لبنان ينفي تسلمه لائحة أميركية بأسماء مواطنين لبنانيين متهمين بأعمال إرهابية

الحريري زار دمشق وتلقى اتصالاً من باول وسافر إلى باريس

TT

تلقى رئيس مجلس الوزراء اللبناني رفيق الحريري امس اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الاميركي كولن باول جرى خلاله عرض آخر التطورات الدولية الناجمة عن الاعتداء الذي تعرضت له نيويورك وواشنطن قبل اسبوع، اضافة الى طلب الولايات المتحدة من سائر الدول التعاون معها في مكافحة الارهاب.الا ان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري نفى بشكل قاطع ان يكون لبنان قد تلقى طلباً اميركياً لتسلم لبنانيين متهمين بالضلوع باعمال ارهابية، ولكنه اشار الى ان الاتصالات« ذات الطابع الامني» تضمنت بعض الاسماء لغير اللبنانيين دون ان يكون فيها اسم لبناني.

وجاء نفي بري بعد لقائه رئيس الجمهورية اميل لحود امس بحضور رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري واثر التصريحات التي ادلى بها السفير الاميركي لدى لبنان فنسنت باتل اول من امس واعلن فيها ان واشنطن سلمت لبنان وسورية منذ فترة طويلة اللائحة التي تتضمن اسماء المجموعات والمنظمات التي تعتبرها الولايات المتحدة ارهابية. كما اكد باتل ان في لبنان منظمات ارهابية اسمها وارد في اللائحة. وفي اعقاب اللقاء الثلاثي للرؤساء اللبنانيين ، اعلن تأجيل الجلسة الاسبوعية لمجلس الوزراء المقررة اليوم الى عصر الاثنين المقبل في 24 سبتمبر (ايلول) «بسبب سفر رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري الى الخارج».

وقال بري لنواب سألوه عن اسباب تأجيل جلسة مجلس الوزراء، انها ارجئت لان رئيس الحكومة سيكون خارج البلاد لاسباب تتعلق بما دار في الاجتماع الرئاسي في القصر الجمهوري امس.

وبالفعل توجه الرئيس الحريري ظهر امس الى دمشق. وصدر عن مكتبه الاعلامي البيان الآتي: «قام رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري ظهر اليوم (امس) بزيارة خاطفة الى دمشق التقى خلالها كبار المسؤولين السوريين لاستكمال البحث في تدعيم التعاون بين البلدين والتطورات الاخيرة على الساحتين العربية والدولية. ويغادر الرئيس الحريري دمشق عصر اليوم (امس) متوجها الى العاصمة الفرنسية باريس التي يعود منها في نهاية هذا الاسبوع».

وكانت معلومات صحافية قد ذكرت أن اللائحة التي سلمها السفير الاميركي ، باتل ، الى مسؤولين لبنانيين تتضمن اسماء افراد ينتمون الى «منظمات ارهابية» تعمل على الساحة اللبنانية بينها تنظيم «القاعدة» الذي يتزعمه اسامة بن لادن، اضافة الى اسمي اللبنانيين عبد الهادي حمادي المتهم بتفجير السفارة الاميركية ومقر «المارينز» في بيروت في العام 1983، وعماد مغنية مسؤول الامن السابق في «حزب الله» المتهم باختطاف طائرة «T.W.A» الاميركية في العام 1984 وقتل احد رجال الامن المولجين بحراستها.

وافادت المعلومات ان واشنطن طالبت في رسالتها الحكومة اللبنانية بالتعاون في منع انشطة «حزب الله» باعتباره «منظمة ارهابية وفيه اشخاص هددوا مصالح الولايات المتحدة». وقد تزامن هذا الطلب مع حديث تلفزيوني ادلى به وزير الخارجية الاميركية كولن باول اول من امس قال فيه «ان الحزب يمثل تهديداً للمنطقة» الامر الذي استدعى رداً سريعاً من «حزب الله» الذي اصدر بياناً في ساعة متأخرة من ليل اول من امس اتهم فيه السياسة الاميركية بمواظبتها على «الصاق التهم بحركات المقاومة والتحرر الوطني وبجميع الذين يقاومون الاحتلال ويسعون الى حرية شعوبهم واستقلال بلدانهم، فيما تغض النظر عن التهديد الذي يمثله الكيان الصهيوني على مستوى المنطقة وما يرتكبه الاحتلال الصهيوني في فلسطين من مجازر ومآسٍ بحق المدنيين العزل والابرياء».

وقد رفعت السلطات اللبنانية وتيرة اهتمامها بالتطورات الاقليمية والدولية امس بغية تدارك اي انعكاسات يمكن ان تتركها هذه التطورات على مجمل الاوضاع في المنطقة في ضوء التحضير الاميركي الجاري لتوجيه ضربة عسكرية الى زعيم تنظيم «القاعدة» اسامة بن لادن المشتبه به الرئيسي في قضية الهجمات الانتحارية الاخيرة في نيويورك وواشنطن.

وافاد بيان وزعه المكتب الاعلامي للحريري انه كرر لوزير الخارجية الاميركي «ادانة لبنان، حكومة وشعباً، لكل عمل ارهابي، متمنياً ان تولي واشنطن اقصى الاهتمام لاعادة اطلاق العملية السلمية في الشرق الاوسط بالتوازي مع تحركاتها لتشكيل حلف عالمي لمواجهة الارهاب». واكد الحريري للوزير باول ايضاً «ضرورة العودة الى مقاربة شاملة لعملية السلام مبنية على الشرعية الدولية ومبدأ الارض مقابل السلام وقرارات الامم المتحدة 242 و338 و425».

واكدت المصادر الرسمية اللبنانية ان لحود وبري والحريري اتفقوا على ان يجري لبنان «اتصالات مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة لتقويم الوضع». واشارت الى انه كان من المقرر ان يحضر وزير الخارجية محمود حمود هذا اللقاء، لكن وعكة المّت به وحالت دون حضوره.

وكان باتل الذي التقى اول من امس كلاً من نائب رئيس الحكومة عصام فارس ونائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي وامين عام وزارة الخارجية زهير حمدان، قد التقى رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري مساء اثر عودة الاخير من زيارة دمشق. وسلمه رسالة من الادارة الاميركية «تتعلق بآخر التطورات الدولية الناجمة عن الاعتداء الذي تعرضت له نيويورك وواشنطن». وقد لفت الحريري السفير الاميركي الى ضرورة ان تولي واشنطن اقصى الاهتمام لاعادة اطلاق العملية السلمية في الشرق الاوسط بالتوازي مع تحركاتها لتشكيل حلف عالمي لمواجهة الارهاب.

وقد اكد مصدر مطلع لـ «الشرق الاوسط» ان السفير الاميركي تطرق في مباحثاته مع كبار المسؤولين اللبنانيين الى ما آلت اليه التحقيقات في احداث الضنية التي وقعت نهاية العام الماضي واستشهد خلالها سبعة عشر جندياًَ وضابطاً في الجيش اللبناني اثناء مطاردتهم لمجموعة اصولية مسلحة تبين ان زعيمها اللبناني بسام الكنج المعروف بـ «ابو عائشة» الذي قتل اثناء الاشتباكات، تربطه علاقة جيدة باسامة بن لادن وتردد انه سبق ان زار افغانستان اكثر من مرة وشارك في القتال ضد القوات الروسية. وتوقف المصدر المطلع هنا عند كلام بري حول «تداول اسماء غير لبنانية» في اشارة واضحة الى الارهابيين «المتخفين» داخل المخيمات التي يحظر على السلطة اللبنانية دخولها لعوامل اقليمية ومحلية لم تعد خافية على احد، من دون اغفال المسبب الرئيسي لهذا الوضع الا وهو اسرائيل التي تحول دون عودة اللاجئين الى اراضيهم وبالتالي ابقاء هذه المخيمات «قنابل موقوتة» على حد قول الرئيس لحود.

وفيما يؤكد المصدر ان المسؤولين اللبنانيين كرروا على مسامع السفير الاميركي ما بذله لبنان لمكافحة الارهاب منطلقين في ذلك من احداث الضنية، حيث لم تكن المصالح الاميركية معرضة هناك لاي خطر، الا انه استغرب ما صدر عن السفير اخيراً من تصريحات تتناقض مع ما قاله قبل ايام حين اعلن بعد ساعات على حصول عمليات التفجير في واشنطن ونيويورك أن «الرعايا الاميركيين الموجودين في لبنان في امان وسلام وهم مستمرون في اعمالهم بشكل طبيعي». وقال احد الوزراء لـ«الشرق الاوسط» ان التحرك اللبناني الذي نشط امس ازاء التطورات الاقليمية والدولية الجارية، هو تحرك منسق مع القيادة السورية، ذلك ان ما طلبته واشنطن من بيروت من تعاون في مجال الحملة التي تعد لها لمكافحة الارهاب هو نفسه الذي طلبته من دمشق. وهذا ما استدعى حصول تشاور بين البلدين.

واضاف هذا الوزير ان الطلب الاميركي من بيروت التعاون وتسمية منسق لهذا التعاون« ليس مزحة». ولذلك كان هذا التحرك اللبناني في اتجاه دمشق والذي سيتوسع ليشمل لاحقاً الدول العربية وكذلك الدول الصديقة وعلى رأسها فرنسا التي توجه اليها الحريري عصر امس ليقابل الرئيس الفرنسي جاك شيراك فور عودته من واشنطن.

ولم يستبعد الوزير نفسه انعقاد قمة عربية طارئة اذا اقتضى الامر للبحث في موقف عربي موحد مما تطلبه الادارة الاميركية من الدول العربية في شأن مكافحة الارهاب، وكذلك للبحث في ما يتعرض له الرعايا العرب والمسلمون في مختلف القارات والدول منذ حصول الهجمات الانتحارية على مركز التجارة العالمي في نيويورك ومقر وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) في واشنطن الاسبوع الماضي والاشتباه بوقوف تنظيم «القاعدة» الذي يقوده اسامة بن لادن وراء هذه الهجمات.

ورداً على سؤال عما اذا كانت السلطات قد تسلمت من الولايات المتحدة لائحة باسماء لبنانيين ينتمون الى تنظيم بن لادن، قال الوزير اللبناني ان ما طلبته واشنطن هو ان يسمي لبنان منسقاً للتعاون في موضوع مكافحة الارهاب، وان الادارة الاميركية تضع سنوياً لوائح باسماء اشخاص تشتبه بتورطهم في عمليات ارهابية ضد مصالحها او مصالح غيرها وتسلمها الى هذه الدولة المعنية او تلك، موضحاً ان اللائحة الموجودة لدى السلطات اللبنانية ليست جديدة وان السفير الاميركي في بيروت فنسنت باتل قال انها لائحة قديمة.