أعلنت مصادر أمنية اميركية ان مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف. بي. آي)، يحقق الآن مع بعض المعتقلين الذين اعتقلوا في اطار التحقيقات في تفجيرات نيويورك وواشنطن الاسبوع الماضي، ويحاول تحديد ما اذا كان بعضهم يخطط لاختطاف طائرات اخرى وفشل في ذلك لهذا السبب او ذاك.
ويركز التحقيق حالياً على خمسة افراد اعتقلوا جميعاً تحت ظروف تقول السلطات انها مشبوهة. وهناك في كل حالة اوجه شبه مع الهجمات التي يقول «إف. بي. آي» انها ارتكبت من قبل 19 شخصاً اختطفوا اربع طائرات. واعتقل اثنان منهم في قطار بتكساس، وكانا يحملان مشارط لقطع الورق المقوى تشبه تلك التي استخدمها الخاطفون. آخر كان يحمل سترة طيار وبعض الصور المريبة. الرابع حاول اختراق حاجز الأمن بمطار جون كينيدي الدولي الخميس الماضي، وهو يحمل رخصة طيار داخل جوربه.
الرجل الخامس، حبيب زكريا موساوي، ظل محجوزاً لدى سلطات الهجرة منذ 17 اغسطس (آب) بعد ان حاول مراراً الانخراط في اكاديمية طيران بمينيسوتا للتدريب على قيادة الطائرات التجارية. وذلك رغم افتقاره للخبرة او المهارة. ويقال انه كان مهتماً فقط بالاقلاع والتحكم وليس بالهبوط.
ويقول المسؤولون ان تحقيقاتهم ما تزال في مراحلها المبكرة، وليس واضحاً لهم ما اذا كان المعتقلون قد لعبوا ادواراً في هذه الاحداث. ولكن ضباط «إف. بي. آي»، يقولون انهم لا يستبعدون اي احتمال، وان بعض الملابسات المحيطة بالمعتقلين تبعث على القلق.
وقال احد كبار المسؤولين الحكوميين: «نحن نخصص موارد ضخمة لهذا السؤال تحديداً: هل هناك جوانب اخرى لهذا المخطط؟».
وصرح روبرت بلتزر، خبير مكافحة التجسس السابق في «إف. بي. آي» ان قضية ما اذا كانت هناك هجمات اخرى تم التخطيط لها ستكون اساسية بالنسبة لأي تحقيق كالذي يتم حالياً. وأضاف «يبدو ان هناك فريقاً او فريقين يفكران في اهداف اخرى. هذا لا يثير دهشتي مطلقاً. اربعة فرق نجحت، ربما لم ينجح اثنان.. هذه نسبة كبيرة جداً».
وبعد انقضاء الاسبوع الاول لأكبر تحقيق جنائي في تاريخ الولايات المتحدة، اعلنت السلطات الاثنين الماضي ان 49 شخصاً اعتقلوا متهمين بخروقات لقوانين الهجرة. واعتقل آخرون بمقتضى اوامر اعتقال اصدرتها المحاكم باعتبارهم شهود اثبات.
وقال احد ضباط الشرطة بنيوجيرسي ان المحققين ينطلقون من افتراض ان الرجلين اللذين تم اعتقالهما وبحوزتهما المشارط، بولاية تكساس، وهما ايوب علي خان، ومحمد جاويد ازمات، كانا ينويان اختطاف طائرة اخرى. وقد احضر الاثنان الى نيويورك للتحقيق مع انهما اعطيا عناوين بنيوجيرسي.
ويهتم محققو «إف. بي. آي»، وممثلو الادعاء من وزارة العدل، على وجه الخصوص، باكتشاف ما اذا كانت هناك عمليات اختطاف اخرى كان مقرراً تنفيذها في 11 سبتمبر (ايلول) الحالي بعد ذلك بعدة ايام، وما اذا كان مثل هذا الخطر ما يزال موجوداً. وقال المدعي العام، جون آشكروفت، «زملاء المختطفين الذين ربما تكون لهم علاقات بالمنظمات الارهابية ربما لا يزالون موجودين بالولايات المتحدة». وأضاف مصدر آخر «نحن نحاول تحديد من هم المساعدون، وماذا كانت ادوارهم في الهجوم، وحتى اذا كانت لديهم مشارط وغيرها، فان هذا لا يجعلهم مذنبين. ولكنه دلالة قوية على احتياطهم بالهجمات».
وصرح نائب الرئيس، ريتشارد تشيني، الاحد الماضي بأن التقارير الاولية تشير الى ان ست طائرات ربما كانت مرشحة للخطف. وقال ان المسؤولين لا يعرفون حتى الآن ما اذا كانت هناك طائرات خطط لاختطافها بخلاف الأربع المعروفة.
وقال تشيني «لا اعتقد اننا، قبل ان نكمل تحقيقاتنا ونفحص كل الروابط والعلاقات، نستطيع ان نقول انه لم تكن هناك خطط لاختطاف طائرات اخرى».
الرجل الذي يحظى باهتمام خاص من السلطات هو موساوي (33 سنة) الذي تعرفت عليه السلطات الفرنسية كواحد من اتباع اسامة بن لادن، المتهم الاساسي في هذه الهجمات التي ربما قتلت اكثر من 5000 شخص.
اعتقل موساوي في 17 اغسطس (آب) لدخوله الولايات المتحدة بطريقة غير مشروعة. وقد اشتبه فيه الشرطي جيم موردال، لأنه كان يحاول الحصول على تدريب على قيادة طائرات الركاب مع انه لم يكن يملك سوى رخصة طالب. حاول موساوي من قبل الحصول على رخصة طيار بمدرسة طيران في نورمان، بأوكلاهوما، ولكنه تخلى عن البرنامج فجأة في مايو (ايار)، عندما عبر مسؤولو المدرسة عن قلقهم بشأن افتقاره للمهارة.
وقال ديل ديفيس، مدير العمليات بمدرسة ايرمان للطيران بنورمان، ان مدرسته تسمح للطلاب المهرة بالطيران منفردين بعد ان يكونوا قد قضوا 38 ساعة طيران تحت التدريب. واضاف ديفيس، ان موساوي لم يكن قادراً على الطيران المنفرد حتى بعد ان تلقى 57 ساعة تحت التدريب. وتابع «قلت له: ان القلق ينتابني حول مهارته في الطيران».
وقال ديفيس ان المدرسة وافقت على تمويله للحصول على تأشيرة لدخول البلاد بعد ان يدفع مبلغاً للمدرسة سلفاً كجزء من رسوم التدريب لكنه استطاع الحصول على تأشيرة بمساعدة من السفارة الفرنسية بلندن، ودخل البلاد بجواز فرنسي.
وقال ديفيس ان موساوي اتصل بايرمان عن طريق البريد الالكتروني من لندن قبل عام، مستفسراً عن دورة الطيران الاحترافي التي تكلف 20.000 دولار. وبعد ذلك خفض الكورس الى الطيران الخاص الذي يكلف اقل. وقد التحق يوم 26 فبراير (شباط) ونزل بالقسم الداخلي للمدرسة لعدة ايام قبل ان يستأجر شقة بالمدينة.
وقال ديفيس ان موساوي كان يمكن ان يستمر في البرنامج، ولكن مزيداً من التدريب كان سيكلفه اموالاً اضافية، اكثر من الـ5000 دولار التي دفعها من قبل، ولذلك ترك التدريب.
اما ازمات وعلي خان فقد اعتقلا الاربعاء الماضي على قطار «أمتراك» بفورت ويرث في تكساس وكانا يحملان 5000 دولار نقداً، صبغة شعر، ونفس نوع المشارط التي قيل انها كانت بحوزة الخاطفين يوم 11 سبتمبر (ايلول). هذان الرجلان استقلا طائرة من نيويورك الى سان انتونيو حوالي نفس الوقت الذي حدثت فيه الاختطافات. وقد اجبرت طائرتهما على الهبوط في سانت لويس، عندما تم انزال كل الطائرات بعد الهجوم. بعد يومين من التحقيقات بتكساس، تم ترحيلهما شرقاً لمزيد من الاستجواب من قبل «إف. بي. آي» والشرطة ولتفتيش الشقة التي كان يسكنها الرجلان وتقع في نفس الحي الذي كان يقطنه بعض المتآمرين الذين خططوا لنسف مركز التجارة العالمي عام 1993.
ويقبع رهن الاعتقال ايضا رجل لم تكشف هويته، اعتقلته سلطات الهجرة الكندية بتورونتو في 11 سبتمبر (ايلول)، بعد ان غيّرت طائرته مسارها قبل ان يصل الى غايته المجهولة بالولايات المتحدة. وقالت الشرطة الكندية انه ضبطت بحوزة الرجل «مواد مثيرة للاهتمام، بما في ذلك الصور وبدلة طيران»، وهو الآن بنيويورك يخضع للتحقيق.
* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»