امام الجنود المسلمين في البنتاغون يتحدث عن أوضاعهم بعد التفجير

TT

شعر عبد الرشيد محمد، رجل الدين الاسلامي الوحيد في موقع ضربة البنتاغون، بالعيون وهي تحملق فيه عندما شرع في اداء الصلاة، مرتلاً آيات من القرآن ومتجهاً نحو الكعبة، ساجداً وراكعاً على نفس الارض التي زلزلها الانفجار قبل عدة ايام، عندما هاجمها اصوليون متهمون بالارهاب. وعبر الى الموقع الذي يقف عليه محمد، خمسة او يزيد من موظفي البنتاغون، وهم يواجهون النظرات ذاتها، وانضموا اليه في الصلاة ترحماً على 189 شخصاً يفترض انهم توفوا في الهجوم.

ومن على منبر اقيم للتو ـ (بعض صناديق غطيت بملاءة بيضاء) قرأ محمد آيات من القرآن تشير الى انتصار الخير على الشر. بعدها قال محمد، بصوته الناعم ووجهه المعبر، وهو يضع هلالاً على ياقة قميصه العسكري: «هناك قوة هائلة من الصلاة. انها مصدر للراحة».

ولكن ديانة محمد تجعله متميزاً. فوسط هؤلاء العسكريين الذين يعدون انفسهم للحرب ضد متهمين بالارهاب يدعون انهم يمثلون دينه، يجعله اسلامه غريباً وسطهم.

قال امس اثناء فترة استراحة: «كان هناك ضابط يراقبنا اثناء الصلاة، لاسباب امنية. وقد شعرت بالراحة من جراء ذلك، ليس لأنني كنت اتوقع شيئاً محدداً، ولكن طلقة واحدة كفيلة بأن تقتلك».

ولكن محمد (48 سنة)، قال انه لم يلاحظ شيئاً آخر غير تلك النظرات الطويلة التي توجه اليه وهو يؤدي صلاته ويحاول مواساة الجراح التي خلفها الهجوم على رئاسته العسكرية. وهو يخشى من هجوم معتاد على المسلمين، بحيث اصر على زوجته منذ الاسبوع الماضي الا تخرج الا في صحبة ابنهما القوي البنية. ولكنه ما يزال مندهشاً في محيطه العسكري، من روح القبول العام التي يشعر بها.

وقال متذكراً جلسة عزاء جمعته مع بعض العاملين في مجال الامن بالموقع: «كنت اتساءل هل سيرضى هؤلاء الناس بالتحدث معي، ام انهم سيكتشفون فجأة انهم يجب ان يذهبوا لاداء مهمة ما؟ ولكنهم كانوا مستعدين لتبادل الحديث وكانوا صادقين في ذلك. واذا كانت لديهم افكار حولي، مخالفة لما اتمناه، فانهم لم يكشفوا عنها. الحدود بين الاديان صارت باهتة في موقع الحادث». واضاف انه نادراً ما قدم خدمات العزاء النفسي للمصدومين من المسلمين، بل كان هو والعديدون من رجال الاديان الاخرى يقدمون خدماتهم لمن يحتاج اليها بصرف النظر عن دينه. «كان الجنود يبحثون عن الهداية الروحية مباشرة، ويفرغون صدورهم مما يثقلها ويتحدثون عن الصور التي تطاردهم قبل ان يعودوا لجمع الجثث».

احد الجنود حدث محمد عن عثوره على امرأة ما تزال تجلس على مكتبها، يداها تحميان وجهها، وهي مستمرة في وضع الجلوس وقد فحمتها كرة مندفعة من النيران اودت بحياتها. ويتحدث كثيرون عن رائحة الوقود التي تنفذ الى عظامهم كما نفذت في كل مسام المبنى.

ولكن رجل الدين، وهو واحد من 12 فقط من رجال الدين المسلمين في كل الجيش الاميركي، يهتم كذلك بالحالة الروحية للمسلمين في القوات المسلحة، خاصة ان اعدادهم زادت كثيراً في كل الاسلحة. ويقول المسلمون ان اعدادهم في القوات المسلحة وصلت الى 15 ألفا، ولكن التقدير الرسمي لا يتعدى 4100.

اثناء وردياته من ساعتين، يعطر محمد نفسه بالعطور الاسلامية ـ التي توجد بالمساجد ـ ويستخدم بوصلته العسكرية في تحديد موقع مكة المكرمة. وعندما يكون بالميدان يبسط سجادته ذات الالوان العسكرية ليؤدي الصلاة عدة مرات في اليوم. وبين زياراته الى البنتاغون يعمل محمد بمركز والتر ريد الطبي بواشنطن ويقدم خدماته لكبار السن من المسلمين.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»