الاسلامي المتعلقة بالعبادات والمعاملات والحجاب الاسلامي. واوصى الملتقى المراكز الاسلامية في البوسنة ان تسعى لانشاء المزيد من المدارس الاسلامية التربوية بما في ذلك رياض الاطفال لتدريب ابناء المسلمين منذ نعومة اظافرهم على الحياة الاسلامية وربط الاجيال الصاعدة بدين الاسلام. كما اوصى الملتقى بتقديم المعونات التي تحتاج اليها الجمعيات النسوية الثقافية والاسلامية بما يمكنها من تنشيط مهامها في توعية الاسر المسلمة وربط الفتيات المسلمات الناشئات بمناشطها الاجتماعية المفيدة. ودعا الملتقى المسلمين في انحاء العالم للتبرع للجان المرأة والجمعيات الاسلامية النسوية في البوسنة والهرسك ومساعدتها في اعداد المناهج والبرامج التي تسهم في تحقيق الاهداف الاسلامية في المجتمع النسوي. وفي ختام الملتقى وجه الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الامين العام لرابطة العالم الاسلامي شكره وتقديره للعلماء والدعاة والاكاديمين الذين شاركوا في الملتقى، كما شكر حكومة البوسنة والهرسك والعلماء والدعاة العاملين فيها وعلى رأسهم الدكتور مصطفى تسيريتش رئيس العلماء في البوسنة والهرسك.

وقال الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الامين العام لرابطة العالم الاسلامي وعضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية لـ«الشرق الأوسط» : تم والحمد لله افتتاح جامع ومركز الاميرة الجوهرة بنت ابراهيم البراهيم حرم خادم الحرمين الشربفين وكان مظهرا اسلاميا في مدينة بوغوينو بالبوسنة والهرسك لم تشهد له المدينة مثيلا من قبل، حيث توافد المسلمون من مختلف مناطق البوسنة والهرسك وملأوا ساحات المسجد والمركز والشوارع المحيطة به يحملون اعلام المملكة العربية السعودية، ويقدر عددهم بما لا يقل عن 50 الف شخص، واستمر حضورهم ضحى يوم الجمعة الى صلاة المغرب. واقيم حفل الافتتاح في القاعة المخصصة للمؤتمرات والندوات في المركز نفسه، وشاركت فيه كل الفعاليات الاسلامية والحكومية والوطنية في البوسنة والهرسك ومن مختلف دول البلقان واوروبا وممثلون للدول والمنظمات الاسلامية. واضاف: ان هذا الاهتمام العظيم يعطينا دلالتين: الاولى: تطلع المسلمين وحرصهم الشديد على ايجاد مؤسسات ومراكز ثقافية اسلامية تقوي فيهم الانتماء الى الدين الاسلامي وتتيح لهم فرصة للتزود من علومه ونشر مبادئه. والدلالة الثانية: ان هذه المراكز والمساجد في هذه الدول التي يعيش فيها غير المسلمين مع المسلمين تعتبر الصورة الحقيقية لحضارة الاسلام وقيمه التي ينبغي ان تعرف اصحاب الديانات الاخرى والثقافات الاخرى بهذا الدين وتكامله في النظرة الى الكون والانسان والحياة وتعامله مع الاحداث التي تجد وما يقدمه للانسانية من قيم تشتد الحاجة اليها في عصر التطورات المادية وتزاحم المعلومات وضغط الثقافة الغربية التي لا تنطلق من هدي الله ورسالته للانسان. ثم ان هذه المراكز والمساجد تؤكد تضامن المسلمين ووحدتهم وقيام المملكة العربية السعودية بواجبها الاسلامي في هذه الظروف الصعبة التي يعيش فيها المسلمون، فما فتئ خادم الحرمين الشريفين وولي العهد وأهل الخير في بناء المساجد، ويقيمون المراكز ويتنافسون في ميدان الدعوة الى الله في مختلف انحاء الدنيا، وهذا ما يذكرنا بانطلاق المسلمين الاوائل وحملهم رسالة الاسلام في الجزيرة العربية الى مختلف انحاء الدنيا.

وقال: يهمني ان اؤكد بهذه المناسبة على اهمية استفادة المسلمين من هذه المراكز والمساجد وتقديم البرامج الافضل لهم في مجال التربية والتعليم والتثقيف والتوجيه الديني وربط اسرهم بها.

واوضح: ان هذا ما تفكر فيه الرابطة تفكيرا جديا، حيث تتدارس مع عدد من المختصين واصحاب التجربة لوضع المناهج والخطط التي ينبغي ان تنفذها هذه المراكز وان تتم من خلالها.