كارثة نيويورك وواشنطن توقظ المشاعر الطيبة للإيرانيين تجاه الشعب الأميركي

TT

لم يتمكن رئيس ادارة المطافئ في العاصمة الايرانية، الذي غلبته المشاعر، من الجلوس وراء مكتبه.

وقال محمد بيات «اريد القول لزملائنا في الولايات المتحدة انه بالرغم من اننا نوجد بعيدا عنهم وربما لم نعرف تماما ما شهدوه فإننا نشعر بما يشعرون به، لفقدان زملائهم في محطات الاطفاء. نود ان نعزي اسر رجال اطفاء الحرائق في نيويورك ونقول لاطفالهم: يجب ان تفتخروا طوال حياتكم لان لكم مثل هؤلاء الاباء الشجعان».

وفي كل انحاء ايران يوجد اشخاص مثل بيات، يحملون مشاعر التعاطف، والرغبة في مساعدة ضحايا الكارثة. وبالرغم من مرور عقدين من الزمان على الثورة المعادية للولايات المتحدة، فإن المأساة الذي وقعت في الاسبوع الماضي ايقظت مشاعر الاعجاب بالولايات المتحدة لدى العديد من الايرانيين. وقد دفعت المشاعر الطيبة عمدة طهران الى ارسال رسالة عزاء الى عمدة مدينة نيويورك رودولف جولياني. ويتساءل العديد من الايرانيين عما اذا كانت تلك المشاعر ستتطور الى اعادة الاتصال الدبلوماسي.

وذكر داود هيرميداس ـ بافند، استاذ القانون الدولي في جامعة العلامة طباطبائي في طهران «لقد جعل هذا الحدث جميع الاطراف تفكر مرة اخرى بخصوص سياستها. اية اتصالات بين الدولتين الان ستؤدي طبيعيا الى اعتدال في توجهاتهما تجاه بعضهما الاخر في المستقبل».

وهذا التقارب غير المتوقع بين ايران والولايات المتحدة جاء بسبب العداء المشترك نظام طالبان في افغانستان.

وبالرغم من هذه المصالح المشتركة، فانه حتى الاصلاحيون، والشخصيات الايرانية التي تلقت تعليمها في الغرب، تحذر من انه من غير المرجح ان تصير ايران جزءاً من التحالف المعادي للارهاب الذي يحاول وزير الخارجية الاميركي كولن باول تشكيله.

والامر المرجح هو ان ايران ستعلن حيادها، كما فعلت في حرب الخليج، طبقا لتقديرات المحللين الايرانيين.

وقال سعيد ليلاز، وهو صحافي اصلاحي ومحلل اقتصادي: ان هذه المأساة هي خطوة نحو اتصالات مباشرة بين البلدين، ولكنها لن تكون وحدها كافية لاقامة علاقات بين طهران وواشنطن لان الافتقاد الى الثقة اعمق من ذلك بكثير. ان لكل من البلدين «لوبي» قويا داخل قيادتهما يعتقد بقاؤه على تأكيد عدواة الطرف الاخر. وتدعم هذا المفهوم تصريحات مرشد الجمهورية اية الله علي خامنئي في اول تعليقاته على الهجوم. اذا ذكر «ان الاسلام يدين قتل الابرياء، سواء من المسلمين او المسيحيين او غيرهم، في اي مكان وبأي وسيلة. وانطلاقا من هذا المبدأ فإن ايران تدين الهجوم على افغانستان الذي يمكن ان يؤدي الى كارثة انسانية اخرى».

الجدير بالذكر ان ايران تشعر بالقلق من انتقال اثار الصراع الى اراضيها، حيث يتوقع ان يتدفق اللاجئون من افغانستان عبر الحدود المشتركة. ويوجد حاليا 1.5 مليون لاجئ افغاني في ايران.

ويبدي الايرانيون الان اهتماما كبيرا بالاشخاص الذين قتلوا وعانوا في العملية الارهابية في الولايات المتحدة. وبالنسبة لرجال الاطفاء في طهران الذين راقبوا الاحداث على شاشات التلفزيون كان الامر اكثر صعوبة.

وقال بيات «ان العديد من الرجال هنا يريدون القيام بشيء. لقد تلقينا العديد من الطلبات من اشخاص يطلبون السفر لنيويورك للعمل مع رجال الاطفاء هناك. وعندما شاهدت اول الصور علمت كرجل اطفاء، ان زملاء سيتوجهون الى مركز التجارة العالمي. ثم ظهرت مشاهد يجري فيها الناس بعيدا عن موقع الحادث، كنا نعلم ان رجال الاطفاء سيذهبون في الاتجاه المعاكس نحو البرجين».

* خدمة «نيوز داي»ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»