رداً على مطلب المخابرات الاميركية بتقديم ما يتوفر لديها من معلومات عن منفذي التفجيرات في نيويورك وواشنطن، الاسبوع الماضي، تحاول المخابرات الاسرائيلية توريط حزب الله اللبناني في صلة ما بهذه التفجيرات.
فقد ذكرت المخابرات انها تجري التحقيقات حول اذا ما كان عماد مغنية، المعروف بأنه احد ابرز المسؤولين العسكريين في حزب الله، على علاقة بهذه التفجيرات أم لا. وقالت ان الاميركيين كانوا قد اشاروا في الماضي الى ان مغينة ذو علاقات واضحة مع اسامة بن لادن المتهم الرئيسي في تفجيرات نيويورك. والمخابرات الاسرائيلية من جهتها تحاول التدقيق الآن في هذه العلاقات، تاريخها، نوعيتها، تطورها، وان كانت تشتمل على تقاطع نشاط مع منظمات وأوساط اخرى، لها علاقات مع بن لادن، او بالعلاقات المباشرة معه.
وكانت المخابرات الاميركية توجهت الى نظيرتها الاسرائيلية، وغيرها من اجهزة المخابرات في عدد من الدول في العالم، لتمنحها ما يتوفر لديها من معلومات حول خاطفي الطائرات الاميركية الأربع، الذين فجروها في 11 سبتمبر (ايلول) الحالي في نيويورك وواشنطن. وطلبت معلومات اسرائيلية بشكل خاص حول المدعو محمد عطا، الذي اشيع انه من مدينة طولكرم في الضفة الغربية. اذ ان الاحتلال الاسرائيلي كان قد داهم المدينة سنة 1967، عندما كان عطا لا يزال طفلا عمره سنة واحدة. والمفروض انه نما وترعرع في ظل الاحتلال الاسرائيلي، ولا بد ان يكون له سجل في اروقته. لكن المخابرات الاسرائيلية لم تعثر له على اسم لديها. وأحالت الاميركيين الى البحث عن طبيعة نشاطه وغيره من الانتحاريين الـ19، في الفترة التي كانوا (او كان بعضهم) يعيشون خلالها في لبنان. وهنا ايضا تحاول توريط حزب الله بالذات وغيره من أطراف المقاومة اللبنانية، المعروفة بعلاقاتها الجيدة مع الحكومة والرئاسة اللبنانية ومع سورية.
جدير بالذكر ان المخابرات الاسرائيلية كانت قد تطوعت منذ اللحظة الاولى للتفجيرات بأن تقدم خدماتها للأميركيين. وفعلت ذلك في ظل اجواء تبجح واضحة، بروح: «الآن سيأتون جميعا الينا ليتعلموا منا الدروس كيف تتم مكافحة الارهاب» و«في اسرائيل لا يمكن ان ينجح الارهابيون في تنفيذ عمليات كهذه».
من جهة ثانية، تنكب اجهزة المخابرات العامة «الشاباك» والموساد والاستخبارات العسكرية، على قراءة التطورات المتلاحقة بعد التفجيرات الاميركية لمعرفة كيف ستعالج الولايات المتحدة هذه الأزمة وكيف سترد على التفجيرات وكيف سيكون الرد على الرد. وحسب مصادر استخبارية، نشرت وسائل الاعلام الاسرائيلية، تقديرات بأن الاميركيين سيوجهون ضرباتهم ليس فقط لأفغانستان بل ايضا للعراق. وان هناك احتمالا بأن يرد العراق باطلاق صواريخ ارض ـ ارض نحو اسرائيل. وبأن هناك خطرا في ان تكون تلك الصواريخ ذات رؤوس تحمل مواد متفجرة غير تقليدية (الغاز السام او الاسلحة الكيماوية او البكتيرية او غيرها..).
وأثارت هذه التقديرات هلعا في صفوف الكثيرين. فتدفق الألوف الى الحوانيت لشراء المعلبات والمواد الغذائية المحفوظة والبقول المجففة وغيرها تحسبا لوقوع الحرب. وتضاعف عدة مرات عدد المواطنين الذين يتوجهون الى مراكز توزيع الكمامات وغيرها من ادوات الوقاية من الصواريخ الغازية، للسؤال والاستفسار او لتبديل الكمامات، علما ان قيادة الجبهة الداخلية في اسرائيل كانت تشكو منذ عدة سنوات من اهمال المواطنين لها واستخفافهم بطلباتها المتكررة. وفي كل اسرائيل بلغ عدد الزائرين في المراكز 2000 شخص يوميا، فارتفع في مطلع الاسبوع الى معدل 5000. وبلغ عدد السائلين بالهاتف 2000 يومياً، بينما لم يتجاوز في الماضي بضع عشرات.
وحاولت قيادة الجيش طمأنة المواطنين. فقالت ان كل ما يملك العراق من صواريخ ذات مدى بعيد هو 20 صاروخا وأربع قاذفات لهذه الصواريخ.
كذلك، فان هناك تقديرات امنية، ضعيفة جدا لكنها موجودة، تقول ان الاميركيين قد يوجهون ضربة الى ايران بوصفها احدى الدول التي تدعم الارهاب. وتخشى المصادر الامنية الاسرائيلية من ان ترد ايران على ذلك باطلاق صواريخها نحو اسرائيل، او على الاقل دفع حزب الله اللبناني لأن يطلق صواريخ متوسطة المدى باتجاه اسرائيل.