إجراءات أوروبية لمكافحة الإرهاب تشمل قائمة سوداء موحدة بالمشتبه فيهم ومراقبة حركة الأموال

القمة الأوروبية تقر غدا قواعد إقامة وإبعاد موحدة واعتقال أي شخص ارتكب جريمة في دولة عضو

TT

يعقد زعماء الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي وعددهم 15 دولة مؤتمر قمة في بروكسل غدا لاقرار مجموعة من الاجراءات الجديدة لمكافحة الارهاب.

وكان قرار عقد القمة قد اتخذ بعد ثلاثة ايام من الهجوم على نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر (ايلول). وستحدد الاستعدادات النهائية للقمة اليوم في اجتماع لوزراء الداخلية ورؤساء اجهزة الامن من الدول الاعضاء.

هل هذا مجرد فصل آخر في الباليه الدبلوماسي الذي بدأ في الاسبوع الماضي لاظهار التضامن مع الولايات المتحدة؟

لويس ميشيل وزير خارجية بلجيكا ذكر «كنا في البداية مترددين في عقد مثل هذه القمة. كنا نشعر بالقلق من ان اجتماعات على هذا المستوى يمكن ان تعطي اشارة خطأ اذا انتهت بدون نتائج محددة». وقال ميشل انه يتوقع الان التوصل الى نتائج محددة. الا ان السؤال هو: ماذا؟

ففي عام 1996خصص اجتماع قمة دول مجموعة السبع في ليون بفرنسا جلسة كاملة لمكافحة الارهاب الدولي. وتم اتخاذ 41 اجراء وتشكيل وحدة تنسيق خاصة للاشراف على تطبيقها.

وبعد خمس سنوات لم تطبق اي من هذه الاجراءات وتم حل هذه الوحدة.

وقد اعقب ما حدث في ليون ما اطلق عليه مؤتمر قمة مكافحة الارهاب في شرم الشيخ في مصر، الذي اقر هو الآخر مجموعة من الاجراءات الكثير منها مثل التي تم اتخاذها في ليون.

ولم يحدث شيء ايضا.

الا ان ميشيل يؤكد «هذه المرة الامر مختلف».

واحد الاسباب هو ان العمليات الاخيرة في نيويورك وواشنطن قد ادت الى تحقيق درجة لم يسبق لها مثيل من الدعم الشعبي، ليس فقط في الغرب ولكن في جميع انحاء العالم، من اجل التحرك ضد الارهاب.

ولكن ربما كانت اهداف مؤتمر بروكسل، طموحة اكثر من اللازم.

فهدف القمة بتشكيل «مجال عدالة اوروبي واحد» تعني ان اي شخص يرتكب جريمة في اي مكان في دولة من دول الاتحاد الاوروبي ستقبض عليه شرطة اي من الدول الاعضاء وتقدمه للمحاكمة. ويعني ذلك ان الاجراءات الحالية الخاصة بتبادل المجرمين ستختفي.

وتجدر الاشار ان دول الاتحاد الاوروبي وقعت في عام 1996 اتفاقية لتسليم المجرمين في التهم الارهابية، ولكنها لم تطبق علي وجه الاطلاق. بل ان برلمانات بعض الدول لم تقر الاتفاق. كما ان الولايات المتحدة وكندا رفضت الانضمام الى الاتفاق مما جعله اقل مصداقية.

هناك الآن حوالي 70 جزائريا على الاقل يعيشون في بريطانيا سيلقى القبض عليهم بمجرد دخولهم الاراضي الفرنسية. ومع ذلك فإن بريطانيا رفضت السماح للسلطات الفرنسية بالتحقيق مع هؤلاء. وبموجب القواعد الجديدة سيسمح للشرطة البريطانية بإلقاء القبض عليهم وتسليمهم الى فرنسا دون أي تأخير او، على الاقل، السماح للشرطة الفرنسية باستجوابهم.

تحت الدراسة كذلك توحيد قواعد الاقامة بالنسبة للمشتبه في تورطهم في نشاطات ارهابية، اذ ان هناك مئات الافراد الذين جرى ابعادهم من احدى الدول بشبهة الارتباط بالارهاب لكنهم حصلوا على اذن بالاقامة في دولة اخرى. الكثير من هؤلاء لم يرتكب اي فعل مخالف للقانون في الدول التي يقيمون فيها لكنهم لم يتوقفوا عن دعم وحتى قيادة عمليات ارهابية في دول اخرى تابعة للاتحاد الاوروبي.

حركة الاموال من الاجراءات الرئيسية الاخرى التي تعتزم الجهات المعنية المصادقة عليها، اذ سيطلب من المصارف الاوروبية اعتبارا من ابريل (نسيان) المقبل ابلاغ الخزانة عن حركة بعض الاموال لتقوم الخزانة بدورها بإبلاغ الآخرين داخل الاتحاد. ثمة اجراء آخر يتعلق بتأشيرات الدخول، فمن المتوقع اعداد «قائمة سوداء» يمنع بموجبها الاشخاص الذين رفضت احدى دول الاتحاد منحهم تأشيرات دخول من الحصول على تأشيرة دخول من أي من الدول الاخرى. هذا الاجراء معمول به حاليا من جانب الدول الموقعة على اتفاق «شينغين» الخاص بالحدود المفتوحة. الجدير بالذكر ان بنود اتفاقيات «شينغين» نفسها ستعلق لفترة عدة أشهر توطئة لعملية تعتزم الدول الاوروبية من خلالها «ازالة» بعض الخلايا الارهابية، كما ان نقاط التفتيش الحدودية ستستأنف عملها في بعض الدول الموقعة على الاتفاقية خلال الايام القليلة المقبلة.

الأمر الاكثر اهمية هو ان القمة ستقرر بشأن ايجاد تصنيف جديد للمعلومات السرية ذات الصلة بالارهاب، فهذه المعلومات ستكون تلقائيا متوفرة لاجهزة الامن في الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي. هذه المعلومات في الوقت الراهن مصنفة كونها جزاء من الاستخبارات العسكرية ولا يمكن الافصاح عنها من دون مصادقة كبار الوزراء وبموجب قواعد معقدة. انشئت عقب قمة ليون وحدة شرطة اوروبية خاصة لمكافحة الارهاب بالتعاون مع الانتربول. هذه الوحدة اهملت بسرعة، وهي مكونة الآن من 115 فردا بمن في ذلك السكرتيرات والسائقين وعاملات النظافة، كما ان بالوحدة ستة مخبرين فقط مدربين على عمليات مكافحة الارهاب لخدمة 15 دولة يسكنها ما يزيد على 300 مليون شخص. من المتوقع ان تلقي قمة الجمعة نظرة جديدة على الوحدة المذكورة بغرض تحويلها الى نواة لقوة أكبر وأكثر تنظيما لمكافحة الارهاب واشكال الجريمة المنظمة. ويبقى تحديد تعريف للارهاب من اولى المهام امام قمة يوم الجمعة. ثمة تعريف مشترك توصلت اليه قمة ليون، غير ان النظم القضائية لم تتبنه، ونتيجة لذلك فإن ما يعتبره قانون واحدة من الدول الاوروبية ارهابا ربما يعتبره قانون دولة اخرى في القارة «عنفا مسلحا». وبمجرد التوصل الى اتفاق حول تعريف محدد وتطوير اطار قانوني جديد للتعامل مع الارهاب، يمكن طرح المشروع برمته اما منظمة الامم المتحدة لتتبناه كميثاق دولي، اذ سيمكن ذلك كل الدول الاعضاء في الامم المتحدة من الانضمام اليه مما يجعل من الارهاب جريمة دولية يجب ان تحاربها كل الحكومات.

ستتبع قمة بروكسل سلسلة من اللقاءات الوزارية المخصصة للتوصل الى الإجراءات العملية اللازمة لتطبيق القرارات. سيلتقي وزاراء المواصلات يوم الاحد في ليج ببلجيكا يعقبه لقاء لوزراء المالية في اليوم التالي. وفي وقت لاحق من هذا الشهر سيلتقي وزراء الدفاع لمناقشة الجوانب العسكرية الأوسع لقرارات بروكسل.

وربما يعين الاتحاد الاوروبي بنهاية العام مسؤولا كبيرا لقيادة عمليات مكافحة الارهاب، اذ ذكر في هذا الشأن اسم وزير الدفاع الفرنسي السابق بول كيلي كمرشح محتمل لهذا المنصب.