السلطات الأميركية تبحث عن رجل أشيب باعتباره المنسق المحتمل لهجمات نيويورك وواشنطن

منفذو الاعتداءات أنفقوا 200 ألف دولار على عملياتهم وتسببوا في خسائر بمليارات

TT

قال مسؤولون كبار امس ان السلطات الاميركية تبحث عن رجل يشتبه في أنه لعب دورا في تنظيم الهجمات الارهابية على البنتاغون ومركز التجارة العالمي.

وقدم المسؤولون بعض التفاصيل لوصف الرجل، غير انهم ذكروا ان شهود عيان في ولايتين على الاقل افادوا بأنهم رأوا رجلا يخط الشيب شعره قام بزيارة للمختطفين المشتبه فيهم خلال الاشهر التي سبقت الهجمات.

ويحاول المحققون معرفة ما اذا كان هذا الرجل، الذي لا تعرف هويته، قد ساعد على تنسيق عمليات اختطاف الطائرات الاربع يوم الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) الحالي.

وبينما لا تتوفر معلومات كافية، فان المحققين يتابعون هذا الاتجاه في عملهم، لانه يتماثل مع نموذج ظهر في هجمات سابقة قام بها أسامة بن لادن، حيث وصل شخص مهم الى مسرح العمليات وأعطى توجيهات للقائمين بالعمليات الانتحارية. يذكر ان بن لادن يعتبر المشتبه الرئيسي في هجمات الاسبوع الماضي.

وقال المسؤولون ايضا ان الهجمات التي ادت الى خسائر اقتصادية تقدر بمليارات الدولارات لم تكلف القائمين بها اكثر من 200 ألف دولار وفقا لتقديرات اولية قام بها محللون ماليون. ويبدو ان الاموال التي انفقت على العمليات دفعت كأجور للتدريب على الطيران بالنسبة لبعض المختطفين التسعة عشر، فضلا عن اسكانهم وسفرهم واستئجارهم السيارات، وتكاليف معيشة اخرى، وكذلك تكاليف اخرى محتملة للمشاركة في الاعداد للجريمة وتنفيذها.

وعلى الرغم من ان هذه التكاليف قليلة، فانه يعتقد انها اكبر من التكاليف التي انفقت على هجمات سابقة مرتبطة بأسامة بن لادن.

ويقارن المحققون حدود عمليات الاختطاف الاخيرة بالعمليات الاخرى التي يشتبه ان بن لادن ادارها، ويكتشفون، في هذا الاطار اوجه تشابه واختلاف. فوصول زعيم كبير ادار الترتيبات النهائية للهجمات، مثلا، ظهر في تفجير سفارتي الولايات المتحدة شرق افريقيا عام 1998، وكذلك العملية غير الناجحة في الالفية الثانية العام الماضي.

واضافة الى التفكير في دلائل جمعت من اعمال ارهابية سابقة قام بها تنظيم القاعدة، وهي المجموعة التي يتزعمها بن لادن، يبحث المسؤولون عن مفاتيح في عمليات كبرى ربما تكون مجموعات ارهابية اخرى نفذتها خلال العقد الماضي.

فالمحققون يقولون، مثلا، انهم يقارنون بين تقديرهم لكلفة العمليات الاخيرة البالغة 200 ألف دولار، وكلفة الهجوم على مركز التجارة العالمي عام 1993 التي يقدرون انها تراوحت بين 20 إلى 40 ألف دولار. وكان هجوم عام 1993 على مركز التجارة العالمي قد نفذ على يد مجموعة يتزعمها رمزي احمد يوسف، ولم يجد المحققون اي دليل مباشر على تورط بن لادن في تلك العملية»، ولكن المقارنة بين الكلفتين تظهر المعيار النسبي للهجومين على مركز التجارة العالمي.

فالكلفة الاعلى لهجمات الحادي عشر من الشهر الحالي تعني ان المخططين والمنفذين تركوا خلفهم آثارا مالية لا يصعب تعقبها، اكثر مما ترك القائمون بالعمليات السابقة. ويقول المحللون ان لديهم معلومات عن حسابات مصرفية وبطاقات ائتمان، ومعلومات عن اقامات في فنادق وتأجير سيارات. ويتوقع المحققون مشاكل عندما يحاولون اقتفاء آثار هذه السجلات في الخارج، وخصوصا في الشرق الأوسط.

ويضيف المحققون انهم مندهشون من الفوارق في المهارات والخلفيات بالنسبة لمنفذي الهجمات الاخيرة، اذا ما قورنت بالمشتبه بهم في الهجمات السابقة.

فالاشخاص الذين نفذوا العمليات الانتحارية الاخيرة كانوا، الى حد ما، اكبر عمرا، وأكثر تعليما من السابقين، بل ان بعضهم ربما كانوا متأثرين بنمط الحياة الغربي.

وذكر مسؤول حكومي رفيع المستوى امس ان المحققين اكتشفوا ان بعض المختطفين كانوا قد زاروا لاس فيجاس، حيث مارسوا العاب القمار وحضروا بعض العروض الفنية المسلية.

ويدرس المحققون ايضا اوجه التشابه المحتملة بين عمليات الاختطاف الاخيرة والعملية الفاشلة التي تزعمها يوسف عام 1995 بهدف تفجير طائرات اميركية مدنية فوق الاطلسي. وقال المحللون ان مختطفي عام 1995 حللوا بدقة الخطوط الجوية التجارية قبل ان يستهدفوا رحلات معينة. ويشير المسؤولون الى انه يبدو ان مختطفي الحادي عشر من سبتمبر فعلوا الشيء ذاته.

وقال مسؤول حكومي كبير ان المحققين يراجعون سجلات شركات الطيران لمعرفة ما اذا كان اي من المختطفين او المشاركين في الجريمة كانوا قد سافروا في السابق على الخطوط الجوية ذاتها. كما يدرسون سجلات شركات اخرى لمعرفة ما اذا كان اي من المشتبه فيهم قد سافر على متن طائرات هذه الشركات.

ويقول المحللون انهم ما زالوا غير متأكدين بشأن هويات جميع المختطفين ويعتقدون ان بعضهم ربما استخدم وثائق مزورة او مسروقة للدخول الى اراضي الولايات المتحدة. واجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقات مع جيران وصديقات ومديري مدارس التدريب على الطيران ممن كانوا على علاقة او معرفة بالمختطفين، ولكن لم يجد المحققون، حتى الآن، اي شخص يقول انه كان على علم مسبق بالعمليات.

ويضيف المحققون انهم بدأوا بالتعرف على معلومات أوسع حول الكيفية التي تصرف بها المختطفون على متن الطائرات في يوم تنفيذ الهجمات. ويبدو ان الطائرة قد وصلت الى ما يسمى بارتفاع الرحلة، وكانت تخضع لقيادة اوتوماتيكية قبل حدوث عملية الاختطاف.

غير ان المحققين يقولون انهم يفترضون امتلاك المختطفين بعض مهارات الطيران. وقد قاموا بهذا التقييم لأن المهارات الملاحية ضرورية لمعرفة التوجهات الصحيحة بالنسبة لأهداف المختطفين بعد ان وصلت الطائرات الى ارتفاع عال. وهذا الارتفاع العالي يجعل من الصعب التعرف على وجه الطائرة باستخدام العلامات الارضية المرئية. وهكذا كان يتعين على المختطفين ان يوجهوا الطائرات في الاتجاه الصحيح نحو اهدافهم.

وقال المحللون ان الطائرة التي ضربت البنتاغون كانت اولا تطير من الغرب الى الشرق فوق البنتاغون على ارتفاع خمسة آلاف قدم، ثم قامت بانعطاف نحو اليمين، وأدارت اتجاهها الى الخلف لتصطدم بالمبنى.

ويقول المحللون انهم مندهشون من اجراءات الامن التي احاطت بالعملية، والتي منعت المسؤولين في المخابرات والسلطات القانونية من الكشف عن العملية. فمكتب التحقيقات الفيدرالي لم يجد، حتى الآن، سجلات كومبيوترية، او اية وثائق اخرى تركها المختطفون، ويمكن ان تفسر العملية. ويضيفون ان هناك عددا قليلا من تسجيلات المكالمات الهاتفية والاتصالات الاخرى تظهر ان مجموعات المختطفين الاربع قد اتصلت مع بعضها بعضا.

ويعكس الصندوق الاسود الذي تم العثور عليه في موقع تحطم طائرة الرحلة 93 للخطوط الجوية المتحدة افضل امل لاكتشاف معلومات عن اي من الرحلات الاربع.

وقد قام المدعي العام جون اشكروفت ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي روبرت مولر بزيارة الموقع في ستوني كريك تاونشيب بولاية بنسلفانيا امس. وقال مولر ان مكتب التحقيقات الفيدرالي ومجلس سلامة النقل الوطني يقومان بالاطلاع على المحادثات التي تضمنها مسجل الرحلة. ويعتقد المحللون الآن ان بعض المسافرين على تلك الرحلة قاوموا المختطفين، مما ادى الى تحطم الطائرة في منطقة ريفية.

واضاف مولر: «استعدنا تسجيل معطيات الرحلة، وكذلك الاصوات المسجلة، ونقوم مع مجلس سلامة النقل الوطني بتحليل الحوارات القليلة المسجلة وتفسيرها»، مشيرا الى سماع اصوات اشخاص اجانب. واضاف مولر انه وأشكروفت يعتقدان ان المسافرين كانوا «أبطالا حقيقيين»، وأن أفعالهم خلال الرحلة كانت «أفعالا بطولية».