وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: سنتعاون مع الولايات المتحدة إلى أبعد الحدود في محاربة الإرهاب

TT

اكدت الحكومة السودانية مجددا انها ترفض بشدة مبدأ الارهاب والعنف، معتبرة ما تعرضت له الولايات المتحدة الاسبوع الماضي من اعتداءات «عملا غير انساني وغير اخلاقي ولا تقره كافة الاعراف والاديان لما فيه من قتل للابرياء وترويع للحياة الآمنة».

وطالب وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان في حديث لـ«الشرق الأوسط» بانزال اقصى العقوبات بمرتكبي هذه الاعمال بعد «التحقق بدقة وروية». واكد استعداد السودان للتعاون مع الاسرة الدولية الى ابعد الحدود من اجل القضاء نهائيا على هذه الظاهرة العالمية الخطيرة.

* هل تؤيدون إنزال العقوبة على المعتدين داخل اراضيهم؟

ـ ان موقف السودان حكومة وشعبا هو ادانة الاعمال الارهابية التي وقعت في الولايات المتحدة اخيرا، وهذا موقف نابع من توجهات البلاد السياسية التي تنبذ الارهاب بكافة اشكاله وصوره، ولعلي هنا اشير الى التقرير الذي قدمته الى المجلس الوطني حول توجهات سياسة السودان الخارجية، وتحديدا البيان الذي ادليت به حول ظاهرة الارهاب واوضحت فيه بجلاء موقف حكومة السودان من الارهاب حيث شددت من خلال البيان على ضرورة تكاتف المجتمع الدولي من اجل القضاء على ظاهرة الارهاب. وصدر هذا البيان قبل خمسة اشهر وكأني كنت اقرأ الاحداث مستقبلا. ان السودان يرفض بشدة مبدأ الارهاب والعنف كيف ما كانت المسببات، ويدعو لمعالجة الظاهرة من جذورها. فالارهاب سرطان العصر ولا بد من استئصال الداء ومسبباته وليس علاج الاعراض فحسب. وانطلاقا من هذه المفاهيم فان السودان يرى ان ما تعرضت له الولايات المتحدة اخيرا عمل غير انساني وغير اخلاقي ولا تقره كافة الاعراف والاديان لما فيه من قتل للأبرياء وترويع للحياة الآمنة، ولذلك فالسودان يدعو للتحقق بدقة وروية من اجل الوصول الى مرتكبي هذه الاعمال الاجرامية ومن ثم انزال اقصى العقوبات بهم، ولكن لا بد من ان تنحصر دائرة الاتهام في مرتكبي هذه الاعمال ولا تطال ابرياء دونهم حتى لا يعالج الارهاب بارهاب اكبر منه، واود ان اؤكد هنا ان السودان ظل وسيبقى متعاونا مع الاسرة الدولية الى بعد الحدود من اجل القضاء نهائيا على هذه الظاهرة العالمية الخطيرة، ولكن في ذات الوقت نحن نرفض تماما ربط هذه الظاهرة بدين او عرق لان هذا من شأنه ان لا يقودنا الى الحلول الجذرية، وارجو هنا ان اشيد بتصريحات الرئيس بوش ووزير الخارجية باول ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، والتي اكدت تفهم ضرورة عدم توجيه الاتهامات للعرب والمسلمين قبل التحقق، واهمية المعالجة الجماعية المتأنية لقضية الارهاب.

* هل اتخذتم هذا الموقف بمفردكم او كان هناك تنسيق مع الدول العربية؟

ـ السودان دوما يدعو اخوته العرب والافارقة لتنسيق موقف جماعي موحد ضد هذه الظاهرة ولا يفوتني هنا ان اشير الى ان موقف السودان هذا يأتي في اطار موقف جماعي ضمن اسرته العربية والاسلامية والافريقية وليس موقفا معزولا، فقد اجريت سلسلة من الاتصالات مع الامين العام للجامعة العربية، ورئيس الدورة الحالية لوزراء الخارجية العرب وزير خارجية الاردن ومع رئيس منظمة المؤتمر الاسلامي لهذه الدورة ومنظمة الوحدة الافريقية وعدد من الوزراء العرب والافارقة وفي الدول الغربية، حيث التقت رؤى الجميع على ضرورة اتخاذ موقف جماعي يناهض هذه الظاهرة الخطيرة، وينادي بالتحقيق الدقيق وضبط النفس وعدم الاقدام على اي عمل يأتي في اطار رد الفعل قبل اكتمال التحقيقات، خاصة ان هناك سابقة في هذه الخصوص، وهي احداث اوكلاهوما عندما وجهوا الاتهامات جزافا الى العرب والمسلمين ثم ما لبثوا ان اكتشفوا ان منفذ الهجوم هو ماكفاي الابيض غير العربي وغير المسلم، وهذا هو ما يدعونا لان نشدد على ضرورة عدم ربط الارهاب بأي دين او عرق، فالارهاب ظاهرة عالمية ومعالجتها لن تتم الا عبر تعاون دولي تتكاتف فيه جهود الدول والمنظمات الدولية والاقلمية من اجل مجتمع اكثر عدلا وخال من الارهاب واعمال العنف.

* هل لديكم خشية من احتمال تعرض السودان الى عمليات عسكرية خاصة انه لا يزال مدرج في القائمة الاميركية للدول الراعية للارهاب؟

ـ يعلم الجميع ان السودان اصبح كتابا مفتوحا وقد زارت البلاد اخيرا عشرات الوفود الامنية والاستخبارية من الولايات المتحدة ووجدت تعاونا تاما منا، وقدمت تقارير ايجابية لحسن تعاون السودان، بل ان السودان الان في طليعة الدول التي تدعو لمحاربة الظاهرة وتبدي تعاونا جادا من اجل القضاء عليها قضاء جذريا وسبر أغوارها ومسبباتها.

* ما هي توقعاتكم لطبيعة الرد الاميركي؟

ـ نحن نطالب بانزال العقاب الرادع بالمعتدين. وكما اشرت فان تصريحات الرئيس بوش ووزير الخارجية باول تؤكد جميعها على ان الادارة الاميركية ستكون حريصة على تحديد الارهابيين بدقة وانزال العقاب بهم من دون ان يطال ذلك الابرياء.

* هل تعتقدون ان التطورات الاخيرة يمكن ان تساعد في تسريع عملية التطبيع في علاقات البلدين؟

ـ من الصعب التهكن بما يحدث بصورة قاطعة، ولكن ما حدث اخيرا ستكون له انعكاسات واسعة وتغيرات كبيرة على صعيد التعامل على الساحة العربية والافريقية والاسلامية وفي تقديري فان الولايات المتحدة تحتاج الى كل دولة في العالم لمواجهة الارهاب الدولي، وهذا بدوره يحتم ان تتعامل بشفافية وحيادية تجاه هذه الدول، واعتقد ان بالنسبة للقضية الفلسطينية فان وضعها سيتجه الى الايجابية، باعتبارها قضية تهم كل العرب والمسلمين ولا يمكن للعرب ان يقبلوا بمواصلة الارهاب الاسرائيلي ضد الفلسطينيين.